على الرغم من أن المرسوم التشريعي رقم /11/ لعام 2015 والخاص برسم الإنفاق الاستهلاكي جاء متوافقاً مع متطلبات المرحلة الراهنة ومراعياً لظروف عمل المنشآت السياحية الخاضعة للرسم في هذه الأوقات الاقتصادية الحرجة التي يمر فيها البلد، لكن بعض أصحاب المنشآت البالغ عددها 425 منشأة مازالوا مصرين على اتباع أساليب مختلفة هدفها سرقة الرسم أو جزء كبير منه عبر تقديم بيانات مالية كاذبة، أو إخفاء الفواتير وعدم تحريرها، مع العلم أن المنشآت السياحية الخاضعة لرسم الإنفاق ما هي إلا وسيط لتحصيل الرسم من المستهلك وتسليمه للخزينة لا سرقته.
ولكن اللافت في أساليب السرقة أو التحايل والتهرب من تسديد رسم الإنفاق أو تقاضي رسم أعلى، هو أن بعض المنشآت السياحية المؤهلة لجأت إلى ممارسة نشاط مغاير للنشاط الذي منحت على أساسه تأهيلها السياحي، وهذا النشاط يتضمن تقديم خدمات يترتب عليها رسم إنفاق أعلى بكثير، وهو ما كشف عنه النشاط الميداني المكثف لمراقبي تكليف دائرة الإنفاق الاستهلاكي في مديرية مالية دمشق، أو ما يسمى الضابطة العدلية للدائرة، إذ يؤكد أحد الكتب الصادرة عن الدائرة وحصلت «تشرين» على نسخة منه، أنه من خلال العمل الميداني لمراقبي التكليف في الدائرة تبين أن بعض المنشآت مؤهلة سياحياً كمطعم أو صالة شاي أو وجبات سريعة تقوم فعلياً بعمل الملهى أو النادي الليلي، فرسم الإنفاق المفروض على المنشآت المؤهلة كصالات شاي أو مطاعم ومنشآت وجبات سريعة لا يتجاوز 5% في حين يرتفع في المنشآت المؤهلة كنواد وملاه ليلية إلى 20%، وهذا الفارق بين الرسمين والبالغ 15% يدل على تهرب ضريبي واضح عندما نقارن بين حجم المبيعات المحققة في صالات الشاي والمطاعم والوجبات السريعة والمحققة في النوادي والملاهي الليلية.
وبما أن مديرية سياحة دمشق هي المسؤول الأول والأخير عن إصدار قرارات التأهيل السياحي للمنشآت، وعن إجراء مسح لجميع المنشآت ومن ثم إعادة تأهيل وتصنيف بعضها إذا لزم الأمر في حالات محددة تتعلق بمخالفة صاحب المنشأة قرار التصنيف أو التأهيل وحتى الترخيص، وكذلك بمستوى الخدمات التي تقدمها كل منشأة، قامت مديرية مالية دمشق بإبلاغ سياحة دمشق بوجود 19 منشأة مؤهلة على أساس مطاعم ووجبات سريعة وصالات شاي تقوم فعلياً بعمل الملاهي والنوادي الليلية، لكنها لم تتلق أي رد على كتابها حتى تاريخ اكتشاف الرقابة هذه المخالفات. وحسب مصدر في مالية دمشق لـ«تشرين» فإن السياحة ردت بتسوية أوضاع حوالي 5 منشآت فقط، وما تبقى فهي مستمرة في ممارستها نشاط الملاهي والنوادي الليلية.
ويعطي وجود تلك المنشآت دلالة واضحة على أن دور الضابطة العدلية التابعة لمديرية سياحة دمشق يشوبه التقصير في متابعة عمل المنشآت السياحية والتأكد من التزامها بالقرارات الناظمة لعملها وتأهيلها السياحي، وهذا الأمر قد يقلل من أهمية الإعلان المستمر من قبل وزارة السياحة عن اتخاذها إجراءات مشددة بحق أصحاب ومستثمري المنشآت السياحية المتخلفين عن تسديد رسم الإنفاق الاستهلاكي المترتب على بدل الخدمات إلى وزارة المالية، وخاصة لجهة قيام بعض أصحاب تلك المنشآت بتحصيل رسم الإنفاق المترتب على بدل الخدمات المفروضة في منشآتهم، ولا يقومون بتوريده إلى الخزينة، إضافة إلى تهرب بعضهم من تقديم الفواتير النظامية إلى المستهلك، الأمر الذي يلحق الضرر بالخزينة والمستهلك على حد سواء.
ويثبت التقرير الصادر في السابع من آذار المنصرم عن الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش المعد بنتيجة رقابة أعمال دائرة الإنفاق الاستهلاكي وشعبة رسم الطابع والرسوم التسجيلية في مالية دمشق ريبة وشكاً تجاه قرارات التأهيل السياحي الصادرة عن مديرية سياحة دمشق، بدليل أن دائرة الإنفاق الاستهلاكي في مالية دمشق أبلغت البعثة التي أعدت التقرير بأنها وجهت كتاباً إلى سياحة دمشق تبلغها بأمر المنشآت المؤهلة على أساس مطاعم ووجبات سريعة وصالات شاي وتعمل فعلياً كملاه ونواد ليلية، ما دفع البعثة إلى تبني مقترح يتضمن تشكيل بعثة تفتيشية مؤلفة من أحد مفتشي مجموعة الشؤون المالية والجمركية، وأحد مفتشي مجموعة الثقافة والسياحة والإعلام والشؤون الخارجية مهمتها التدقيق والتحقيق في موضوع قيام مديرية سياحة دمشق بتصنيف بعض المنشآت كمطعم أو صالة شاي أو وجبات سريعة في حين تقوم تلك المنشآت بعمل ملهى أو ناد ليلي.

 

سيريا ديلي نيوز


التعليقات