على الرغم من  أن محافظة اللاذقية تعد الواجهة السياحية الأولى في سورية، إلّا أن عمر السياحة فيها لا يتجاوز مئة يوم تبدأ مع بداية الصيف وتنتهي برحيله.. مئة يوم تنتعش خلالها المنشآت السياحية في المحافظة وتحلّق أسعار الخدمات السياحية عالياً.

وعند أصحاب المنشآت السياحية حجتهم الجاهزة لتبرير ارتفاع الأسعار وهي أنهم مجبورون على فعل ذلك، وإلّا كيف سيعوضون خسارتهم عندما يدخلون في حالة السبات السياحي الشتوي، حيث لا سياحة في اللاذقية خلال الشتاء مع العلم أنها وجهة شتوية رائعة كما هي في الصيف، فهي تمتلك الكثير من مقومات السياحة بمختلف أنواعها على مدار فصول السنة، ناهيك أن السياحة الشتوية تشكل أحد الخيارات أو البدائل المتاحة لتنشيط القطاع السياحي وضمان استمرارية العمل وتشغيل المنشآت السياحية خارج الموسم السياحي الكاوي.
 في الواقع لا يوجد مقومات لكي يكون هناك سياحة وإشغالات خلال فصل الشتاء، يقول سيبوه قرة يعقوبيان صاحب منتجع "رزوق" في كسب: "شو ما عملنا ما بتوفي معنا"، إذ إن انقطاع الكهرباء في أغلب الأوقات يجعلنا نشتري المازوت بسعر السوق السوداء لتشغيل مولدات الكهرباء، ناهيك عن أن الانقطاع الطويل للمياه يدفعنا لشرائها عبر الصهاريج، ففي فترة عيد الأضحى المبارك اشترينا مياهاً بقيمة 250000 ليرة.

وأضاف: السياحة في الصيف والشتاء ليست سياحة بالمعنى الحقيقي للكلمة، وإنما هي عبارة عن سياحة "تنفيسية"، حيث يقصد الزبائن المنشآت السياحية يومي الخميس والجمعة فيما يكون المنتجع خاوياً بقية أيام الأسبوع، نحن نتعرض لخسارة كبيرة دفعت معظم المنشآت السياحية وخاصة الواقعة في الجبل إلى الإغلاق خلال الخريف والشتاء، والمصيبة أن لا أحد يشعر بنا.

ةوأكد  يعقوبيان إلى أن عدداً كبيراً من أصحاب المنشآت السياحية طالبوا وزارة السياحة بأن تعفيهم من الرسم الكمالي، كما طالبوا المصارف بتأجيل تسديد أقساط القروض المستوفاة على منشآتهم إلّا أنهم لم يتوصلوا إلى نتيجة ترضي حالهم المتعثر أكثر من قروضهم.
 من ناحيته مديح العش صاحب فندق "أوديسا" على طريق صلنفة أكد أن السياحة الصيفية والشتوية على حد سواء فاشلة بسبب ابتزاز العمال لأرباب العمل وخاصة في الفترات التي يكون فيها إقبال، مضيفاً: إذا توجهنا بأي ملاحظة للعامل يهددنا بترك العمل، وليت الأمر يتوقف على العامل إذ إننا نتعرض إلى ابتزاز من بعض الجهات المعنية في المحافظة، والمصيبة الكبرى أن عامل النظافة يبتزنا أيضاً فإما أن نعطيه مبلغ 2000 ليرة وعشر لترات مازوت وإما أن يمتنع عن أخذ القمامة.

ونوه  العش إلى أن معظم المنشآت السياحية الواقعة في المناطق الجبلية تغلق خلال الشتاء بسبب ندرة الزبائن، عدا عن أن معظم العمال يتسربون ليعملوا في المدينة بسبب أن إيرادات المنشآت هناك أفضل بالنسبة لهم، ناهيك أن المنشآت الجبلية عندما تغلق يضطر العمال إلى البحث عن عمل آخر حتى تعود المنشآت للعمل في بداية الموسم السياحي.

المنشآت السياحية "خمس نجوم" الموجودة داخل المحافظة تعرف كما يبدو من أين تؤكل الكتف وكيف تتدبر أمرها في ظل انعدام السياحة الشتوية وركود السوق السياحي.

لين صقور مديرة قسم التسويق والمبيعات في فندق "روتانا أفاميا" قالت : لاشك أن حركة الإشغالات بدأت بالركود تدريجياً كلما اقتربنا من فصل الشتاء باعتبار أنه لا توجد هناك سياحة شتوية في المحافظة، لكننا في المقابل نقوم بما يجب علينا من عروض ونشاطات لجذب الزبائن، إذ نقوم حالياً بالعمل على موضوع "الكروبات" السياحية لتنشيط الحركة، وسنعلن قريباً عن صبحيات نسائية تتضمن إفطاراً صباحياً وبأسعار مدروسة، كما سنعلن عن القيام بدورات تدريب سياحي للشباب من أجل تأهيلهم نظرياً وعملياً وتزويدهم بخبرة عالمية للدخول إلى سوق العمل.

وعلى الرغم من  تخفيض أسعار الخدمات السياحية في الفندق إلى النصف تقريباً إلّا أن حركة الإشغالات خجولة، مشيرة إلى ازدياد أعباء المصاريف إذ يجب أن تبقى المطاعم والغرف وجميع الخدمات جاهزة على مدار الساعة رغم قلة الزبائن، مؤكدة أن العاملين في الفندق أساسيون ورواتبهم جيدة وقد زودناهم بخبرة عالمية ليست موجودة في أي مكان آخر.

 هذا السبات الشتوي ينهك العمال كما ينهك المنشآت السياحية، فقد أكد أمجد إبراهيم عامل في إحدى المنشآت السياحية أن أجره خلال فصل الشتاء بالكاد يكفيه ليتدبر أمر معيشته مع العلم أنه غير متزوج، مضيفاً: اعتمادنا خلال الموسم السياحي على ما نأخذه "كبخشيش" من الزبائن إلّا أنه في الشتاء وبسبب قلة الزبائن فإنه لا دخل إضافياً لنا وأجورنا قليلة.

علاء محمد عامل في مطعم أشار إلى أنه يعمل عملين لأن أجره من المطعم لايكفيه وهو بحاجة إلى دخل إضافي ليكفي حاجة عائلته، ناهيك عن أجور النقل التي يتكبدها باعتباره يسكن في قرية رأس البسيط مع العلم أنه يوجد مطاعم في الجوار إلّا أنها تغلق في الشتاء بسبب قلة الزبائن ما يجعل العمل فيها غير مستقر.

 من جهته الخبير في مجال السياحة باسل عبد الكريم أكد أن الاهتمام بالسياحة ليس مجرد كلام لما للسياحة من دور اقتصادي كبير، فقد يكون هناك اهتمام بهذا القطاع ولكن خطاه بطيئة ومتعثرة، وعزا السبب وراء فقر السياحة الشتوية إلى عدم وجود فعاليات اقتصادية في المحافظة تهتم بتنشيط السياحة الشتوية وعدم وجود آلية عمل مشتركة، والأهم من ذلك ضعف الترويج السياحي، فالدعاية السياحية للمحافظة تقتصر على فترة الموسم السياحي الصيفي فقط، علماً أن فترة الأعياد والمناسبات كثيرة في الشتاء.

ونوه  عبد الكريم إلى أن ضعف السياحة الشتوية يجعل المنشآت السياحية تعتمد فقط على الموسم السياحي في الصيف ما يؤدي إلى ارتفاع واضح في أسعار الخدمات السياحية خلال الموسم وذلك لتعويض الركود أو التوقف الذي سوف تتعرض إليه تلك المنشآت في الشتاء.
 من جهته رامز بربهان مدير سياحة اللاذقية قال : السياحة الشتوية في المحافظة ضعيفة مقارنة بالموسم السياحي رغم حرصنا خلال أشهر الركود على إقامة فعاليات ونشاطات مثل المؤتمرات العلمية والطبية، مضيفاً: حالياً تشهد المنشآت السياحية ضعفاً في حركة الإشغال، ويتفاقم الوضع ركوداً في تشرين الأول وتشرين الثاني وكانون الأول ليشهد تحسناً ملحوظاً قبل عشرة أيام من عيد رأس السنة وبعده بعشرة أيام أخرى، ثم يعود الركود مجدداً حتى شهر آذار.

كما اتهم بربهان أصحاب المنشآت السياحية بأنهم لا يعملون على تشغيل منشآتهم بالشكل السياحي الأمثل، ففي فصل الشتاء يجب أن يكون لدى المنشآت ما تعرضه لجذب السائح، مشيراً إلى أن هناك الكثير من المنشآت التي تقع في المناطق الجبلية تقوم بالتوقف عن العمل خلال فصل الشتاء واصفاً أصحابها بالضعفاء إذ يجب عليهم أن ينافسوا على مكانتهم في السوق السياحي.

وإحساساً بالضرر الذي تتعرض له المنشآت السياحية. لفت بربهان إلى أن مديرية السياحة تعمم في الشتاء نشرة أسعار مخفضة بنسبة تصل بين 25 إلى 40 % حسب سياسة كل فندق ومطعم ومنشأة، فيما أشار إلى أن المطاعم لا تخضع إلى نشرات تخفيض للأسعار.

المصدر الايام

سيريا ديلي نيوز


التعليقات