بمحاولة  تسليط الضوء على المعاناة التي يعيشها كل من يعمل بصفة (عامل منزلي):
اتصلنا بشركة للخدمات ، منتحلين صفة باحثة عن فرصة عمل، لنحصل على معلومات مفادها؛ أن الشركة المجهولة الاسم تُشغل فتيات عاملات منازل مقيمات حصراً في مناطق مختلفة من دمشق، لخدمة ورعاية أسر ميسورة الحال، منها أسر لديها أطفال وأخرى كبار سن وكذلك مقعدون، برواتب تصل إلى 80 ألف ليرة سورية شهرياً، وعطلة 3 أيام في الشهر.. الشركة تقابل الفتاة مرة واحدة قبل التوظيف، تدرس إمكاناتها من حيث العمر والشكل والخبرة والسكن وإمكانية الإقامة، تطلب منها إحضار صورة شخصية وصورة عن (الهوية) وأغراضها الخاصة، وترسلها إلى مكان عملها من دون عقد عمل يحفظ حقوقها أو تأمين إن حلّ بها أي مكروه، لا يتواصلون معها إلا مرة واحدة في بداية الشهر لتسليمها راتبها.. واستمرارها في العمل والحصول على فرص أخرى، مرتبطان بمدى مقدرتها على أن تكون مُطيعة في المنزل الذي تعمل فيه – وفقاً لتعبير موظفة الشركة.
 عدة صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» لتشغيل عمال وعاملات المنازل، وعلى سبيل المثال مكتب (مدام فلانة) للخدمات المنزلية.. اتصلنا بها، لنكتشف أنه مكتب وهمي، فـ (المدام) إياها لا مكتب لديها، بل تدير عملها من منزلها، تتواصل مع سيدات أخريات من معارفها، وتؤمن لهن عاملات للتنظيف والتعزيل، وتأخذ من هؤلاء السيدات مبالغ متفاوتة، وتخصص للعاملات لديها رواتب محددة، تقدرها هي حسب نشاط العاملة وسرعة استجابتها، وفقاً لما أجابت عنه صاحبة المكتب ذاتها لدى سؤالنا عن فرصة للعمل في مكتبها.
عدة شركات  بأسماء لامعة، مرخصة تحت تسميات مختلفة (خدمات– تنظيم– تنظيف وتعقيم…) تستقطب ضمن موظفيها عمال نظافة، لا تسجلهم على قيودها عمالاً بصفة رسمية، وإنما تشغلهم من دون عقود عمل، ولا تأمينات صحية أو اجتماعية، يعملون في خدمة التنظيف سواء في البيوت أو الشركات والمؤسسات، ضمن ورشات تضم عدة عمال أو بشكل إفرادي حسب حجم العمل، بعض تلك الشركات تلزم هؤلاء العمال بدوام يومي 8 ساعات براتب 40 ألف ليرة سورية في الحد الأعلى، وبعضها يتعامل معهم كعمال مياومة عند الطلب فقط..
حنان (26 عاماً) تعمل في إحدى تلك الشركات الضخمة منذ 3 سنوات، أكدت لنا أنها تشتغل كل هذه الفترة من دون عقد عمل، وأكثر ما تعانيه هو المعاملة السيئة من قبل المسؤول عن عمال النظافة في الشركة، وتهديده الدائم لهم بالطرد.أما جهاد (31 عاماً) فإضافة إلى عمله عامل نظافة في القطاع الحكومي، يشتغل لدى إحدى الشركات الخاصة في ورشات تنظيف منازل التي تطلبه في المهمات المستعجلة أو المسائية أو البعيدة – وفقاً لتعبيره – بأجور مختلفة حسب حجم العمل الذي يقدمه.
أم عهد (45 عاماً) تعمل في تنظيف البيوت منذ سنوات كثيرة لا تعرف عددها.. الحاجة دفعتها لدخول بيوت معارفها وجيرانها لمساعدتهم في أعمال المنزل مقابل قطعة ملابس مستعملة أو القليل من الطعام لها ولأطفالها الأربعة، ومن ثم اعتمدت على التنظيف وتعزيل البيوت مهنة تعيش منها، وتشكر الله على أنها تجد يومياً منزلاً على الأقل بحاجة إلى (لفاية) حسب تعبيرها، وتقول أنها تحصل على 1000 – 2000 ليرة يومياً حسب المستوى المادي للعائلة التي تعمل لديها، وقد يرتفع المبلغ أكثر من ذلك في حالات التعزيل.. وتؤكد أم عهد أنها لو لم تجد عملاً يومياً في تنظيف البيوت بين معارفها، لاضطرت إلى وساطة الشركات التي تشغل الخادمات في «بيوت الغرباء».
في لقاء  مع دالين فهد (مديرة القوى العاملة في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل)نوهت  إلى أنه من تاريخ صدور القرار رقم 20 لعام 2010 (الخاص بأحكام وشروط عمل المكاتب الخاصة لتشغيل العمال السوريين) وحتى اليوم، لم تتقدم أي جهة للحصول على رخصة، وفي حال وجود مثل هذه المكاتب فهي تعمل بطريقة غير مشروعة وليس لدى الوزارة علم بها. وعلى الرغم من وجود قوانين ناظمة للعمل بصفة عامل منزلي صادرة من وزارة الشؤون الاجتماعية، وهو القانون رقم 10 لعام 2014 الخاص بمكاتب التشغيل والعاملين المنزليين الذي ينظم عمل مكاتب تشغيل طالبي العمل المنزلي، ويحفظ حقوق العاملين فيه من خلال مواد تحدد العلاقة العقدية بين العامل المنزلي والمستفيد والمكتب وتحدد التزامات وحقوق كل الأطراف لكن آلية التنفيذ غير واضحة، بسبب عدم وجود مكاتب مرخصة حتى اليوم، وهنا تؤكد فهد أن الوزارة على استعداد لمتابعة أعمال تلك المكاتب غير المرخصة في حال ورود شكوى من أي مواطن أو جهة، وستعمل مديرية العمل في دائرة التفتيش المركزي على المتابعة حسب الشكاوى الواردة، لكن لم يرد للوزارة أي شكاوى حتى الآن بهذا الشأن.
وأضافت فهد أنه من الممكن أن تكون تلك المكاتب قد حصلت من وزارة الإدارة المحلية على موافقة لتشغيل عمال نظافة عبر مكاتب حاصلة على ترخيص من المحافظة.
بالتواصل مع فيصل سرور عضو مكتب تنفيذي في محافظة دمشق،أكد  إلى أنه لا يوجد مكتب أو محل يعمل في مدينة دمشق من دون حصوله على ترخيص من المحافظة، ولكن لا توجد تراخيص لمهنة تنظيف المنازل، وإنما تراخيص فقط لشركات تعمل في مجال النظافة، عددها محدود لا يتجاوز 5 شركات، حاصلة على ترخيص من المحافظة وكتاب تأهيل من وزارة الإدارة المحلية، تمارس أعمال النظافة ضمن ورشات تنظيف في الشوارع، الشركات، المؤسسات،الفيلات وغيرها، أما مهنة تنظيف منازل فلم يُمنح لأي جهة ترخيص بهذا الشأن.
وأضاف حسب تشرين : بكل تأكيد المكاتب التي تعمل في هذا المجال مُخالِفة، لأنها غير مرخصة ويحق للمحافظة إغلاقها بالشمع الأحمر، ويُفرض عليها كتابة تعهد بعدم ممارسة هذه المهنة لاحقاً. وتابع سرور: ما يحصل على أرض الواقع أن العديد من المكاتب التي تعمل في مجال تشغيل عمال المنازل تمارس عملها تحت اسم آخر،كمكتب تجارة عامة مثلاً، وتحصل على ترخيص لهذه المهنة ولكنها تضع إعلانات عن مهنة التنظيف من دون ترخيص حقيقي، وتالياً المكتب أو المحل مخالف، لأنه يمارس مهنة غير مرخصة، ويمكن إغلاقه في حال وجود شكوى مقدمة، لأن دوريات المهن والرخص لا يمكنها الكشف عن المحال المخالفة وتحديد المهن التي تمارسها، إلا في حال وجود إعلان عن مهنة غير التي رُخص لها، وهنا يصدر قرار بإغلاق المحل بالشمع الأحمر. وأوضح سرور أن المؤسسة العربية للإعلان تتعاون بشكل كبير في ضبط هذا الموضوع، عبر حجب إعلانات المهن غير المرخصة، فتطلب من الجهة الناشرة للإعلان التأكد من حصول الجهة المعلنة على ترخيص المهنة المعلن عنها أو السجل التجاري الخاص بالعمل، وذلك قبل نشر الإعلان، لكن المشكلة تكمن في ضبط إعلانات القطاع الخاص ووسائل التواصل الاجتماعي.

 

سيريا ديلي نيوز


التعليقات