مجلس الشعب  استأنف جلساته  بعد توقف لأكثر من شهر ونصف الشهر بين نهاية الدورة العادية الرابعة وبداية الخامسة للدور التشريعي الثاني، وذلك برئاسة نائب رئيس المجلس نجدت أنزور وحضور رئيس مجلس الوزراء عماد خميس وعدد من الوزراء.. وأكد أنزور في مستهل الجلسة أهمية التعاون والعمل المشترك بين مجلس الشعب والحكومة لمتابعة أحوال المواطنين المعيشية والحياتية للوصول إلى الأهداف المرجوة وهي ضمان العيش الكريم لهم، متوجهاً بالتحية والتقدير لأبطال الجيش العربي السوري لإنجازاتهم وتضحياتهم العظيمة في سبيل دحر الإرهاب على مساحة الوطن.
وخلال الجلسة بدأ بعض النواب مداخلاتهم بمقدمات مطولة تمتدح الحكومة وتشكرها، مااضطر رئيس الجلسة للتدخل والتذكير بأن المجلس «ليس للمجاملة او الشكر هنا المكان لخدمة المواطن».

وحول  تحسين الوضع المعيشي للمواطنين وإمكانية زيادة الرواتب والأجور قال رئيس الحكومة : «تمت مناقشة هذا المقترح مع لجنة السياسات الاقتصادية، وتبين أنه من الممكن زيادة الرواتب لكن ما هي النتيجة إذا لم يكن هناك تنمية اقتصادية تسعى في مضمونها إلى تحقيق الموارد؟».
مضيفاً: «من أهم عناوين تفعيل عملية التنمية هو الإنتاج أولاً والمحافظة على استقرار سعر الصرف والقيام بإجراءات تشريعية لإعادة تفعيل الإنتاج الأمر الذي سوف يسهم في تحسين دخل المواطن بشكل ملموس».
وفي معرض رده على تساؤلات النواب بين خميس أن الحكومة السابقة استخدمت خلال السنوات الثلاث /2013 و2014 و2015/ ما يقارب 14 مليار دولار من الاحتياطي وازدادت معدلات التضخم بنسبة من مئة بالمئة إلى ألف بالمئة، في حين أن الحكومة الحالية «لم تصرف دولاراً واحدا منذ أكثر من عام، وذلك لأسباب إستراتيجية تتعلق بالحفاظ على موارد الدولة» مشيراً إلى تحقيق الثبات في الاقتصاد «ولم يحصل أي تضخم بل تحسن سعر الصرف». منوها  أن الجميع بات يشهد حالياً الحركة الاقتصادية المتزايدة وحالة النهوض والنمو في القطاعين العام والخاص وذلك بفضل الانتصارات التي يحققها الجيش العربي السوري.
وكان خميس قد استهل كلمته تحت قبة «الشعب» بالإشادة بتضحيات الجيش العربي السوري «إنّ ما تسطّره قواتنا المسلحة الباسلة وحلفاؤنا الأوفياء من مكاسب وبطولاتٍ عظيمةٍ في دير الزور، وفي ريفي حماة وحمص وعلى كافّة الجبهات، سيذكرها التاريخ الإنسانيّ بعرفانٍ كبيرٍ» فالدماء الطاهرة التي سالت في مواجهة الإرهاب على الأرض السورية أنقذتْ أرواحاً كثيرةً في مناطق مختلفةٍ من العالم».
وأضاف خلال خوضه غمار الحديث في السياسة: «آمنت سورية منذ بداية الأزمة بالحلّ السياسي، الذي يجمع السوريين تحت سقف الوطن، ويحمي مصالحهم وحقوقهم، ويصون وحدة أراضيهم واستقلال بلدهم، وانطلاقاً من هذا الإيمان الراسخ لم تدّخرْ جهداً، ولم تفوتْ فرصةً، إلا وحاولتْ استغلالها للخروج من هذه الأزمة وتدعيم بنية الجبهة الداخلية لمواجهة الإرهاب، الذي اتّخذ أوجهاً وأشكالاً كثيرةً». موضحاً أن سورية تجاوبت مع جميع الجهود والمبادرات «التي كان بعضها صادقاً وحريصاً على مصلحة سورية والسوريين كتلك الصادرة عن الدول الصديقة والحليفة، وكان بعضها الآخر ليس أكثر من مظلّةٍ لتمرير الإرهاب وتكريس التطرف وتعميم التفرقة».
