يمكن القول بأن المستهلك بات لا يفكر “بالمونة” كثيراً، لعدة أسباب أهمها خوه من انقطاع الكهرباء خلال الصيف، وبالتالي تعرض الكميات التي تم تموينها للتلف، ومن ناحية أخرى قلة ما في اليد وضعف الدخل، وفي ظل ما يتعرض له المستهلك من هزات اقتصادية بشكل دائم نتيجة تضخم الأسعار وهزالة دخله، باتت تلبية مستلزمات المعيشة الأساسية هي الأكثر تركيزاً له خلال الوقت الحالي، فابتعد كل البعد عن الرفاهيات، وربما استغنى عن الكثير من السلع الأساسية وضمها لخانة الرفاهيات، كحال الحلويات مثلاً….وفي هذا الوقت كل عام تأخذ الأسر السورية على عاتقها تخزين المواد الغذائية لاستهلاكها في الشتاء، “المونة” والذي تزامن في الوقت نفسه مع اقتراب شهر رمضان.

 

مواد مونة الشتاء لم تكن بمنأة عن ارتفاع الأسعار، بل على العكس تضاعفت أسعارها كثيرا مقارنة مع الأعوام السابقة حتى بلغت أكثر من 300% مقارنة مع الأعوام السابقة.

 

تضاعف أسعار مواد المونة..

 

أسعار بعض السلع التي يقبل عليها المستهلك لتموينها للشتاء، ومن مواد المونة المعروفة الفول والبازلاء والفاصولياء وغيرها من المواد الغذائية، حيث تراوح سعر كيلو البازلاء ما بين 175 و250 ليرة بقشره، في حين بلغ سعره مفصصا نحو 550 ليرة للكيلو، أما الفول فنفس المصاب حيث ارتفعت أسعاره أيضا مقتربا من سعر البازلاء.

 

المستهلك يرشد استهلاكه..

 

بالطبع المستهلك أمام هذه الأسعار لم يجد حلا إلا بتخفيض الكمية التي يمونها مع اتباع أسلوب الأجداد في المونة، والتي تعتمد على تجفيف المونة بدلا من حفظها في الثلجات، حيث خفض أغلب المستهلكين كميات المونة إلى أكثر  النصف مقارنة مع الأعوام السابقة، وأكد أحد المستهلكين أنه كان يشتري نحو 20 كيلو من البازلاء، إلا أنه في هذا الموسم لم يشتري إلا 7 كيلوات بازلاء ومثلها من الفول، مشيرا إلى أن ارتفاع أسعار المونة وانقطاع التيار الكهربائي ولساعات طويلة، غيرت من توجه المستهلك اتجاه عادة المونة، فلم يعد يتجرأ على الإقبال عليها إلا بكميات قليلة خوفا من فسادها أولا كونها تحتاج إلى الحفظ في الثلجات، والكهرباء حاليا لا تساعد على ذلك، كما أن أسعار المونة أرتفعت كثيرا، وليس للمستهلك قدرة على تحمل تكاليفها في ظل أرتفاع معظم الأسعار الأخرى وخاصة المواد الأساسية والخدمات مثل النقل والفواتير الأخرى.

 

الكثير من الأسر يصل معدل شرائهم للفول والبازلاء بين 20 و 30 كيلو غراماً بحيث عند تفصيصه ينتج حوالي 5 كيلو غراماً بمعدل كل 5 كيلو غراما ينتج كيلو واحد مفصص وأشار البعض إلى سوء الحفظ في البرادات بسبب قلة الكهرباء ، وقد أدى ذلك إلى فساد كميات كبيرة من المواد التي كان يحفظها مما جعله في السنين التي تليها يقلل من كمية المواد المشتراة.

 

قلة العرض السبب.. وإقبال ضعيف

 

باحث اقتصادي لفت لـ”سينسيريا”، أن معظم المستهلكين حاليا غيروا من عاداتهم الاستهلاكية وخاصة بالنسبة للمونة، حيث لجؤوا إلى عادات الأجداد في ذلك، واتبعوا أسلوب التجفيف بدلا من الحفظ في الثلجات، مشيرا  إلى أن أنقطاع التيار الكهربائي كان له أثر في ذلك، لافتا إلى أن تجفيف مواد المونة يعتبر صحيا أكثر كونه يحافظ على مكونات الغذاء فيها.

