عايفين حالنا” عبارة ناطقة بحقائق الواقع المعيشي .. وظروف الناس الحياتية تزداد صعوبة

 تجهم الوجوه في الشوارع، وملامح التعب والقهر على جباه المواطنين، لم تكن من أخبار سياسية سيئة، أو حدث أمني هنا أو هناك، بل من الوضع الاقتصادي الذي بات يؤرّق كافة المواطنين على مدار اليوم، خاصة خلال الأزمة التي عمّقت الهوة بين الدخل والإنفاق، وعصفت بالأسعار إلى مستوى غير مسبوق في شهر أيلول الذي وصفه السوريون بشهر النكبة المالية بتزامن العيد، وموسم المونة، وافتتاح المدارس، فكيف تعايش السوريون مع هذا الامتحان الصعب، وهل تغفل الجهات المعنية عن هذه الأوضاع، وتعمل على دعم المواطنين في معركتهم لتأمين لقمة العيش؟.

عايفين حالنا

أبو وائل من سكان مدينة جرمانا، وموظف في القطاع العام، عندما سألته عن أحواله، أجابني “الحمد لله مستورين”، ولكنه لدى معرفته بأن كلامه سينشر في جريدة رسمية، بادرني قائلاً: “نحن عايفين حالنا، الرواتب ما بتكفي أسبوع وظروفنا صعبة ما بترحم، وخاصة هذا الشهر “الله وكيلك” حتى الآن لم أستطع شراء مستلزمات المدرسة لأطفالي، وفي فترة العيد حاولنا الاكتفاء ببعض السكاكر ضمن الحد المستطاع”، وطبعاً حاله مثل حال الكثيرين ممن اجتمعوا ليشتكوا معاناتهم المادية وضيق الحال، وأكثرهم تذمّر من التجار الذين لم يتوانوا من استغلال أية مناسبة لجمع ثرواتهم ونهب جيوب المواطنين، بتفاوت الأسعار بين المحال، فكيف لا وثلاث مناسبات في شهر واحد.

سوء توزيع الإعانات

وفي تجمّع كبير أمام الملعب البلدي، حيث تقدّم المساعدات للمهجّرين والفقراء، مساعدات عينية وسلل غذائية، التي تعد رديفاً لبعض من هجّرتهم الأزمة من بيوتهم، كانت أم صابرين تقف محتارة لمن تشكي ظلمها، وهي تؤكد أنها سجلت اسمها منذ أشهر، وحتى الآن رغم حضورها للمرة الثانية لم تنل حصتها من السلة الغذائية، مؤكدة أن الأسماء تُمحى، وتضاف غيرها عن طريق المسؤولين عن توزيع المعونات، واستغلال المعرفة والوساطة لحصولهم على المعونات الغذائية والعينية إن وجدت، رغم تواجد أعداد كبيرة من المواطنين ممن يستلمون المعونة بأوراق ثبوتية ودفاتر العائلة، ألا أننا نستطيع الوصول إلى الحقيقة بملاحظة وجود بسطات كثيرة تبيع المواد الغذائية التي توزع ضمن الإعانات على أرصفة الشوارع.

 “المونة هم آخر

أم ماهر ربة منزل تختار ما يناسبها من الباذنجان والفليفلة الحمراء، لدى سؤالها عن قدرتها في تأمين المونة، التفتت ضاحكة، وقالت: “والله المكدوس بيستر الوجه، وأولادي بيحبوه” ورغم تكلفته العالية، فأم ماهر تحاول التكيف مع الأسعار بتقليل مادة الجوز التي وصل ثمن الكيلو البلدي إلى /4800/ ليرة سورية، أو استبداله بالفستق، كما فعلت السنة الماضية، أما العديد من السيدات، فقد أكدن أن المونة أصبحت هماً تثقل كاهل الأسرة، وتأمينها ليس بالأمر السهل، فعدلن عن فكرة المكدوس لهذه السنة لارتفاع أسعار مادتي الجوز والثوم، وتزامنه مع مستلزمات عيد الأضحى، وافتتاح المدارس التي قضت على كل المدخرات المالية المتوفرة.

وأخيراً

غلاء الأسعار من جهة، وتزامن افتتاح المدارس مع موسم المونة، وعيد الأضحى من جهة أخرى أرّقت مضاجع جميع السوريين منذ بداية شهر أيلول، وفتحت المجال واسعاً لكشف حالة السوريين، وقدرتهم على الاحتمال، ومواجهة المشاكل المادية التي عرت مستوري الحال، وذوي الدخل المحدود، وزادت الفقراء فقراً وحاجة، فازدياد حدة الضغوطات الاقتصادية دفعت بالكثيرين إلى مناشدة الحكومة والجهات المعنية إلى التدخل في ضبط الأسواق بشكل عملي يؤدي إلى معاقبة المخالفين، وتوحيد الأسعار بما يتناسب ودخل الموظف السوري، أو العمل على إيجاد حلول إغاثية سريعة تحفظ ما تبقى من ماء وجههم قبل بدء فصل الشتاء الذي يضيف إلى قائمتهم هم تأمين مادة المازوت، حيث لا تنفع معها كافة الحيل والتدابير الاقتصادية التي تمرّس عليها السوريون خلال أزماتهم الاقتصادية

سيرياديلي نيوز


التعليقات