مؤكدا  بأنه اليوم «وبفضل هذا الحرص والمسؤولية العالية والإنجازات الميدانية البطوليّة لقوّاتنا المسلّحة، حقّقتْ اجتماعات أستانا وجنيف تقدماً هامّاً، تأمل منه سورية وقف إراقة الدماء وعودة مؤسسات الدولة إلى جميع مناطق الجمهورية العربية السورية، وسيطرتها على كلّ الموارد والثروات، وإدارة شؤون تلك المناطق تحت السيادة الوطنية السورية، مع اعتبار كلّ وجودٍ أجنبيّ لا يحظى بموافقة الدولة السورية احتلالاً، يحقّ للحكومة السورية مقاومته بكلّ الوسائل المتاحة».

وفي عرض لما قامت به الحكومة خلال الفترة الماضية، فضّل خميس البدء بالحديث عن معرض دمشق الدولي مستعرضاً أهميته، منوهاً بأن الحكومة تعمل على «إعادة بناء الاقتصاد السوري والتخطيط له، ليس للعودة إلى ما كان عليه قبل الحرب، وإنما لمعالجة الكثير من الاختناقات ونقاط القصور التي كشفتها الأزمة والتخطيط لتجاوزها نحو بناء اقتصادٍ قادرٍ على حمْل السياسة السورية وعلى صون القرار السيادي الذي تؤمن به الدولة السورية».
وفسّر المقاربة الحكومية للاقتصاد التي تقوم على «التخطيط لاقتصادٍ حديثٍ مبني على التشبيك المتوازن والمتناسق بين ثلاثة مكوناتٍ رئيسيةٍ هي: المكّون المؤسساتي والقطاعي والمكاني، فمن الضروري أن يقوم الاقتصاد على مؤسساتٍ عصريةٍ مرنةٍ وفعالةٍ يعزّزها برنامج الإصلاح الإداري وعلى قطاعاتٍ ذات مزايا نسبيةٍ وتنافسيةٍ تضمن الإنتاجية الأكفأ، وأيضاً على التخطيط المكاني، الذي يستثمر التنوع والغنى الجغرافي بما يسهم في إرساء مقومات التنمية المستدامة التي تصبّ في مصلحة السوريين كلّ السوريين».
مشيراً إلى توفير حوامل الطاقة لدعم العملية الإنتاجية وتحسين الواقع الخدمي للمواطنين والتحضير والاستعداد لإطلاق موجةٍ جديدةٍ من الدبلوماسية الاقتصادية «وقد قامت وزارة الخارجية بملاءمة هيكلها الإداري للقيام بهذا الدور، وإعادة تفعيل دور مجالس الأعمال السورية المشتركة لتعزيز وتطوير العلاقات التجارية والاقتصادية بين الجمهورية العربية السورية والدول الأخرى، وتسهيل إجراءات دخول المصدّرين ورجال الأعمال السوريين إلى الدول الأخرى لإتمام عمليات التبادل التجاري».
كاشفاً عن تحصيل ما يزيد على 50 مليار ليرةٍ من القروض المتعثّرة «وهو مبلغٌ سيصل إلى 70 ملياراً خلال الأيام القادمة» إضافة إلى تحصيل ما يزيد على 13 مليار ليرةٍ عبر إعادة تقييم بدلات استثمارات أملاك الدولة الممنوحة للقطاع الخاص (أي أن الإجمالي نحو 83 مليار ليرة).
