تشير التقديرات الرسمية بأن إنتاج موسم الحمضيات للعام الحالي سيكون استثنائياً فقد يصل إلى 1,3 مليون طن، بزيادة 200 ألف طن عن الموسم الماضي، ولكن عاد البعض ليخفض هذه التقديرات إلى 900 ألف طن من الحمضيات..

900 مليون دولار هي القيمة الأقل لهذا الإنتاج، وفق السعر العالمي للبرتقال البالغ في الشهر العاشر من العام الحالي 1000 دولار للطن، وهذا بعد أن ارتفعت أسعار الحمضيات في هذا العام بشكل استثنائي وبنسبة 38% عن السعر في العام الماضي 2015.

ولكن هذه الثروة الزراعية، متوزعة كما كل ثروة في سورية، بشكل غير عادل، وبالتالي غير مجدٍ..

فمنتجو هذه الثروة من فلاحين، وعمال زراعيين، يحصلون في أفضل الأحوال على نسبة تقارب 50% من سعر الجملة، حيث يحصل المزارع الذي يتولى عملية إعادة الاستثمار على عائد زراعي صافي وسطي 43 ألف ليرة في الموسم الحالي، بينما يحصل السماسرة في سوق الهال، وموزعو مستلزمات الإنتاج على النسبة العظمى من الـ 50% المتبقية فيحصلون على الربح الاحتكاري من الأدوية المستوردة، أو السماد في السوق السوداء، أو المازوت في السوق السوداء. أما الدولة فلا تعود لها عائدات إلا بنسبة قليلة، تعادل نسبة مساهمتها الضئيلة في العملية الإنتاجية، مع تراجع دورها في توزيع الأسمدة، والأدوية، والإقراض، وتوزيع المازوت للمزارعين.

أما المصدرون، وهم من تجار الجملة أنفسهم، فيحصلون إن نجحوا في تسويق منتجهم على عائدات كبيرة، ناتجة عن الفارق بين سعر الجملة بوسطي 60 ليرة في الموسم الحالي، وبين السعر العالمي للكغ البالغ 1 دولار أي حوالي 540 ليرة سورية، أي 9 أضعاف سعر الجملة المحلي!

حتى التصدير الذي يتم الحديث عن انفتاح الأبواب الروسية له، لم يستطع أن يتدفق بالشكل المطلوب، نتيجة العشوائية، وغياب التنظيم في الإنتاج الزراعي السوري، فرغم ميزات نسبية للحمضيات السورية، إلا أن تسويقها عبر المصدرين الفرديين وليس بشكل مؤسساتي موحد، وبعقود نظامية وعبر الدولة، لا يتيح الحصول على مواصفات تغليف وتعبئة، مناسبة للسوق العالمية.

كان من الممكن أن يقوم جهاز دولة منظم، بمؤسسات خزن وتسويق منتشرة في مناطق الإنتاج، بمهمة جمع الفائض بسعر يحقق عائداً على للمزارعين، ويعود على المال العام بإيراد يقارب 500 مليون دولار من موسم الحمضيات. إلا أن عملية جمع الفائض وتصديره متروكة دائماً لمن يجتهد من تجار الجملة ويحصل على ربح أعلى من ثروة وطنية كالحمضيات..

المنتج الهام متروك لفوضى السوق، والتي تترك للمزارع عائداً قليلاً، وتدفع مجموعات من المزارعين إلى قلع أشجارهم وزراعة الخضراوات، أو ترك محصولهم من البرتقال الخاسر معلقاً على الأشجار، ولا تعود على الدولة بأية إيرادات تذكر، ويؤمن لمجموعة قليلة من مصدري الحمضيات بشكل غير منتظم عوائد استثنائية..

سيريا ديلي نيوز


التعليقات