باتت الأمور في دير الزور على حافة الهاوية، وما زال الجوع والعطش والمرض والقصف العشوائي، وما زال الكذب والفساد والنهب والمتاجرة بالمساعدات وبقوت العباد وحتى بأرواحهم، وأصبحت أحياء المدينة المحاصرة مرتعاً لشبح الموت المتعدد، وأصبح الريف مرتعاً للرعب القادم على أيدي التكفيريين الدواعش.!

على مشارف اقتراب انتهاء العام الثاني من الحصار، ما زالت معاناة أهالي دير الزور في الأحياء المحاصرة تتراكم وتتضاعف. لا كهرباء ولا خضار ولا فواكه ولا دجاج ولا بيض وغيرها.، أما الماء فبالقطارة، والخبز بكسرة من الرغيف، والمرض يفتك بالأطفال والنساء وحتى الرجال، والفساد وتجار الأزمة «الشايلوكيين» استباحوا كل شيء، فلم تعد هناك حرمة حتى للموت والشهادة، اللذان باتا سبيل الخلاص من الألم والموت البطيء.!

«داعش» 

القادم من العراق يتكاثر.!

أمّا الأهالي في الأحياء التي تحت سيطرة التكفيريين الدواعش في مدن وقرى الريف، فهم في سجنٍ كبيرٍ ممنوعون من التنقل فيها أو المغادرة منها تحت أي سبب من الأسباب، ولا تعليم ولا صحة ولا عمل، وشبح الرعب الذي يحصي عليهم أنفاسهم وحركاتهم، والويل لمن زاح قليلاً عن «صراطهم» المزعوم، فالموت بشتى الطرق، خنقاً وحرقاً وغرقاً وغلياً وذبحاً، كما الشاة، وخاصةً في الأيام الأخيرة، بعد هروب قسمٍ كبيرٍ منهم من العراق إلى دير الزور والرقة، حيث يقومون بإخلاء بيوت الأهالي ويطردونهم منها ويستولون عليها لهم ولأسرهم، بما فيها من أثاث، ويمنعون الأهالي من حمل أي شيء منها، وقد ازداد رعب الأهالي وخصوصاً أن الأيام القادمة ستزيد من تواجدهم هرباً من الموصل في العراق، ونسبة عالية من الأهالي تترك المدن والبلدات إلى القرى تحسباً للقصف الذي سيطالها.!

المواد بالغرامات 

والأسعار بالآلافات.!

أهالي أحياء دير الزور المحاصرة أنهكهم الجوع والقهر، وبات الحصول على وجبةٍ في اليوم أملاً بعيد المنال، ولم يعد لديهم القدرة على تأمينها، ومن توفرت لديه بقايا من المال أصبح يشتري المواد بالغرامات، ويدفع الآلافات100 غ سكر ثمنها 350 ليرة و100 غ من الشاي ثمنها 2200 ليرة و100 غ زيت400 ليرة و100 غ من السمنة ثمنها 1200 ليرة و100 غ من اللحم ثمنها 1500 و100 غ من المازوت 250 ليرة أي ما يقارب 6 آلاف ليرة لا تكفي فرداً واحداً من العائلة فإذا كانت الأسرة مؤلفة من خمسة أشخاص تحتاج إلى 30 ألفاً في اليوم، أي 900 ألف ليرة في الشهر فقط للغذاء، دون مواد غذائية أخرى، ولباس وصحة ودراسة وسكن وغيرها.. وهذه تكلفة وجبةٍ واحدة يومياً، فكيف يمكن لأسرة عامل أن تؤمن ذلك، وكيف لأسرةٍ لا دخل لها أن تعيش ليومٍ واحد وبوجبةٍ واحدة فقط.!؟

الفساد مجرم أيضاً.!

رغم أن حجم المساعدات التي تلقى باستمرار غير كافٍ، إلاّ أنها مازالت مصدراً لاغتناء الفاسدين وتجار الأزمة، حيث يقتطع قسمٌ مهمٌ منها ويباع منها في الأسواق بالتعاون مع تجار الأزمة وبأسعارٍ خيالية.

مؤخراً في هذا الأسبوع، أسقط بالمظلات 20 طناً من البسكويت مقدمة من الهلال الأحمر لتلاميذ وطلاب الأحياء المحاصرة، كما صرح المحافظ نفسه، لكن لم يوزع إلاّ قسمٌ منها عليهم، وحصل كل تلميذٍ من الصف الأول إلى السادس على 5 قطعٍ فقط، أمّا بقية التلاميذ والطلاب فلم يحصلوا على شيء، وحسب ما ذكر الأهالي أنّ ما وزع لا يعادل 10% من الكمية، ولو كان لدينا 20 ألف طفل لحصل كل واحد منهم على كغ من البسكويت، علماً أن عدد التلاميذ لا يصل إلى هذا العدد، ويتساءلون أين ذهبت بقية الكمية.؟ أليست للفاسدين وعملائهم من تجار الأزمة الذين يأخذون ما يريدون أكله، والباقي سيبيعونه في الأسواق بعد أيامٍ كالعادة كما بقية مواد المساعدات التي من المفترض أن تكون مجانية وإغاثية.!

الموت سلعة .!

الديريون الأحياء لا قيمة لهم والموت أصبح ليس سبيلاً للخلاص فقط .. وإنما سلعة، فمن يموت من الجوع والمرض أجرة نقله إلى المقبرة 20 ألف ليرة، فقط لمسافةٍ لا تتعدى 2-3 كم، ولم يعد لدى الأهالي القدرة على نقل موتاهم بالسيارة، وأصبح التشييع بعربة الخضار التي تدفع باليد أو العربة التي يجرها حصان، أو حملاً عل الأكتاف، والمشيعون يعدون على أصابع اليد، .!

أمّا المواطنون المدنيون الذين يستشهدون نتيجة  القصف «الداعشي»  .. فلا حقوق لهم نهائياً، وكذلك من يستشهد من الدفاع الوطني، وحتى من يستشهد من أبناء الجيش من أبناء المحافظة والذين قدموا دماءهم فداءً للوطن ودفاعاً عنه، فالكثيرون منهم منذ أكثر من عام رفعت أسماؤهم ولم تحصل أسرهم على شيء منذ بداية الحصار، أي منذ سنة وعشرة أشهر، وكلما راجعوا المسؤولين الذين باتوا يضيقون ذرعاً من المراجعة والسؤال، يتلقون الجواب: إننا رفعنا الأسماء.!!

رغم معاناة أهالي دير الزور من كل شيء ما زال الإعلام الرسمي، والإعلام العالمي يتجاهل ذلك ويغرق في الصمت.!؟

سيريا ديلي نيوز


التعليقات