رأى خميس في إطلاق القروض المخصّصة لتمويل العملية الإنتاجية دعماً للاستهلاك والطلب الكليّ لتحريك الدورة الاقتصادية، وفقاً للإمكانات المتوفرة وذلك بعد توقّفٍ استمرّ منذ العام 2012، مشيراً إلى أن الحفاظ على استقرار سعر الصرف، انعكس استقراراً مقبولاً على مستويات أسعار المواد والسلع في السوق.

طمأن خميس بأن مخازين الدولة من السلع الرئيسية والإستراتيجية كلّها أصبحت في الحدود الطبيعية والكافية، «الأمر الذي من شأنه تجنيب البلاد أي أزمات أو اختناقات». منوهاً إلى مساعي الحكومة لإعادة ربط آبار النفط وحقول الغاز وشبكات الكهرباء التي تتمّ استعادتها ووضعها في الاستثمار الوطني، بحيث تتمّ الاستفادة منها بشكلٍ سريع، وبما يسهم في تحسّن الواقع الخدمي الطاقوي من كهرباء ومحروقات، والذي تدعمه جملة مشاريعٍ تنفّذها وزارتا الكهرباء والنفط.
وفي مجال الصحة ذكّر خميس بتقديم خدمات الرعاية الصحية المجانية لجميع المواطنين رغم الصعوبات التي أفرزتها العقوبات الخارجية الظالمة والاستهداف الممنهج للمنشآت الصحية، حيث تم تقديم خلال النصف الأول من العام الحالي أكثر من 27 مليون خدمة طبية، وبكلفة تتجاوز 56 مليار ليرة، فضلاً عن الاستمرار بتنفيذ المشاريع الاستثمارية والبرامج الصحية في مختلف المحافظات والمناطق.
مائياً، طمأن خميس بتجاوز مسألة إصلاح وتأهيل ما دمر وخرّب، لتشمل توفير المزيد من مصادر المياه الآمنة والقيام بأعمال تأهيلٍ كاملةٍ وشاملة للمصادر القائمة، كتأهيلٍ منشآت نبع الفيجة بكلفةٍ تقديرية إجمالية حوالي7 مليارات ليرة، مع الاستمرار بحفر وتجهيز 36 بئراً لزيادة كميات المياه المؤمّنة لمدينة دمشق وريفها حيث تم حتى تاريخه الانتهاء من حفر 21 بئراً منها، وكذلك المباشرة بتأهيل منشآت وشبكات مياه حلب المتضررة في الخفسة وسليمان الحلبي وإعادتها للخدمة بكلفةٍ إجمالية نحو 8 مليارات ليرة، مع الاستمرار بتنفيذ مشروعات خطة الطوارئ لمدينة حلب بكلفةٍ تقديرية إجمالية نحو 13 مليار ليرة.
وتحدث عن معالجة الملفات المتراكمة في قطاع الإسكان، والمضيّ قدماً في مسار التخطيط الإقليمي المتوازن، مشيراً إلى أنه منذ بداية العام الحالي ولتاريخه «تم تخصيص 1349 مسكناً، ومن المتوقع أن يرتفع الرقم ليصل إلى 1846 مع نهاية شهر أيلول. كما تمّ فتح باب الاكتتاب على 1150 مسكناً ادخارياً في ضاحية الفيحاء، والتي تم تخصيص50 بالمئة من هذه المساكن لذوي الشهداء، وتم أيضاً توزيع 371 مقسماً من المقاسم السكنية في ضاحية الفيحاء».
وبالانتقال إلى قطاع النقل أشار خميس إلى زيادة عدد طائرات مؤسسة الطيران العربية السورية، وتشغيل الرحلات الداخلية والخارجية من وإلى مطار الشهيد باسل الأسد الدولي، والعمل على إعادة تأهيل المطارات الثلاثة في دمشق وحلب واللاذقية، ودراسة إمكانية إقامة مطار جديد في دمشق، وتشغيل قطار الشحن اللاذقية -طرطوس – حمص- وصولاً إلى شنشار، وإصلاح خط القطار ضمن حلب بطول 18 كم.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات