عند الحديث عن المازوت المنزلي والآلية التي تمّ اعتمادها لتوزيع المادة في ريف دمشق ترتسم على الوجوه معالم الحيرة والعجز، ويترافق ذلك مع لغة التشكيك بمصداقية العمل وصحة الإجراءات المتّبعة، حيث تتكرر معاناة الناس وملاحقتهم المستمرة لبضع ليترات ضائعة بين “السرقة” الموصوفة من قبل جهات مختلفة، منها ما يتولى مهمّة إيصال المادة للناس وأخرى مستفيدة من تعقيدات التوزيع التي تظلم الموطن وتحيل حصته إلى خزانات بعض المتنفذين التي امتلأت حتى الآن بآلاف الليترات، وهذا ما يحتاج إلى وقفة مطولة خاصة إذا علمنا أن قسماً كبيراً من الكمية التي كانت مخصّصة لذوي الشهداء تمّ الاستيلاء عليها من قبل البعض وتحت أعذار وحجج مختلفة!!.
 العجز في تأمين المادة بات الحقيقة الأكثر واقعية داخل الشارع السوري في هذه الأيام، والذي على ما يبدو يستعد لتكرار سيناريو السنوات السابقة في تأمين المازوت من السوق السوداء وبأسعار خيالية، في حين ترصد وتوثق سجلات قوائم التوزيع مئات الآلاف من الليترات التي تتزاحم التساؤلات عن كيفية توزيعها والجهات المنتفعة منها، وهل وصلت فعلاً للناس رغم كل القرارات والتوجيهات التي صدرت بهذا الخصوص، ولا شك أن الفشل المتكرّر في تنفيذ هذه المهمّة يمكن أن نأخذه كدليل على ضعف أداء الجهات المسؤولة، وعلى حالة التخبّط الحاصلة في الواقع التنفيذي الذي يكشف تعرّض المواطن للسلب مرتين، أولاً.. عندما تخفّض الكمية التي حدّدتها مديريات المحروقات من 200 ليتر إلى 100 ليتر دون وجود توضيح، عدا عن كونه مؤشراً على استمرار الأزمة في هذا الشتاء، ويمكن القول إن الأيام القادمة ستشهد تصعيداً لأزمة المازوت المنزلي إذا ما تمّت زيادة المخصّصات لكل عائلة، علماً أن المحافظ أكد مراراً وتكراراً أن مواطن ريف دمشق سينعم بالدفء لتوفر كميات كبيرة.
وثانياً.. عندما يقوم الموزع “الصهريج” بالنصب على المواطن والتلاعب بالعداد حسب البعث ، حيث يتم شفط كمية تتراوح مابين 10 و20 ليتراً أثناء التعبئة، وللأسف يخضع المواطن للابتزاز عند اعتراضه على ذلك (إذا ما عجبك لا تعبي)، وما سهّل عملية الابتزاز قرار منع تعبئة البيدونات التي يمكن من خلالها كشف أي تلاعب بالكمية وخاصة للمواطنين المسجلين بشكل نظامي!.
ومن الواضح أن خطط الكثير من العائلات السورية في الحصول على الدفء الموعودة به ستفشل، فهي تقف الآن على أبواب الشتاء  دون أن تستطيع إرواء ظمأ خزاناتها المحرومة من المازوت لضعف قوتها الشرائية أولاً، ولغياب المادة بأسعارها الحقيقيّة من المحطات العامة والخاصة، ولوجود من يتحكم بتوزيع هذه المادة بعكس ما تشتهيه آمال وتطلعات المواطنين!

سيريا ديلي نيوز


التعليقات