ألحقت سنوات الحرب أضراراً بالغة بالطرقات العامة الرئيسية منها والفرعية الخدمية في المدينة الواحدة، وفي كافة الوحدات الإدارية، وفي  الوقت ذاته ما زالت  البعض من هذه الطرقات بحالة جيدة، وتقوم الجهات المعنية بترميم ما يمكن ترميمه، لكن ما يلفت النظر في العديد من هذه الترميمات أنها لا تخضع لمعايير ثابتة، وإنما تلفها العلاقات الشخصية والمحسوبيات حتى في البلدة الواحدة، ما يسيء إلى روح العمل الجماعي وخطط الحكومة.
فطريق عام مصياف حمص، ليس على ما يرام، فهو أشبه بالمصيدة للآليات والمسافرين، لكن في الوقت ذاته، هو ليس طريقاً مركزياً، وإنما طريق زراعي إجباري في ظل إغلاق طريق عقرب الحولة، ومع ذلك قامت مديرية الخدمات الفنية في حماة بصيانته عدة مرات، لكنه غير مؤهل ومخصص للآليات الثقيلة، فهو ضيق ومتعرج جداً، وتغلب عليه المنحدرات بدءاً من بلدة عوج، مروراً بمريمين وقرمص.
أما إذا ما أردنا الحديث عن الطرقات داخل الوحدات الإدارية، فيبدو الحديث أكثر مرارة لعدة أسباب، يأتي في مقدمتها ضعف الإمكانيات المادية لدى هذه الوحدات الإدارية من جهة، وتعذر تأهيل هذه الطرقات من قبل مديرية الخدمات الفنية لوحدها من جهة ثانية، وارتفاع أسعار المواد بشكل جنوني، كما قال المهندس محمد مشعل مدير خدمات حماة، فما هو واقع الطرقات العامة المركزية والفرعية منها؟.
يعتبر طريق عام حمص مصياف، مروراً ببلدات القبو وبرشين وغيرها من القرى التابعة لمحافظة حمص، وصولاً لبلدات ريف حماة من أسوأ الطرق، إن لم نقل الممرات الإجبارية، فهو مزيج من الحفر والمطبات والتقاطعات والتعرجات فضلاً على أنه ضيق جداً، لا تستطيع حافلة تجاوز أخرى إلّا بشق الأنفس، وله عدة أسباب، يأتي في مقدمتها أنه ليس طريقاً مركزياً، وإنما زراعي، حسب وصف وتعبير مدير خدمات حماة المهندس محمد مشعل، مضيفاً بأنه تجري الاستفادة منه وصولاً لمدينة حمص، كون الطريق العام الرئيسي العابر من بلدة عقرب والحلوة، مازال تحت سيطرة الإرهابيين، وأضاف مشعل : لقد قمنا عدة مرات بصيانته، بدءاً من مفرق قرية نيصاف، مروراً ببلدة عوج، وصولاً إلى مريمين وتوسيعه، وهذا لا ينفي بأنه سيىء، لكنه أفضل من ذي قبل، أما ما يتعلق بالمطبات، فهذه ليست مسؤوليتنا، بل مسؤولية السلطات الإدارية هناك.
وأوضح مدير خدمات حماة إلى أن فروقات الأسعار أحد أهم التحديات أمام إعادة تأهيل هذه الطرقات بالشكل الأمثل، حيث كان سعر متر المجبول قبل الأزمة بـ2400 ليرة سورية، أصبح الآن بـ43 ألف ليرة.

فإذا كان طريق عام حمص مصياف بهذا الشكل، فطريق عام مصياف القدموس الساحل واللاذقية بأسوأ حالاته منذ حوالي الخمس سنوات، وربما أكثر، حيث قامت الشركة العامة للطرق والجسور بشقه وتوسيعه وتعبيد قسم مهم منه، لكنها توقفت عن بلدة حيالين 4 كيلو مترات عن مصياف، وتركت مسافة لا يتعدى طولها عن الـ 2 كيلو متر مصيدة للآليات ومصدراً لقلق المسافرين يومياً، فلا هي فرشت البقايا، ولا هي عبّدته، فالغبار يعلو الآليات العابرة، وحجة الجهة المنفذة كما قيل في اجتماع خدمي في مصياف قبل حوالي سنة تقريباً، أو سبعة أشهر بالتمام والكمال بأن هناك ريكارات للصرف الصحي واقعة وسط الطريق، وقد تمت المطالبة مراراً وتكراراً لإيجاد حل لها ليصار إلى استكمال ما تبقى من هذا الطريق، لكن دون جدوى، وبين تعنت شركة الصرف الصحي، ومطالبة الشركة العامة للطرق والجسور وتطنيش المعنيين، طال أمد هذه المسافة، وكأن شيئاً لم يكن، ولذلك نضعها برسم كل من محافظ حماة ووزير النقل، إذ لا يجوز أن يبقى الطريق هكذا على حد تعبير أهالي بلدة حيالين والمسافرين إلى اللاذقية والقدموس يومياً، فهو طريق محوري وحيوي يربط الداخل بالساحل، ومن المسيء أن يبقى هكذا كل هذه المدة.

