تتفاوت الحياة الاقتصادية للاجئين السوريين في الأردن، بين من سُجّلوا في مفوضية اللاجئين، ويبلغ عددهم نحو 625 ألف لاجئ، ويعتمد اقتصادهم على المساعدات الدولية بالدرجة الأساس، وبين غير المسجلين، والمقدّر عددهم بنحو 700 ألف سوري، بعضهم لديه أعماله واستثماراته في المملكة.

مساعدات

يقدّم برنامج الغذاء العالمي -بالتعاون مع مفوضية اللاجئين- مساعدات للاجئين السوريين، داخل وخارج المخيمات، وبأشكال مختلفة ومتفاوتة، بحسب دراسات وإحصاءات تجريها مفوضية اللاجئين باستمرار؛ إذ يحصل السوريون في المخيمات على قسيمة غذائية، وهي بطاقة صراف آلي بقيمة 20 دينار أردني لكل فرد من العائلة شهريًا، تُصرف من متجر كبير، أُعدّ خصيصًا لهذا الغرض، كما يحصلون على مساعدات عينية أحيانًا، أو موسميًا. وأوضح أبو أحمد الذي يسكن في مخيم الزعتري لـ (جيرون)، قائلًا: “هناك بعض المساعدات العينية التي نحصل عليها، خاصة في الشتاء، كالمدافئ، وأسطوانات الغاز، والألبسة، والبطانيات، من أجل التدفئة، وتُوزّع سلال غذائية، تكاد تكون متماثلة في نوعيتها، ولا سيما في شهر رمضان، وتكون مقدمة -عادًة- من دول عربية”.

لكن السوريين الذين عُرفت عنهم -دائمًا- رغبتهم في العمل، لم يكتفوا بهذه المساعدات التي تشعرهم، كما قال محمد، صاحب محل تجاري في مخيم الزعتري، بأنهم “عالة على غيرهم”، وشدد على أن “كثيرًا من السوريين في المخيم يريدون العمل، ويرغبون به ويسعون إليه؛ من أجل تحسين واقعهم، من جهة، ولتغيير الفكرة السائدة عن حالة اللجوء، وما يتبعها من ضغوط نفسية واجتماعية، من جهة أخرى”.

عمد كثير من السوريين -من خلال استعمال الألواح المعدنية- إلى إنشاء متاجر ومحال تجارية مختلفة المساحات، ومتنوعة في مزاولة العمل التجاري؛ حتى زاد عدد المحال التجارية على 1300 محل تجاري، في سوق يمتد على شارع طويل، بات يسمى لدى سكان المخيم (شارع الشانزليزيه)؛ لكثرة المحال التجارية فيه وتنوعها، ابتداء من المطاعم ومحال الألبسة، وصولًا إلى محال الأجهزة الكهربائية، والأجهزة الإلكترونية.

وعن كيفية إدخال البضائع إلى المخيم، قال قاسم، صاحب محل توابل: “تقدّم لائحة بالبضاعة المُراد إدخالها إلى إدارة المخيم، وبعد الحصول على الموافقة، تُجلب عن طريق التجار الأردنيين، وتُدخل قانونيًا”.

أما خارج المخيمات، فيحصل السوريون -أيضًا- على قسائم غذائية (بطاقة إلكترونية)، لكن على فئتين ماليتين: الأولى بقيمة 10 دنانير لكل فرد من العائلة، والثانية 20 دينارًا لكل فرد، وقُدّر ذلك وفق دراسات أجرتها مفوضية اللاجئين، قدّرت الحاجات الإنسانية بحسب الوضع الاقتصادي للاجئين، كما تحصل بعض العائلات على مساعدة مالية شهرية، تقدمها مفوضية اللاجئين تقدر بحوالي 130 دينار أردني، تسمى اصطلاحًا “بصمة العين”؛ لأن استلامها من المصرف المخصص يتم عبر بصمة العين للاجئ المُستفيد، وترتفع قيمتها في الشتاء، لتصل إلى حوالى 200 دينار أردني؛ إذ تضاف إليها علاوة التدفئة.

النشاط الاقتصادي وترخيص العمل

قدمت الحكومة الأردنية تسهيلات عديدة للمستثمرين السوريين، ممن يرغبون في الاستثمار، ضمن شروط، أهمها ألا يقل رأس المال عن 50 ألف دينار أردني، كحد أدنى، ويتركز الاستثمار السوري في المجال الصناعي خصوصًا، وقد بلغت عدد الشركات العائدة إلى مستثمرين سوريين في الأردن، حتى الربع الأول من العام 2016، نحو 500 شركة.

وقد انخرط السوريون في سوق العمل الأردني منذ بدء لجوئهم إلى الأردن؛ وحتى قبل حصولهم على ترخيص عمل قانوني، وساعدت في ذلك العلاقات بين الشعبين، وصلة القرابة، والنسب التي تربط بينهما.

وفي هذا السياق، يقول عماد، وهو سوري يعمل في محل لقطع السيارات في بلدة الرصيفة، قرب الزرقاء: “لا تكفي قيمة القسيمة الغذائية إلا لشراء الحاجات الغذائية الأساسية، فلا يُسمح لنا -من خلالها- بشراء مواد أخرى، كالمنظفات مثلًا، كما أنه يجب أن نعمل؛ لتسديد أجور المنازل، إضافة إلى بقية الحاجات الأخرى”.

قدرت وزارة العمل الأردنية عدد العمال السوريين، والذين يعملون دون ترخيص عمل، بنحو 140 ألف عامل؛ ما استدعى إيجاد حل قانوني، يضمن لهم حق العمل بطريقة شرعية تحميهم، من جهة، ومن جهة أخرى؛ للمحافظة على التوازن في سوق العمل الأردني، وتوفير فرص العمل للجميع.

من جهتها، تعهدت الحكومة الأردنية، بعد مؤتمر المانحين الذي عُقد في لندن بداية عام 2016، بإيجاد فرص عمل للسوريين في الأردن، بشكل مساوٍ للعمالة الوافدة الأخرى.

وفي 7 آذار/ مارس، صدر قرار عن وزارة العمل الأردنية، ينص على منح تصاريح عمل للعمال السوريين في الأردن؛ ليتبعه قرار آخر، في 6 نيسان/ أبريل، يُعفى بموجبه طالبو تصريح العمل من السوريين من أي تكاليف استصدارها، والاقتصار على رسوم وطوابع بقيمة لا تتجاوز 10 دنانير أردنية، بعد أن كانت تكلفة تصريح العمل تصل إلى 400 دينار أردني.

جاء في القرار، أنه يطبق على العمالة السورية ما يطبق على العمالة الوافدة الأخرى من قوانين، بعد الحصول على تصريح العمل، ومن ذلك الضمان الصحي والاجتماعي، ويستطيع السوريون -بناء على ذلك- العمل في المهن المفتوحة أمام العمالة الوافدة الأخرى، ومنها الأعمال الزراعية، وأعمال الإنشاءات، والنظافة العامة.

وما يجدر ذكره أن السماح بإصدار تصاريح عمل للسوريين له آثار إيجابية؛ فهو يحمي العمال السوريين من الابتزاز، واقتطاع الأجور، والطرد التعسفي من بعض أرباب العمل.

وقد بلغ عدد التصاريح الممنوحة للعمال السوريين، بحسب وزارة العمل، حتى 11 تموز/ يوليو 2016، حوالي 20282 تصريحًا، وما تزال في ازدياد، ويُتوقع أن تتضاعف، بعد صدور قرار عن وزارة العمل في 25 أيلول/ سبتمبر الجاري، بتمديد الإعفاء من رسوم تصريح العمل؛ حتى نهاية العام الجاري 2016.

وفي 27 أيلول/ سبتمبر، صدر بيان عن البنك الدولي، أُعلن فيه صرف مبلغ 300 مليون دولار، كقروض مساعدات للأردن؛ لتسهيل عمل اللاجئين السوريين في الأردن، واستخدام هذه الأموال لجذب الاستثمارات، والقيام بإصلاحات، من شأنها مساعدة القوى العاملة السورية على دخول سوق العمل الأردنية.

وبحسب البيان، فإن مزيدًا من السوريين سيحصل على تصاريح عمل؛ للوصول إلى وظائف أحوال لائقة، ويساعد ذلك في نمو الاقتصاد الأردني، وتحويل الأردن إلى بلد لديه طموحات في دفع وتفعيل عملية التنمية، ومساعدة الأردن في تحمل أعباء استضافة اللاجئين السوريين على أراضيه.

يحاول السوريون الاندماج اقتصاديًا في الأردن، بعد أن كانوا -بداية الأمر- يعتقدون أن ما يجري ليس سوى أشهر، وسوف تمر، لكن بعد هذه السنوات، وجدوا أنه لا بد من بناء حياة في بلد شقيق، لا يعلمون كم من الوقت ستستمر بعيدًا عن أرضهم ووطنهم.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات