فجأة ومن دون مقدمات أو مسوغات تراجع  القائمون على الإعلانات المغرية في عدد من الجامعات الخاصة وعودهم وأضحت كأنها حلم ، وكأن ما أعلنوا عنه سابقاً من ترغيب وتحفيز وتسويق لهم بات في حكم الماضي من دون أي  رقيب أو التزام، غير آبهين بمقولة الإنسان «بينربط من كلامو»، هذا إذا كان لديه حرص على الكلام الذي يعلن عنه مع بداية العام الدراسي بغية شدّ الطلبة باتجاه التسجيل.
هكذا يتعامل عدد من الجامعات الخاصة مع المغريات التي أعلنوا عنها بعد أن وقع الطلبة في شباكها وأصبحوا يدفعون لها المال الذي يسيل له لعاب القائمين عليها، من دون خدمات توازي ما يقوم الطالب بدفعه من رسوم مختلفة تحت عناوين وبنود متعددة.
ومن أكبر المشكلات في الجامعات الخاصة أنها تبحث عن الربح أكثر من السمعة الطيبة لكي تجذب لها أعداداً كبيرة من الطلبة.
في المقابل، وبعد جولة لجريدة تشرين  على عدد من الجامعات الخاصة، كان لابد من التوجه إلى وزارة التعليم العالي لمعرفة رأي المعنيين بما توصلنا إليه بغية الوقوف عندها كجهة يفترض أنها معنية بشؤون الطلبة ومراقبة تلك الجامعات، وكان الجميع يعتقد أن الجامعات الخاصة بشكل عام يعول عليها لتكون مساعدة للجامعات الحكومية في العديد من الجوانب، لكن واقع الحال غير ذلك، والأنكى من ذلك كله كان الرد السطحي الذي وصلنا من وزارة التعليم العالي، ومن باب رفع العتب، وكأن المسألة لا تعنيهم بتاتاً.
جولتنا كانت مع العديد من الطلاب الجامعيين في جامعة قاسيون الذين كشفوا لنا -متمنين عدم ذكر أسمائهم- الغطاء الذي خدعوا به، الذي كان قد وضعته الجامعة كسب مبالغ مالية طائلة، فالكثير من الوعود الذهبية في البداية قدمت على طبق من فضة للطلاب خلال الاجتماعات، ولكن جميعها ذهبت أدراج الرياح، ووضعت على الرف ليأكلها الغبار، كما صدر العديد من القرارات السلبية بحق الطلبة منها على سبيل المثال إلغاء الحسومات لجميع الطلاب، وإلغاء ترتيب الأوائل، وإلغاء الامتحان الاستدراكي، وإلغاء النشاطات بالكامل وعدم دعمها.
كما اشتكى العديد من الطلاب من المعاملة السيئة لهم، وعدم وجود الخدمات الثانوية (بوفيه-كافيتريا…إلخ)، وكذلك عدم تأمين السكن الجامعي والمواصلات، عدا عن التعارض في المواد الامتحانية، وتقديم امتحانين لمادتين في اليوم نفسه، وافتقار الجامعة إلى مكتبة، وتالياً صعوبة تأمين الكتب في كل فصل دراسي أما المقاعد الدراسية فحدٍّث ولا حرج فهي قديمة والقاعات صغيرة، ناهيك بعدم وجود التدفئة شتاءً والتكييف صيفاً، وكذلك عدم الالتزام بخطة درسية، وغياب النظافة في القاعات والباحة والمرافق، وعدم وجود مرشدين أكاديميين بشكل فعلي ما دفع العديد من الطلاب إلى ترك الجامعة والتوجه نحو جامعات أخرى وأحياناً السفر والهجرة.
يضيف الطلبة: من المتعارف عليه دولياً أن التعليم الجامعي يحتاج كادراً تعليمياً متمكناً في الاختصاصات المختلفة، وهذا يتطلب من المعنيين طرح اختصاصات مطلوبة لسوق العمل تتناسب مع التقدم التكنولوجي الهائل، وفي الوقت ذاته يحتاج إدارة نوعية لها نظرة ثاقبة في التخطيط السليم، ولا يحتاج إلى حيتان لبناء جامعات خاصة لاستثمار الأموال فقط، كما أن الجامعات الخاصة بحاجة إلى إيجاد مكتبات تتناسب كتبها مع روح العصر التقني من أجل التوسع في البحث العلمي المبني على قاعدة علمية سليمة.
و تابعت جولتها على عدد من مقرات الإدارة العامة في بعض الجامعات الخاصة في دمشق، بصفة طالب يبحث عن مقعد دراسي، ولدى سؤالنا عن الحسم الذي يعطى لأبناء النقابات والاتحادات اختلفت الأجوبة؛ بين قبول نقابات دون غيرها واختلاف النسب بين جامعة وأخرى، وأكثر ما لفت انتباهنا، هو قيام الجامعة السورية الخاصة بإلغاء الحسم لعدد من النقابات والاتحادات لهذا العام، بعد أن كان معتمداً في السنوات السابقة بشكل نظامي، والإبقاء على قبول الحسم لثلاث نقابات فقط هي (نقابة الأطباء– نقابة الصيادلة– نقابة المهندسين) وهذا الحسم يبلغ 10%، وتختلف هذه النسبة بين الجامعات الأخرى، فعلى سبيل الذكر لا الحصر، طلاب جامعة الاتحاد من أبناء النقابات والاتحادات يحصلون على حسم قدره 35%، بينما تتساوى جامعتا الرشيد والجامعة الدولية الخاصة بنسبة الحسم الذي يبلغ 10%.
وفي لقاء «ندى» إحدى طالبات الجامعة السورية الخاصة التي كانت العام الماضي تستفيد من حسم نقابة المعلمين، وحرمت منه هذا العام، أكدت أنها لم تعترض أو تقدم شكوى بسبب هذا التغيير وإنما رضخت للتعليمات الجديدة (من تم ساكت) حسب تعبيرها.
وبالنسبة لحسومات الطلاب الأوائل كذلك لا ضوابط معينة تلزم الجامعة بقدر معين، فنجد أن الجامعة السورية الخاصة تقدم العرض الأقوى للطلاب من خلال حسم 100% للطالب الذي حصل على المرتبة الأولى بين زملائه، ونسبة 50% لطالب المرتبة الثانية، أما عرض جامعة الرشيد ففيه نسبة الحسم للطلاب الأوائل تبدأ من 80% وتنخفض إلى 10% حسب فروق العلامات بين الطلاب، أما جامعة الاتحاد فتقدم حسم 5% ويزداد مع عدد المواد والدرجات التي يحصل عليها الطالب في كل سنة دراسية.
وما يلفت الانتباه أن مفهوم الشكوى أو الاعتراض غير محبذ بين طلاب الجامعات على العموم، فلا يوجد أي شكاوى مقدمة حتى لو لم يقتنع الطالب بما يطبق عليه، فها هو أحمد من الطلاب الأوائل في جامعة الرشيد أشار إلى أن الحسومات الخاصة بالأوائل تختلف نسبتها كل عام، ولا نعرف بالضبط ما المعايير التي تحكمنا، ننتظر فقط القوائم التي تنشر لنعلم الحسم الذي حصلنا عليه، من دون اعتراض.
بدوره الدكتور عادل سفر رئيس جامعة اليرموك يتباهى بأن جامعتهم تكاد تتفرد عن غيرها بتقديم الحسومات لجميع أبناء النقابات المهنية بنسبة 10%، وكذلك للطلبة الأوائل، فقد يصل الحسم للطالب الأول لنسبة مئة في المئة، وللثاني خمسين في المئة، وللثالث خمسة وعشرين في المئة، سعياً من الجامعة -كما أشار- لتقدير الطلبة المجتهدين ليكونوا قدوة لغيرهم، ومساهمة من إدارة الجامعة لتخفيف بعض الأعباء المادية عن الطلبة المتقدمين عن طريق المنظمات الشعبية، كما تقدم الحسم للشقيق الثاني بنسبة 20% ولأبناء أعضاء الهيئة التعليمية والعاملين في الجامعة بنسبة 25% على ألا يجمع الحسم بين جانبين النقابة وأبناء الهيئة، وأيضاً قدمت لطلاب كليات الهندسة من طلبة المعاهد الصناعية المتفوقين بنسب تتراوح بين 10 و30 في المئة حسب معدل النجاح الذي يبدأ من 80-84 % للنسبة الأولى وهكذا لتصل إلى 30% بالنسبة لمن حقق معدلاً يفوق 95%… وعلى صعيد العلوم الإدارية والمالية من طلبة المعاهد التجارية تقدم الحسومات نفسها إنما تبدأ من معدل 75-79% وبواقع زيادة 5% عن كل شريحة من شرائح المعدلات لتصل إلى معدل 90% في المئة يقابلها حسم مقداره 30%.
قبل الأزمة التزمت معظم الجامعات -بحسب سليمان- بإعطاء الحسومات، ولكن بعد الحرب التي أثرت في الجامعات الخاصة وانعكست عليها، سواء بنقل مقراتها أو قلة عدد طلابها بدأ بعضها بإلغاء الحسومات التي كانت تعطى للطلبة كتشجيع وتكريم للمتفوقين أو المتميزين، وما حدث فعلاً أن بعضها منحها لعام أو اثنين ثم ألغاها من باب التوفير وتخفيف الأعباء المادية، وبشكل مفاجئ، وهو ما أثار ردة فعل كبيرة عند الطلبة الذين نقلوا لنا من خلال فروع الاتحاد الوطني لطلبة سوية في أكثر من جامعة خاصة مشكلاتهم مع مسألة الحسومات.
وتضيف سليمان: إن إلغاء الحسومات بشكل مفاجئ ومن دون إعلام مسبق للطلبة أمر غير مقبول بالنسبة للاتحاد الوطني لطلبة سورية لأن العديد من الطلبة يسجلون في جامعة دون الأخرى على أساس حسم معين يتناسب وقدراتهم المادية، هذا من جهة، ومن ناحية أخرى اتخاذ تلك الجامعات الخاصة قرار الإلغاء هو تضليل للطلاب ويصب في مصلحة الجامعة فقط من دون الأخذ بالحسبان مصلحة الطلبة الذين وثقوا بالدعاية والإعلان وبسمعة الجامعة.

ولدى التواصل مع وزارة التعليم العالي للاستفسار عن الموضوع، لم تسنح لنا الوزارة المجال للقاء أحد يشرح لنا الآلية التي يتم اعتمادها في الجامعات الخاصة لتقديم الحسومات سواء لأبناء النقابات والاتحادات أو الطلاب الأوائل، وجاء ردها عبر «الفاكس» مقتضباً ويجيب عن الجزء الثاني من السؤال فقط وهو حسومات الطلاب الأوائل، وخلال الأسطر الثلاثة التي أجابت بها الوزارة عن استفسارنا جاء ما يلي: «تقوم الجامعات الخاصة بمنح حسومات تشجيعية للطلاب الأوائل وغيرهم، وتختلف نسبتها وآلية التعامل معها وفقاً للأنظمة الداخلية للجامعات ولما يقره مجلس أمناء الجامعة الخاصة المعنية، وفي حال حدوث تجاوزات على صاحب الشكوى التقدم بطلب إلى الوزارة للمعالجة وفق الأنظمة المرعية».

سيريا ديلي نيوز


التعليقات