مدير فرع الطرق المركزية في حماة المهندس خضر فطوم، قال حسب البعث عن الطرقات المركزية بين حماة والمحافظات الأخرى، وعن الأولويات التي تخضع لها عمليات التأهيل والتعبيد: أولاً لدينا خطط سنوية يتم تخصيص اعتماد لها على ضوء حجمها وأطوالها وأهميتها، فقد كانت خطتنا العام الماضي ملياراً و600 مليون ليرة سورية، تم إنجازها بالكامل من خلال قشط وتسوية العشرات من الطرقات المركزية مثل الطريق بين حماة الساحل، مروراً عن طريق محردة الغاب، بيت ياشوط، ضمن حدود المحافظة الإدارية، وكذلك مسافات بين حماة وحمص في المناطق الآمنة، وطريق السلمية المركزي منها.
أما خطتنا الإجمالية لهذا العام فهي مليار و800 مليون ليرة سورية، لتشمل العشرات من الوصلات الطرقية، تأهيلاً وتعبيداً وقشطاً، كما هو الآن بالنسبة لطريق عام حماة مصياف، وطريق عام حماة الشيخ بدر، وطرقات أخرى شمالاً وغرباً وجنوباً، وبخاصة الطرقات التي تعرّضت لحمولات ثقيلة، ومروراً إجبارياً، فقد غلب عليها التآكل والتهالك، لذا أمست بأمس الحاجة للصيانة وإعادة التأهيل مجدداً، منوّهاً بأن الطرقات الواقعة ضمن إطار المخططات التنظيمية هي شأن إداري لهذه الوحدات، فصيانتها ليست من اختصاصنا، ولا من مسؤولياتنا، إلا بما كان فيه توجيه عام، وتم تخصيصه بالاعتماد اللازم.

لعل ضعف الاعتمادات في الوحدات الإدارية جعلها بلا عنوان وبلا حضور خدمي، باستثناء جمع ولم القمامة وترحيلها، هذا بالنسبة للوحدات الإدارية الريفية عبر مجالس المدن، كون هذه الوحدات بالكاد تتدبر أمور الرواتب الشهرية، لذلك يتم اللجوء دائماً لمخاطبة المحافظ بكتب رسمية من أجل تعبيد وصلة هنا، أو تسوية طريق وسط القرية بعدة سيارات من الاسفلت، ولو من منطلق اللهم إني قد طالبت، أو من باب تبرئة ذمة لإسكات المجتمع
المواطن إبراهيم معلا، رئيس بلدية تجمع بلدة قصية والبيرة سابقاً قال: باعتبار أن بلدة البيرة التابعة لمدينة مصياف ممر رئيسي لمدينتي صافيتا والدريكيش، نأمل توسيع مسافة لا تتجاوز الكيلومتر، وتعبيدها، حيث لم تكن ملحوظة يوماً ضمن اهتمام أحد، فضلاً عن تعبيد بعض الطرقات الممتدة من القرية إلى مقابر الشهداء، وترقيع طريق عام البيرة مصياف بدءاً من مفرق وادي العيون.
فايز معروف من بلدة بقصقص، منطقة مصياف، قال: لا أذكر بأن قميصاً اسفلتياً وضع في قريتنا منذ عشر سنوات، وربما أكثر، نحن نقدر الأولويات للحكومة، ولكن عندما نرى الاهتمام منصباً في بلدة ما دون سواها أو بالمدن، فهذا مدعاة للتساؤل، فالخدمات وجدت للجميع وفقاً للقوانين والأنظمة، ولكن أن ينصب الاهتمام الخدمي بهذه القرية دون سواها، فهذا إجحاف خدمي يعمّق الفجوة بين المجتمع بين مدعوم ومحروم؟!.
رئيس بلدية ربعو خليل ساوم قال: لقد رفعت عدة كتب مطالباً فيها بضرورة تعبيد بعض الشوارع الرئيسية في القرية منذ بداية العام، ومنذ العام الماضي، وتمت الموافقة عليها من قبل المحافظ، لكنها لم تنفذ، وأضاف سلوم: توجد لدينا مقبرة للشهداء بأمس الحاجة لتعبيد الطريق المؤدي إليها، طالبنا عدة مرات بذلك دون جدوى، رغم أنهم أسمعوننا وعوداً ووعوداً، ومازلنا بانتظار آلية التنفيذ!.. وأضاف سلوم أيضاً بأن هناك طريقاً في منتصف القرية بأمس الحاجة للتعبيد أو رشه بالزيرو تجنباً للغبار، ونأمل من الجهات المعنية الإيعاز لمن يلزم لتنفيذه.
أما ما يتعلق بشوارع وأحياء مدينة مصياف فيستطيع المرء معرفة الأحياء المدعومة من عدمها، فليس من المنطق وضع عدة سيارات من الاسفلت في مكان ما وهو ليس شارعاً رئيسياً أبداً، ويترك مدخل شارع الوراقة الرئيسي من بدايته إلى نهايته عند مفرق وادي العيون!.
إن واقع حال الطرقات العامة، وبخاصة المركزية التي تربط المحافظات مع بعضها، رغم سني الحرب، مازال جيداً باستثناء البعض منها، لكن الطرقات الخدمية الأخرى ضمن الوحدات الإدارية بحال يرثى لها، ولدى الخدمات الفنية بحماة عشرات الموافقات، ولكن قد تكون الاعتمادات أو الأولوية هي الإشكالية التي تعيق ذلك، آملين أن تلقى كل هذه الطرقات الاهتمام على حد سواء، لا على مبدأ الخيار والفقوس!.

 

سيريا ديلي نيوز


التعليقات