اعتبرت صحيفة «الإندبندنت» البريطانية، أن وسائل الإعلام الغربية تتحمل مسؤولية تحوّلها إلى أداة بروباغندا لمصلحة «الجهاديين» وجماعات «القاعدة» التي تقاتل في سورية، إما عن سذاجة أو لمصلحة ذاتية.
وقال الكاتب «باتريك كوكبرن» في مقال نشرته الصحيفة: «ليس من الخطأ أو المفاجئ أن تشوّه المعارضة السورية صورة أعدائها أو تخفي الأخبار السلبية عنها. المعارضة العراقية قامت بالأمر عينه في 2003 وكذلك المعارضة الليبية في 2011. لكن وسائل الإعلام الغربية تتحمل مسؤولية تحوّلها إلى أداة بروباغندا لمصلحة طرف واحد في هذا الصراع القاسي».
وأضاف كوكبرن: «لقد قامت بذلك عن طريق وسم هذه البروباغندا بالمعلومات الحقيقية التي لا يمكن التحقق منها، والتي تصدر من أشخاص يعيشون تحت سيطرة الجماعات الجهادية التي تعذب وتقتل أي ناقد لها أو منشق عنها».
واعتبرت مصادر مراقبة في دمشق، أن المقال «لم يأت بجديد» بالنسبة لكل شخص موضوعي متابع للشأن السوري، إلا أن المقال «يوثق موضوع التضليل الإعلامي الذي تنتهجه وسائل الإعلام الغربية، والذي لطالما حذرت الحكومة السورية منه».
وقالت المصادر: «ربما ينطبق على هذا المقال المثل القائل أن تصل متأخراً خير من ألا تصل أبداً…».
وقال كاتب المقال: «أن تكون مراسلاً أجنبياً تغطي الحرب الأهلية في سورية أصبح أكثر خطورة لأن الجهاديين الذين يمسكون بزمام السلطة في شرق حلب كانوا قادرين على استبعاد الصحفيين الذين سيتعرضون للخطف أو القتل في حال ذهابهم إلى هناك، واستبدالهم بنشطاء محليين محازبين لهم لا يمكن أن ينكروا أنهم تحت السيطرة الجهادية».
وأوضح، أن وسائل الإعلام الأجنبية سمحت، «إما عن سذاجة أو لمصلحة ذاتية، للأشخاص الذين لا يمكن أن يعملوا إلا بإذن من المجموعات التابعة للقاعدة مثل جبهة النصرة وأحرار الشام، أن يسيطروا على أجندتها الإخبارية».
وأضاف: «لقد كرّست حلب سابقة بأن يكون لدى المشاركين في أي صراع مستقبلي مصلحة في ردع الصحفيين الأجانب الذين ينقلون الوقائع بموضوعية من خلال اختطافهم وقتلهم، من السهل خلق فراغ في المعلومات المطلوبة التي سيزودنا بها في المستقبل مخبرون متعاطفون أو تحت رحمة الأشخاص أنفسهم الذين استبعدوا الصحفيين الأجانب (الجهاديون في حالة شرق حلب)». وتابع: «قتل أو اختطاف هؤلاء أصبح بمنزلة خطوة ذكية من الجهاديين لأنها تسمح لهم بالسيطرة على الأخبار التي تصل إلى العالم الخارجي. إنها أخبار سيئة لأي صحفي مستقل يدخل إلى مناطقهم ويهدد احتكارهم للمعلومات».
ورأى الكاتب، أنه «لطالما كان هناك تناقض صارخ في صلب موقف الإعلام العالمي: من جهة كان مستحيلاً دخول الصحفيين الأجانب إلى مناطق سيطرة المعارضة لخطورة ذلك، لكن في الوقت نفسه كان يسمح للناشطين على ما يبدو بالعمل بحرية من أكثر الحركات عنفاً وأقلها رحمة على الأرض. وانتهى الأمر بالمؤسسات الإعلامية أن تستقي أخبارها من الجهاديين والمتعاطفين معهم الذين يجعلون زيارة المراقبين المستقلين للمناطق الخاضعة لسيطرتهم أمراً مستحيلاً».
وأوضح، أنه و«من خلال تكرارها المعلومات عن هذه المصادر غير الموثوقة تمنح وسائل الإعلام الجماعات من النوع الشبيه بالقاعدة حافزاً للاستمرار بقتل واختطاف الصحفيين من أجل خلق فراغ في الأخبار والاستفادة منه عبر ملئه بأنفسهم».
وأشار إلى أن التهديد للمراسلين الغربيين كان «حقيقياً جداً»، لافتا إلى أن جايمس فولي تمّ ذبحه في 8 آب 2014 وبعده بأيام قليلة كان دور ستيفن سوتلوف، علماً أنه قبل ذلك بوقت طويل كان الصحفيون الأجانب الذين دخلوا مناطق سيطرة المتمردين في خطر كبير. وأضاف «لكن التهديد الأكبر كان للأشخاص المحليين الذين يعيشون تحت سيطرة المسلحين والذين انتقدوا تصرفاتهم وأفكارهم». وفي هذا الصدد أورد الكاتب شهادات لأشخاص يعيشون في مناطق سيطرة جبهة النصرة تضمنها تقرير لمنظمة العفو الدولية «أمنستي» نشر في تموز هذا العام تحت عنوان «التعذيب كان عقابي».
وقال: «كان من السهل على وسائل الإعلام العالمية أن تبث الفيديوهات والمقابلات عبر السكايب من شرق حلب كما لو أنها من كوبنهاغن أو أدنبرة. القيام بخلاف ذلك كان سيلحق الضرر بمصداقية المشهد المرسوم والمقنع الذي يظهر فيه المتحدثون خائفين، لسبب وجيه، بسبب أصوات إطلاق النار والقذائف».
وأضاف: «لا شيء من هذا قد يكون بالضرورة وهمياً لكن هناك العديد من الأمور التي تم تجاهلها. فلا إشارة إلى المقاتلين المسلحين الذين قدّرت الأمم المتحدة عددهم بثمانية إلى عشرة آلاف في شرق حلب. في الواقع لا أذكر رؤية شخص مسلّح أو في موقع محصّن في أي من هذه الأفلام التي تدمي القلب».
ورأى الكاتب، أنه «سيكون من السذاجة الاعتقاد أن كل هذه العلاقات العامة الناجحة والمهنية للمعارضة السورية هي من صنعها؛ فالحكومات الغربية تلعب دوراً في تمويل وتدريب متخصصين في مجال الإعلام تابعين للمعارضة. أحد الصحفيين في بيروت أخبرني كيف عرض عليه مبلغ 17 ألف دولار شهرياً للعمل لمصلحة مشروع علاقات عامة للمعارضة تدعمه الحكومة البريطانية».
وقال: إن «لسيطرة البروباغندا على الأخبار في تغطية الحرب في سورية عواقب سلبية».

سيريا ديلي نيوز


التعليقات