فرضت الظروف السيئة نمط حياة محدد، وقيدت حرية الناس بشكل كبير، مجبرة إياهم على اتباع طرق ووسائل غير معتادة في بعض الأمور، وحَدّت من خياراتهم في نواح أخرى.

وأدت الانعكاسات السلبية للحرب على الخدمات الأساسية في معيشة المواطن، إلى تبعات ونفقات إضافية، شكلت تحدّياً لمعظمهم وتحديداً شريحة الطلاب، الذين يرتبط استمرارهم في مسيرتهم الدراسية بتوفر عدة عوامل، أهمها: الإضاءة أي الكهرباء، ومن ثم تأتي أمور أخرى مثل: الاتصال بالإنترنت لبعض الفئات منهم، والتدفئة المناسبة في الجو البارد، أو التكييف في الصيف.

الكهرباء أولا وأخيراً..

ومع استمرار تطبيق نظام التقنين الجائر وبساعات طويلة، فضلاً عن الأعطال متعددة الأسباب، باتت الحاجة لوجود مكان يؤمن مناخاً ملائماً للدراسة حاجة وليس رفاهية، الأمر الذي شجع عدة معاهد ومكتبات لتخصيص قاعات للمطالعة أو الدراسة للطلاب بمراحل الدراسة المختلف.

وفي السياق ذاته، ورغم أن شعبية مقاهي النت تراجعت في الفترة السابقة، مع قيام معظم الناس بتوصيل النت إلى منازلهم، وانتفاء الحاجة للمقاهي، إلا أن سوء الظروف مؤخراً أعاد تلك المشاريع إلى الواجهة، خاصة في فترات الامتحانات، حيث تحولت تلك المقاهي أو القاعات الدراسية المحدثة إلى ملاذ للطلاب، بالرغم من كونها عبئاً مادياً ليس بالقليل.

عروض وحسومات

 

وتعمد بعض المقاهي لتشجيع الطلاب على ارتيادها، عبر تقديم عروض وحسومات للطلبة، الأمر الذي شاع كثيراً بسبب اضطرار الكثير من الطلاب للدراسة خارج المنزل، حيث تكون بطاقة الطالب وسيلة لحصوله على الحسم والعرض المقدمين.

وتبلغ تكلفة الساعة في إحدى تلك القاعات 100 ليرة سورية، بينما تم تحديد تكلفة قضاء يوم كامل (أي من الساعة 9 صباحاً وحتى 7:30 مساء) بـ 500 ليرة، وكتشجيع للطلاب تم طلب مبلغ 2000 ليرة لقاء اشتراك أسبوعي، و3 آلاف ليرة اشتراك نصف شهري، و5 آلاف ليرة اشتراك شهر كامل.

نفقات لم تكن بالحسبان!

ورغم هزالة المبلغ للوهلة الأولى، إلا أنه ليس بالأمر اليسير على الأسر التي فقدت منزلها وممتلكاتها وتسكن بالأجار، أو العائلات التي تراجع مصدر دخلها ولديها أكثر من ابن في مرحلة الدراسة، تزامناً مع ارتفاع حاد في الأسعار.

ولا تقتصر نفقة ارتياد مقاهي الانترنت أو قاعات المطالعة على قيمة الاشتراك وحده، لأن الطالب الذي سيقضي يومه خارج المنزل، لابد وأن يحتاج لمصروف يغطي مأكله ومشربه، ولا يقل سعر فنجان القهوة في المقاهي عن 300 ليرة سورية، بينما تبلغ قيمة كأس من «ميلك شيك» مثلاً 600 ليرة..

وفي المقابل، قد تكون تكلفة قضاء الطالب فترة دراسته كاملة في المنزل مرتفعة أكثر من ارتياده تلك المقاهي أو القاعات، إذ يجب تأمين بطاريات ولدات وشواحن كافية لساعات طويلة من التقنين، حيث يجب أن تكون البطاريات قادرة على سد الحاجة للإضاءة ولتشغيل الراوتر طيلة فترة انقطاع الكهرباء، إضافة لإيجاد وسيلة تدفئة سواء مدفأة مازوت أو غاز، وهذه أمور مكلفة وصعبة التوافر في هذا الوقت، لكنها قد تكون مناسبة في حال تعدد الطلبة في العائلة الواحدة على أقل تقدير.

وحال الطلبة وذويهم على كلا الجانبين يقول: «العين بصيرة واليد قصيرة»، بظل عدم وجود حلول نهائية، لمشاكل لم تعد تمس الحاضر فقط، بل المستقبل أيضاً.

سيرياديلي نيوز


التعليقات