 

ولفت إلى أن الإقبال على موسم المونة حاليا يعتبر ضعيفا جدا، حيث أن مواد المونة لا تزال موجودة في الأسواق ولا يوجد إقبال عليها من قبل المستهلك، بسبب ارتفاع الأسعار، لافتا إلى أن كيلو البازلاء المفصص يكلف المستهلك نحو 500 ليرة، وكيلو الباذنجان لا يقل عن 150 ليرة، وكيلو الجزر لا يقل عن 120 ليرة، مشيرا إلى أن هناك اختلاف كبير في أسعار نفس المواد بين بائع وأخر ويصل هذا الفرق لنسبة 25%، وهذا ما يؤكد أن الحلقة الأخيرة من التجار هم من يتحكمون بالأسعار ويتلاعبون بها.

 

وأشار إلى أن المستهلك لجأ إلى الترشيد في الأستهلاك نتيجة ارتفاع الأسعار الكبير الذي تشهده الاسواق، لافتا إلى أن المستهلك يعيش واقعا ماديا أليما يحتاج إلى معالجة سريعة من قبل الجهات صاحبة الشأن.

 

الكماليات..

 

حاليا المستهلك نسق من جدول استهلاكه الكثير من السلع وخاصة بما يتعلق بالمونة، فكان المستهلك سابقا يمون العديد من المواد الأساسية بالإضافة إلى الفواكه، إلا أن المستهلك حاليا لم يقدم على شراء الفواكه بكميات قليلة حتى يقوم بشرائها بكميات كبيرة في ظل ارتفاع أسعارها المخيف، وأصبحت الفواكه من الكماليات لديه، فكيلو الجارنك نوع وسط ب300 ليرة.

 

أصبحت المونة تشكل عبئا على الأسر..

 

متابع قال: أن المستهلك حاليا يمر بحالة مادية صعبة جدا وخاصة أن العديد من المواطنين فقدوا أعمالهم، لافتا إلى أن المونة أصبحت من الكماليات لدى معظم الأسر ولم تعد تلتفت إليها حاليا كونها تشكل عبئا ثقيلا على ميزانياتها، وفي حال أرادت أن تخزن بعض المواد الغذائية للشتاء فإن ذلك سيقتصر على كميات ضئيلة جدا مقارنة مع الأعوام السابقة، حيث أن معظم الأسر حاليا تواجه أرتفاعا في أسعار معظم السلع الأساسية والخدمات وأجور النقل والأطباء والأدوية والفواتير وغيرها، وبطبيعة الحال لم يكن دخل الأسرة يكفي سابقا فكيف سيكفي حاليا لشراء المونة، إلا إذا ادخرت لهذه العملية وأعتقد أنها لم تستطع الإدخار في ظل ضعف دخلها وقدرتها الشرائية.

 

وأشار إلى أهمية أن يكون هناك تدخل من قبل مؤسسات التدخل الإيجابي “السورية للتجارة حاليا” في هذا الموسم لطرح مواد المونة بأسعار منافسة ضمن صالاتها، لافتا إلى أنه على الحكومة أن تجد حلا لضعف القدرة الشرائية للمواطن، وتوفير فرص عمل للعاطلين عن العمل بمشاركة القطاعات الأخرى، وإحياء الصناعة المحلية لدفع عجلة الاقتصاد المحلي للتحرك وتخفيف الضرائب على ذوي الدخل المحدود كون دخلهم أصبح مستهلكا بالكامل.

تعليق: تفعيل الرقابة والتدخل أكثر..

المطلوب هو دعم الفلاح وجعله يتمسك بأرضه أكثر وتذليل العقبات أمامه، وخاصة أن اقتصادنا هو اقتصاد زراعي بالدرجة الأولى، مع أهمية التدخل الحكومي لكبح جماح الأسعار بشكل عام، من خلال تفعيل مؤسساتها، وضبط الأسواق، ومنع التلاعب بالأسعار، فأسواقنا حاليا لا تخضع لقانون العرض والطلب ولكن تخضع للمزاجية من قبل بعض المستغلين، في ظل غياب وعي المستهلك وعدم إقدامه على الشكوى تجاه ما يواجهه من استغلال للقمة عيشه، فالمهمة الأصعب تقع على عاتق الجهات الرقابية من جهة وعلى الجهات التدخلية في الأسواق من جهة أخرى من أجل تلبية أحتياجات ذوي الدخل المحدود، من خلال طرح مواد بأسعار تنافسية حقيقية وإغراق السوق بها.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات