يستمرّ النقاش حول الدراسات والمقترحات المقدمة من الشركة العامة للدراسات والاستشارات الفنية المكلفة إعداد المخطط التنظيمي الجديد لمدينة حلب وفق رؤية عصرية ونظرة مستقبلية أكثر حداثة وتطوّراً تراعي الجوانب الاستثمارية والتجارية والسياحية للمدينة مع الحفاظ على هويتها وصبغتها الأثرية والتاريخية.

من المؤكد أن  الحرب الإرهابية التي ضربت أجزاء كبيرة من مكوّنات البنية الفوقية والتحتية للمدينة فرضت واقعاً جديداً ينبغي التعاطي معه بدقة متناهية وبحرفية وتقنية عالية وخاصة فيما يتعلق بآليات الربط بين جديد وقديم المدينة دون المساس بهويتها التاريخية وبمستقبل الضواحي السكنية والعشوائيات والمخالفات.

من هنا تتأتى أهمية الدراسة الجديدة التطويرية للمخطط التنظيمي التي يعوّل عليها الكثير في تجاوز أخطاء الماضي وتشخيص الواقع الراهن وتحديد نقاط القوة للارتكاز عليها والانطلاق منها وتبيان نواحي الخلل والقصور في المخطط التنظيمي لعام (2012) لتجاوزها.

وفي سياق متصل تبرز أهمية التعاطي الجدي والموضوعي مع جدلية مناطق السكن العشوائي التي زاد عددها على (25) منطقة في المدينة كانت على الدوام الخاصرة الرخوة لمدينة حلب ولم تفلح كل الجهود السابقة في إيجاد الحلول المقبولة لها، والمطلوب أمام الواقع الراهن وما لحق بهذه المناطق من دمار هائل بسبب الإرهاب وضع رؤية متطورة ذات نظرة مستقبلية تراعي الناحية الجمالية والسكنية للمدينة وفي الوقت ذاته تحافظ على حقوق سكان هذه المناطق.

ولعل ما هو مطروح حالياً على طاولة البحث كمرحلة أولى للمشروع الذي يمتد على مساحة (3200) هكتار ويرسم خطوطه وحدوده نحو (112) مهندساً وخبيراً حسب البعث وينفّذ على ثلاث مراحل لناحية الاستفادة من الأشرطة الاستثمارية وإحداث مواقع وجزر استثمارية نوعية بمواصفات عالمية من ضمنها إنشاء تجمعات سياحية شعبية وربطها بشبكة طرقية عبر مداخل المدينة الأربعة بمعايير ومقاييس دولية، لا بد أن يخلق مناخات جديدة وطموحة للاستثمار السياحي والتجاري، وهي خطوة متقدمة نحو تشجيع وجذب المستثمرين من داخل وخارج سورية لإقامة مشاريع ذات جدوى ومنفعة مشتركة شريطة أن تكون مدعّمة ومحصّنة بتشريعات وقوانين جديدة تضمن استمراريتها وإنتاجيتها.

وبين الرؤية والدراسة والتطبيق تبقى الآمال معلّقة بأن يكون المخطط التنظيمي الجديد هو الولادة الحقيقية لمدينة حلب التي يمكن من خلالها تجاوز أخطاء الماضي وآثار الإرهاب واستعادة ألق الشهباء التي طالما تغنى الشعراء والباحثون والمفكرون بجمالها ونظافتها وحسن بنائها، وتبقى العبرة في التخطيط السليم والتنفيذ الصحيح لنقل الرؤى والأفكار إلى حيز التطبيق العملي وهو ما يشكل تحدّياً ورهاناً لمختلف الجهات ذات العلاقة. ونجزم أن النجاح في هذا الأمر سيشكل انتصاراً خدمياً وتنموياً واجتماعياً واقتصادياً يؤسس لمرحلة جديدة ومبشّرة لحلب وأهلها، فهل سيتحقق هذا المشروع أم سيبقى في خانة الوعود والأمنيات والأقوال البعيدة كل البعد عن الأفعال؟.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات