كانت أقراص الفلافل ولا تزال أكلة الفقير يتناولها اختصاراً للمصاريف ونكاية بالوجبات السريعة التي افتقد رائحتها وشكلها نظراً لغلائها، يستر بها حاله  على اعتبارها الحل الوحيد الذي ينجيه من «الدق على صدره» في أي  جلسة جماعية، يشتري منها ما يشبع عائلته وما يزيد «يتنقرش» به كل ذلك  بسعر 50 ليرة، أما اليوم أمام جنون الأسعار فقد بلغ سعر القرص 10 ليرات ولم تعد 50 ليرة تشتري سوى 5 أقراص، ناهيك عن تبدل الحجم والمحتويات وغياب المواد المنكهة لارتفاع سعرها، لكنها مع ذلك تبقى المأكول الشعبي الوحيد الذي يشتهي شراءه كل من يشتم رائحته.
لاتزال أكلة الفقير
يتراوح سعر سندويشة الفلافل عند أبي بسام ما بين 100 الى 150 ليرة، كلاهما نفس السندويشة لكن الأقل في السعر أقل في المحتويات -كما يقول- ويتساءل متعجباً كيف لسعر سندويشة الفلافل ألا يرتفع وقد ارتفع سعر كل مكوناتها، فتنكة الزيت أصبحت بـ13 ألفاً والحمص بـ700 ليرة وكيلو البندورة بـ300ليرة واللبن بـ275 .
يلاحظ أبو بسام أن الاقبال على شراء الفلافل زاد في الحرب، معتبراً أن انخفاض سعرها مقارنة بالسندويشات الأخرى يمكن أن يكون السبب كما أنه لا يقتصر بيعها على شكل سندويش بل يمكن شراء عدة أقراص منها وتحضير عدة سندويشات لكامل أفراد العائلة، يوافقه الرأي طارق الذي رأى أن زحمة الزبائن على محلات الفلافل لم تختلف، فرغم ارتفاع ثمنها إلا أنها لا تزال سهلة المنال بالنسبة لأصحاب الدخل المحدود، مشيراً إلى أن ارتفاع سعر سندويشة الفلافل لم يكن مفاجئاً بل ارتفع بشكل تدريجي وغير صادم.
على بعد أمتار وقف مجد يفرد أرغفة الخبز فوق بعضها، يضع في كل منها 4 أقراص من الفلافل ويرشها باللبن ودبس الرمان مع قليل من شرائح البندورة وقطع الملفوف ويقدمها للزبون بسعر200 ليرة، السعر المرتفع عن غيره حدّد عدد رواده بمن اعتادوا على طعم قرص الفلافل، لديه «زبوناته»، رغم ذلك لا يفضل بيعها بأقل من ذلك السعر فهو كما يقول«مالي مضطر» لأن ما يضعه فيها من «حباشات» يكفي لغلاء ثمنها ناهيك عن أن سمعة المحل كافية لجلب الزبائن. مدخول مجد اليومي من بيع الفلافل 6 آلاف ليرة وبدوام 7ساعات وهو عامل من 8 عمال يعيلون أسرهم يقول: مهنة بيع الفلافل خفيفة ونظيفة.
ما أسهل غشها
تختلف طرائق ونوعية المواد التي تُغش بها الفلافل على اعتبارها خلطة لا يعرف ما يدس فيها، فيمكن مزجها بالخبز اليابس والرز والبرغل، لكن من يعرف «طعمة فمه» كما يقول البائع أسعد يدرك أنها مغشوشة ومع ذلك فأغلب الناس لا يهمها الطعم أمام السعر فتبحث عن الأرخص في كل شيء، ويضيف: يعمد بعض الباعة إلى وضع الخبز بدلاً عن الحمص نظراً لارتفاع ثمن الحمص، فالكيلو الواحد منه يساوي 700 ليرة بينما ربطة الخبز ثمنها 50 ليرة، يقول مدير حماية المستهلك  في وزارة التجارة الداخلية حسام نصر الله: منذ بداية العام تم تنظيم 475 ضبطاً بحق أصحاب المطاعم، كما تم تسجيل 47 ضبطاً بمخالفة الغش والتدليس، وإغلاق 300محل، فيما بلغ عدد الإحالات موجوداً إلى القضاء المختص 140 إحالة.
أين دور المحافظة؟!
لا تغيب الرقابة التموينية عن المزاجية في التسعير فقط، الذي قد يختلف بحسب المنطقة، فسندويشة الفلافل في منطقة المزة يصل سعرها لنحو 300 ليرة، أما في مساكن برزة فيبلغ سعرها بين 100 و125 ليرة، بل قد تنعدم الرقابة الصحية أحياناً كثيرة، مع تسجيل حالات تسمم بسبب تناولها، مدير الشؤون الصحية في المحافظة د.ماهر ريّا  أكد أن مراقب الشؤون الصحية يشن حملات يومية على محال بيع الفلافل لمراقبة مدى الالتزام بالشروط الصحية، من حيث وجود واجهة بلورية للمحل ومدى نظافة الأدوات وتعقيم الخضار ونظافة البراد وسلامة الزيت عبر أخذ عينات لتحليله، والتأكد من مستوى حموضته، وفي حال المخالفة يتم تنظيم ضبط فوراً وأحياناً يتم إغلاق المحل حسب نوع المخالفة، مشيراً إلى وجود أساليب كثيرة لغش الفلافل، لكن لوحظ مؤخراً انخفاض في نسبة المخالفات والتسمم بالمايونيز بعدما أصبح يصنع في محلات فخمة ومراقبة وتم الاستغناء عن البيض في تصنيعه

سيريا ديلي نيوز


التعليقات