شكّل موضوع فقدان الوثائق العقارية في ظل الظروف القاهرة التي تعيشها البلاد هاجساً كبيراً لدى الحكومة والمالكين على حد سواء ولاسيما من جهة حفظ حقوق الطرفين، وقد أبدت الحكومة المرونة الكافية بعملها الجدي حيال إحداث تشريعات وبلاغات إدارية من شأنها المساهمة في إعادة تكوين الوثيقة العقارية لجهة تلفها أو فقدانها نتيجة ما يتعرّض له العديد من المناطق من تخريب العصابات الإرهابية، فلم يغِب عن بال الحكومة حساسية الموضوع وما قد يتركه من آثار سلبية على المواطنين وخاصة أن الأمثلة كثيرة عن مناطق كاملة أتلفت صحائفها العقارية وضاعت حقوق قاطنيها، سواء ما حدث من إتلاف للصحائف العقارية في حلب أم حرق تلك الوثائق في مناطق بريف دمشق..!.
ضمانة
يرى بعض المهتمين في الشأن العقاري أن الحكومة حقيقة أصابت حينما سرّعت في إنجاز مشروع الصك التشريعي الخاص بإعادة تكوين الوثيقة العقارية “التالفة والمفقودة” لما لها من أهمية في حفظ حقوق وملكيات المواطنين، معتبرين أنه لابد من اعتماد قوانين أخرى مساعدة وداعمة لها، مثل السجل الرديف الكفيل بتسهيل الإجراءات والتعاملات العقارية في أماكن ما زالت تشهد أحداثاً أمنية، موضحين أن مشروع القانون يرمّم الوثائق المحفوظة لدى الدولة من جهة، ويتيح للمديرية العامة للمصالح العقارية ترميم الوثائق التالفة والمفقودة دون اللجوء إلى القضاء من جهة ثانية، أما في حال لم يبقَ من هذه الوثائق شيء، فإن صاحب الملكية يضطر للجوء إلى القضاء العقاري.

واعتبر المعنيون أن مشروع القانون عالج الحالة الأكثر تعقيداً في هذا الشأن والمتمثلة بإتلاف الوثيقة العقارية المحفوظة في مديرية المصالح العقارية، ويمتلك صاحب الملكية ما يثبت ملكيته، فعندها يمكن للأخير أن يقدّمها إلى القضاء للنظر والبت فيها، ومن ثم إصدار حكم قضائي بإنشائها من جديد لتعتمد لدى المصالح العقارية، مشيرين إلى أن مشروع القانون أعطى صلاحيات جديدة لمديرية المصالح العقارية في ترميم الوثيقة العقارية، ولو كانت متلفة بشكل جزئي، أو أنها غير صالحة للاستخدام، مؤكدين أنه في حال لم يكن هناك أية وثيقة يتم اللجوء إلى القاضي العقاري لإنشائها من جديد وقراره يكون قابلاً للاستئناف أمام محاكم الاستئناف المدنية.

توثيق

وفي السياق ذاته بيّن مدير عام المديرية العامة للمصالح العقارية المهندس عبد الكريم إدريس، أن المديرية تضطلع بمهام توثيق وإدارة وصيانة الملكية العقارية، انطلاقاً من قانون السجل العقاري وتعليماته التنفيذية التي نظمت أسس وإجراءات إنشاء الحقوق العقارية وتعديلها وتوثيقها وكيفية تداولها، موضحاً أن للسجل العقاري دوراً حيوياً بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية، ولاسيما مع الزيادة التراكمية في عدد السكان، وتشعّب الحقوق العقارية وتداخلها، نتيجة الظروف والأوضاع الراهنة التي يمر فيها القطر، مبيّناً تعرض الوثائق في عدة مديريات ودوائر عقارية إلى التلف أو الفقدان.

وأضاف إدريس: نظراً لعدم شمول مثل هذه الحالات في قانون السجل العقاري وتعليماته التنفيذية ونظراً لأهمية الملكية العقارية، وباعتبار أنها مصونة بموجب أحكام الدستور، فقد برزت الحاجة لإصدار نص تشريعي يقوم بتنظيم عملية إعادة تكوين الوثائق العقارية أو الحصول على وثيقة جديدة بالقوة الثبوتية ذاتها للوثائق التالفة أو المفقودة، لحفظ حقوق المواطنين وإعادة الاستقرار للقطاع العقاري، إضافة إلى أن هذا التشريع سيشكل الأساس القانوني للتعامل مع أي تلف يصيب الوثائق العقارية مستقبلاً بغض النظر عن الظروف المسبّبة ليكون بذلك مكمّلاً لمهمة السجل العقاري ويمكّنه من تحقيق أهدافه بالاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.
فقرات مهمة

وينصّ مشروع المرسوم -الذي حصلت “البعث” على نسخة منه- على إعادة تكوين الوثائق العقارية المتضررة بطريقتين، إما بالطريقة الإدارية في حال توفر الوثائق اللازمة لإعادة التكوين، وإما بالطريقة القضائية في حال عدم كفاية الوثائق عن طريق لجان قضائية تبحث بالملكية العقارية، وكلف هذا المشروع المدير العام للمديرية بتشكيل لجنة مهمّتها تحديد الوثائق العقارية المتضررة المطلوب إعادة تكوينها، والتحري عن الوثاثق العقارية التي تساعد على إعادة تكوين الوثائق المتضررة وجمعها أينما وجدت، سواء أكان ذلك لدى المديرية العامة للمصالح العقارية، أم لدى الجهات الأخرى إذا اقتضى الأمر ذلك، على أن يتم تصنيف هذه الوثائق التي تم التحري عنها وجمعها في فئتين الأولى تضم الوثائق التي يمكن اعتمادها بشكل قانوني لإعادة تكوين الوثائق العقارية المتضررة إدارياً، والثانية باقي الوثائق التي تساعد على إعادة تكوين الوثائق العقارية المتضررة قضائياً. وأشار مشروع القانون إلى أهمية إعداد مشاريع القرارات اللازمة لإعادة تكوين الوثائق العقارية المتضررة على أن تعدّ قوائم بالوثائق التي تساعد على تكوين الوثائق المتضررة قضائياً.

وبيّن المشروع أن الصحيفة العقارية المعاد تكوينها قضائياً بموجب هذا القانون ذات ثبوتية مطلقة بعد اقترانها بقرار القاضي العقاري، واكتسابه الدرجة القطعية، إضافة إلى انقضاء مدة خمس سنوات على صدروها. ويوضح المشروع أنه إذا فقدت خريطة المساحة أو محاضر التحديد والتحرير قبل تثبيتها في السجلات العقارية فيعاد تكوينها من القاضي العقاري وفق منطوق القرار رقم 186 لعام 1926 وتعديلاته والتعليمات التنفيذية الصادرة عن المديرية العامة للمصالح العقارية، وأنه في حال فقدان محاضر التجميل وإزالة الشيوع أو خرائطها التي اختتمت أعمالها من لجنة التجميل وإزالة الشيوع سواء كانت قد سلّمت إلى دائرة السجل العقاري أم ما زالت لدى القاضي العقاري، يعاد تكوينها من القاضي العقاري في المنطقة وفق الإجراءات المنصوص عليها في هذا القانون، أما في حال فقدت محاضر التجميل وإزالة الشيوع أو خرائطها قبل اختتام أعمال التجميل وإزالة الشيوع فيعاد تكوينها من لجنة التجميل في المنطقة العقارية وفق الإجراءات المنصوص عليها، ولم يغفل المشروع العقوبة بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات وبالغرامة لكل من يثبت تسبّبه في فقدان أو تلف وثائق عقارية.

يذكر أن مجلس الوزراء وافق على مشروع القانون الناظم لإجراءات إعادة تكوين الوثيقة العقارية المفقودة أو التالفة جزئياً أو كلياً، واعتبارها تتمتع بالقوة الثبوتية ذاتها، بغية الحفاظ على حقوق المواطنين وإعادة الاستقرار للقطاع العقاري، على اعتبار أن هذا المشروع يشكّل الأساس القانوني للتعامل مع أي تلف يصيب الوثائق العقارية مستقبلاً بغض النظر عن الظروف المسبّبة، ليكون بذلك مكمّلاً لمهمة السجل العقاري، ويمكّنه من تحقيق أهدافه.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات