بالرغم  من مضي ما يقرب من سبع سنوات على العقد الموقع ما بين محافظة دمشق وشركة سورية القابضة، والخاص بإنشاء برجين في منطقة البرامكة بدمشق، إلّا أن المشروع لم يبصر النور، وكل ما تحقق لم يكن أكثر من حفرة ضخمة.
بعد ما مضى من سنوات على البدء بالمشروع لم تجد شركة سورية القابضة سبيلاً لإنعاش مشروعها الحلم وإعادة روحه وإعماره لمواكبة ماتشهده سورية من شحذ الهمم للانطلاق بعملية إعادة الإعمار إلّا الاستعانة “بصديق” محافظة دمشق صاحبة العقار، وهاهي تطلب من محافظة دمشق تبرير التأخير في إنجاز المشروع، معتبرة أن هذا التأخير ناجم حصراً عن الظرف القاهر الذي تعيشه البلاد واقترحت عليها عبر مراسلات عديدة وحسب ما توافرت بعض المعلومات بتعديل عقد الاستثمار رقم 50 المبرم بتاريخ 15/12/2008 من صيغة الـــ BOT ليصبح عقد مشاركة، وأشارت الشركة إلى أنها ومنذ الأيام الأولى لتوقيع العقد وتصديق رئاسة مجلس الوزراء عليه استثمرت أموالاً طائلة وبذلت جهوداً غير مسبوقة، وفي سبيل ذلك استقدمت الشركة أبرز بيوت الخبرة في العالم لإعداد التصاميم المعمارية ودراسات السوق ودراسات الجدوى الاقتصادية وبرامج التمويل والتصاميم الهندسية التفصيلية، بل إنها قامت بحفر أرض المشروع وتدعيمها بالكامل فور استلام العقار، وتجاوز إجمالي ما استثمرته الشركة بين دراسات ومخططات هندسية وحفر وتدعيم وغيره 30 مليون دولار أمريكي، ولفتت إلى أن الحرب الظالمة التي شنت على سورية من دول التآمر وما نجم عنها من عقوبات أحادية الجانب أرغمت جميع الشركاء الخارجيين من استشاريين ومقاولين ومشغلي فنادق ومولات إلى إلغاء العقود بموجب شرط الظرف القاهر والوضع غير المستقر، ما كبد الشركة خسائر مبالغ مالية كبيرة استنزفت مواردها وجعل من المشروع الأيقونة حلماً صعب المنال لغياب القدرات الفنية.

وأكدت  الشركة أن سنوات الحرب أحدثت تغييرات جوهرية في المشهد الاستثماري والاقتصادي والديموغرافي السوري، لم يعد المشروع بشكله المتعاقد عليه مجدياً ولا حتى ممكناً وبات لزاماً إعادة هندسته بالكامل بما يتماشى مع المرحلة القادمة ومتطلبات السوق الجديدة وضمناً البرنامج الوظيفي والتصور المعماري والأدوات المالية. وأكدت الشركة أن التصور الجديد لمشروع “أبراج سورية” يمتلك فرصاً أكبر للنجاح لتحقيق موارد مستدامة ومجزية لمحافظة دمشق، وهو أكثر انسجاماً مع الواقع، إذ يلبي الاحتياجات المستجدة والمتوقعة، وأكبر قدرة على التأقلم مع المتغيرات، إذ إنه سينفذ على عدة مراحل تمتد على مدى تسع سنوات، وأكثر انصهاراً مع المجتمع المحلي إذ سيعتمد ما أمكن على الخبرات والموارد المحلية.

المهندس ثائر اللحام المدير العام لشركة سورية اعتبر في تصريح صحفي  أن مشروع “أبراج سورية” من أهم أركان الشركة، فمنذ توقيع العقد والشركة منشغلة في أسباب إنجاح المشروع حيث كان ممولاً ليكون أيقونة لدمشق وكان من المفترض أن تكون “أبراج سورية” كبرج إيفل، هذا كان يستوجب في ذاك الوقت تأمين مستلزمات النجاح التي لم تكن متاحة محلياً لهذا لجأت الشركة للتعاقد مع جهات خارجية، فالتصميم كان لشركة فرنسية والدراسات الهندسية كانت من نصيب شركة إقليمية فيما كانت دراسات الجدوى الاقتصادية من اختصاص شركة أمريكية، وقد نجم عن هذا الموضوع إبرام عقد شراكة مع شركة الجميرا الإماراتية لتكون شريكاً استراتيجياً في هذا المشروع من أجل إدارة أحد أبراج المشروع.

ونوه  مدير عام الشركة إلى أنه مع بداية الحرب على سورية عام 2011 كانت الشركة تقوم بأعمال الحفر في موقع المشروع حيث أنجزت أعمال الحفر والتدعيم في الشهر السابع من العام ذاته مع الإشارة إلى أن الشركة استلمت مواقع العمل بداية عام 2010.

وقال اللحام: بسبب الحرب والعقوبات الاقتصادية الجائرة المفروضة على سورية انسحب بعض الشركاء الاستراتيجيين وعلى مضض.

وأشار إلى أنه ومع بداية عام 2015 بدأت الشركة تعيد النظر وتدرس سبل إعادة المشروع إلى العمل من خلال صيغة جديدة تتناسب والوضع الجديد لسورية، فالشركاء لم يعودوا موجودين كشركة الجميرا الإماراتية والسوق السوري يشهد متغيرات كثيرة، لهذا بدأنا ننظر إلى المشروع بهوية جديدة تتناسب مع احتياجات سورية للمرحلة القادمة وليس بمرحلة ما قبل الحرب، بل بالإمكانات المتاحة الحالية فلم يعد لدينا في سورية خبرات هندسية تسمح بتشييد 60 طابقاً، لذلك بتنا مضطرين إلى إعادة النظر بصيغة المشروع مع اصرارنا أكثر من قبل على تنفيذه ولكن بملامح جديدة قابلة للتنفيذ ويخدم دمشق وسورية كلها.

وأشار  إلى التواصل مع الجهات الحكومية المتمثلة بــ”وزارة السياحة– محافظة دمشق” للاتفاق على الصيغة المناسبة بحيث يكون الجميع رابحاً في نهاية الأمر، مع الأخذ بعين الاعتبار أن لجنة شكلت منذ أشهر لإعادة النظر بالمشروعات الاستراتيجية المتعثرة بهدف دراسة الأسباب بقصد تذليلها وتوفير المناخ المناسب لعملية استمرارها، وقد تكون “أبراج سورية” من المشروعات الأولى التي يتوقع لها أن تقلع من جديد فهناك حفرية على عمق 20 متراً سوف تبدأ الشركة منها وهندسياً فهي أمام أمر واقع يمكن التعامل معه.

وحول تعديل عقد استثمار المشروع إلى عقد شراكة مع محافظة دمشق قال مدير عام شركة سورية القابضة حسب صحيفة الايام : الصيغة التي كانت معتمدة سابقاً لدى وزارة السياحة بأن تكون المشروعات بصيغة الـــBOT ولكن هناك مشكلة في هذه الصيغة، وهي أن العقد لا يستطيع تأمين التمويل المصرفي اللازم فالمصرف لا يعترف بعقد الــBOT كضمانة والجهات الحكومية لا تستطيع تقديم ضمانات لشركائها، فالعقود القائمة على الشراكة تصبح ضماناتها أسهل، إذ إن المشروعات الناجحة هي تلك التي أنشئت بصيغة الشراكة في حين المشروعات التي تعتمد على الـــBOT تتعثر أمام التمويل المصرفي.

ونوه إلى أن العقد الحالي بحاجة إلى إعادة النظر ببعض ملامحه، فالمشروع الذي قدرت تكلفته بأكثر من 325 مليون دولار كان من المفترض أن يكون قد أنجز ووضع في الاستثمار الفعلي حسب ما كان مقرر عام 2016، ونفى اللحام أن تكون هناك عقود موقعة مع بعض المصارف لتمويل المشروع وما جرى هو عبارة عن مذكرات تفاهم مبدية المصارف استعدادها لتقديم المساعدة اللازمة بعد الاطلاع على أوراق المشروع لمعرفة إذا كان شراكة أم BOT، مؤكداً أن المصارف لم يعد لديها المقدرة للتمويل كالسابق بسبب انخفاض سعر الصرف.

تعليقاً على اقتراح شركة سورية القابضة بإقامة شراكة مع محافظة دمشق، قال المحامي فيصل زهير سرور عضو المكتب التنفيذي في محافظة دمشق المسؤول عن قطاعي التخطيط والمالية: المحافظة تنظر إلى كل أملاكها المعدة للاستثمار بعين التفاؤل في المستقبل وذلك من خلال الاهتمام الحكومي الخاص بأملاك الوحدات الإدارية وضرورة معالجة أوضاعها بشكل كامل لتحقيق المردود الأمثل والحقيقي

وعزا سرور إلى توقف وتأخر هذا المشروع ومشروعات الـــBOT أسوة بغيرها من المشروعات السياحية إلى ما تتعرض له سورية من حرب تركت آثارها السلبية على البشر والحجر، وأن تفاؤل المحافظة يكون على خلفية ما يوليه السيد رئيس مجلس الوزراء من اهتمام شخصي بحل كل العقبات وتذليلها من أجل إنجاح مشروعات الوحدات الإدارية، ويأتي نجاح هذا المشروع “أبراج سورية” من خلال تأمين التمويل اللازم له ومن خلال السماح له بالرهن العقاري بضمانة الأرض، مبيناً أن وزارة السياحة تسعى قبل الأزمة لحل هذه المعضلة القانونية الحالية مع المصرف المركزي والمصارف الأخرى، وحول الشراكة مع شركة سورية القابضة لفت إلى أن المحافظة منفتحة على تشجيع الاستثمار إلّا أن هكذا موضوع يحتاج إلى قرار من المجلس الأعلى للسياحة.

 

سيريا ديلي نيوز


التعليقات