مرت قبل أيام الذكرى الخامسة والعشرين لانطلاق الشبكة العنكبوتية (الإنترنت) التي غيرت طبيعة المجتمعات البشرية في عالم اليوم، وحولّت العالم إلى قرية صغيرة، فـفي الثالث والعشرين من آب/ أغسطس 1991، أًتيح للناس لأول مرة الدخول في عالم الشبكة العنكبوتية العالمية (النت)، وهو ما يُطلق عليه اسم “يوم الإنترنت” (Internet Day).

 

تعود فكرة الإنترنت إلى عالم الكمبيوتر البريطاني السير تيم بيرنرز لي، الذي بدأ بالإعداد لفكرته في مختبر الفيزياء السويسري عام 1989، وأطلق -بعد سنتين من ذلك العام- أول مُخدّم (سيرفر) في العالم، وبالتحديد في السادس من آب/ أغسطس 1991.

 

منذ ذلك اليوم، بدأت الإنترنت في الانتشار بشكل كبير، خاصة في ظل ولادة شركات ضخمة متخصصة بمجال الخدمات المعلوماتية، كـ (غوغل) و(ياهو)، والتي ساعدت في إيجاد الصفحات التي تُناسب متطلبات الناس، ومع التطور المتسارع لانتشار الإنترنت حول العالم، أصبح واضحًا حجم التغييرات الجذرية التي أحدثتها شبكة الإنترنت في بنية المجتمعات البشرية، على كل المستويات، الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية.

يمكن وصف التغييرات التي أحدثتها الشبكة بـ “ثورة عارمة”، أثّرت في كل مناحي الحياة على مستوى العالم، فسرعة الحصول على المعلومات، ومشاركتها مع العالم أجمع، حولت العالم إلى قرية صغيرة؛ ما جعل التأثير وتأثّر المجتمعات ببعضها بعضًا غير محدود، بغض النظر عن الحيز الجغرافي لهذه التجمعات، هذا من ناحية سهولة تدفق المعلومات حول العالم، أما الناحية الأخرى فهو التأثير المباشر على سلوكياتنا، وأنماط حياتنا كأفراد، ودول، ومجتمعات، إن كان من الناحية الاجتماعية، أم الاقتصادية أم السياسية.

وبات مقياس الأمّية لا يرتبط بالقراءة والكتابة، كما كان سابقًا، بل أصبح يرتبط بالتقنيات المعلوماتية، وفي مقدمتها الإنترنت، فالدول التي لم تستطع مواكبة للخطوات المتسارعة على مستوى أتمتة مؤسساتها، أصبحت توصف بدول أمية ومتخلفة، حيث شهدت السنوات الأخيرة تطورًا كبيرًا في سعي الدول للاستفادة القصوى من التقنيات التي أتاحها مفهوم الشبكة العنكبوتية، من جهة سهولة تخزين المعلومات، ومشاركتها بين مؤسسات الدولة الواحدة، أو حتى مع بقية دول العالم، والذي انعكس -بشكل مباشر- على الخدمات المقدمة لمواطنيها، فلم يعد المواطن بحاجة الانتظار لأيام، أو ربما لأشهر بانتظار وصول البريد حتى يقوم بتسيير معاملاته، إن كان في الدولة نفسها أو في دولة ثانية، حيث أصبح هناك مصطلح حديث أسمه الحكومة الإلكترونية، للاستفادة من الشبكة العنكبوتية (الإنترنت) في ربط مؤسسات الدولة ببعضها بعضًا، ووضع المعلومة في متناول الأفراد، وذلك لخلق علاقة شفافة تتصف بالسرعة والدقة تهدف للارتقاء بجودة الأداء.

لم تقتصر الاستفادة من خدمات الإنترنت على المؤسسات الحكومية، بل كانت المؤسسات الخاصة أكثر استفادةً من الخدمات التي تقدمها خدمة الإنترنت، وخاصة في مجال التسويق والإعلان، وساهم هذا في تعزيز مفهوم الشركات العابرة للقارات، كما أصبحت هناك في الوقت نفسه شركات ضخمة متخصصة في تقديم منتجات الإنترنت كشركتي “ياهو” و”غوغل”.

أما نقطة التحول الكبرى في عالم (النت)، فكانت وسائل التواصل الاجتماعي، والتي شكلت إضافة نوعية إلى عالم الإنترنت، وخاصة على مستوى الانتشار، والتفاعل بين الأفراد، والمجتمعات على مستوى العالم، وحولت المواطن العادي -حول العالم- من متلقٍ سلبي للمعلومة من خلال وسائل الإعلام التقليدية، إلى مرسل ومصدر للمعلومة، وهو ما تجلى بشكل واضح خلال ثورات الربيع، حيث كان لوسائل التواصل الاجتماعي دور كبير ومؤثر في هذه الثورات، وذلك من خلال كسر احتكار الدول والأنظمة الديكتاتورية لوسائل الأعلام التقليدية، ونقل ما يحدث إلى العالم أجمع.

خلال السنوات الخمس والعشرين التي تلت انطلاق الشبكة العنكبوتية (الإنترنت)، تغير العالم بشكل كبير، ويكفي أن نتصور ما الذي سيحدث، لو توقف الإنترنت ليوم واحد، وما ستترتب عليه من خسائر مادية، قد تصل إلى مليارات الدولارات، وتعطل معظم المرافق الحيوية حول العالم؛ لندرك كم ارتبطت كل تفاصيل الحياة البشرية حول العالم بالإنترنت.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات