أكثر من عامين ونصف على مأساة أهالي عدرا العمالية، ومع ذلك ما زالت تتوالى عليهم المآسي من كل حدب وصوب، وكأنه كتب عليهم أن يكونوا شركاء دائمين في الشقاء.

 

أهالي عدرا العمالية تكالبت عليهم المواجع، اعتباراً من المسلحين الذين دهموهم ونكلوا بهم، إلى مخطوفيهم الذين لم يعودوا إلى الآن، مروراً بالوعود الخلبية عن الترحيب بعودتهم، وغيرها من منغصات الحياة الأخرى.

إنذارات بإلغاء التخصيص

أخر ما حرر من تلك المنغصات هو ما يقال عن قيام المؤسسة العامة للإسكان بتوجيه إنذارات للمتخلفين عن تسديد أقساطهم الشهرية من أبناء المدينة العمالية بعدرا، وبمهلة للتسديد أقصاها 30 يوماً من تاريخ استلام الإنذار، تحت طائلة إلغاء تخصيص المسكن.

بعض هؤلاء الأهالي الذين تعتبرهم مؤسسة الإسكان مقصرين بالتزاماتهم، ما زالوا مخطوفين ومرتهنين لدى المسلحين، وما زال بعضهم بحكم المفقود، فهل من الإنصاف أن يعود هؤلاء ليجدوا أنهم قد أصبحوا بالعراء بعد طول معاناتهم بالأسر؟، أو بعد أن فقد بعضهم أحد أفراد أسرته أو كلهم؟، كيف يستوي الأمر لدى مؤسسة الإسكان بأن تتعامل مع أبناء المدينة العمالية على أنهم مصدر لتحصيل الذمم وتحاسب هؤلاء على تقصيرهم، وهي نفسها مقصرة بما تعهدت به بشأن إعادة تجهيز وترميم الأبنية المتضررة من المعارك التي دارت رحاها في المدينة على أثر دخول المسلحين إليها، ولا تقوم بواجباتها في ترميم هذه المنازل التي أصبحت غير صالحة للسكن؟!.

بعض المنازل غير صالح للسكن

كما أن بعض الأهالي عاجزون عن أن يعودوا إلى منازلهم بسبب تضررها وعدم صلاحيتها للسكن، وهم بالتالي مستأجرين في مكان آخر يؤويهم، ويتحملون بدل الإيجار الشهري الذي طال بهم دفعه بسبب تقاعس تلك المؤسسة عن القيام بدورها، علماً أنه تم الوعد سابقاً بأن الترميم سيتم بأسرع وقت، وبأن المبالغ اللازمة قد تم رصدها لهذه الغاية، علماً أن هذه الأبنية من المتعذر على الأهالي القيام بترميمها بشكل خاص نظراً لطبيعة إنشائها، باعتبارها أبنية مسبقة الصنع.

كما أن الوعود التي أطلقت عن منح تعويضات عن الأضرار التي لحقت بالأبنية كانت قد توقفت، وذلك بسبب أن المؤسسة العامة للإسكان ستقوم بهذه المهمة عبر تعهيدها هذه المهمة لإحدى الجهات العامة.

أحد أهالي المدينة قال متهكماً: «في عائلات كاملة انخطفت وهي بدوما هلأ، خلي الإسكان تبعتلهن إنذارات لهنيك!». 

مواطن آخر قال: «اللي استحوا ماتوا، في عالم ما ح تعرف أنو توزعت إنذارات لأنها مخطوفة، شو بدو يصير فيها بعدين؟».

إحدى المواطنات قالت: «بيتي مدمر وما بينسكن، مستأجرة برات المدينة، كيف بدي لحق مصاريف، تراكم أقساط من آخر 2013 وضرايب كمان».

أحد المواطنين قال: «ياترى فيني أنا أبعت إنذار للمؤسسة لأنها لهلأ ما رممت البيوت؟ وتحت أنو طائلة فيني حاسبها؟».

أسباب متعددة تمنع العودة

أهالي عدرا العمالة ما زالوا منكوبين بعظمهم، فعلى الرغم من عودة بعضهم إلى المدينة، إلا أن الغالبية لم تعد إليها بعد، وأسباب عدم عودة هؤلاء يمكن تلخيصها بالتالي:

جزء منزله مدمر، أو متضرر وغير صالح للسكن، وهؤلاء بانتظار استكمال عمليات الترميم اللازمة لمنازلهم من أجل العودة.

الجزء الآخر ما زال مختطفاً أو مفقوداً، أما عن بعض الأسر التي أحد أفرادها مختطفاً أو مفقوداً، فهي لا رغبة لديها بالعودة إلا بكامل أفرادها، بانتظار استكمال تحرير بقية المختطفين ومعرفة مصير الآخرين منهم.

جزء نقل مقر عمله إلى محافظة أخرى بعد أحداث المدينة الدامية، وقد استقر هناك، وبات من المتعذر بالوقت الراهن العودة واعادة نقل وظيفته إلى دمشق أو ريفها.

جزء استقر في دمشق أو في ريفها القريب، ويتعذر عليه العودة بسبب ارتفاع أجور النقل من المدينة وإليها، حيث وصلت الآن إلى 200 ليرة للشخص، وبالتالي من لديه أسرة كبيرة مضطرة للانتقال اليومي، فإن ذلك يعتبر نفقة مالية كبيرة يعجز عن تكبدها.

ناهيك عن أسباب أخرى يمكن أن تكون أقل أهمية مما سبق.

مطالب ملحة

خلاصة القول فإن أهالي المدينة العمالية يطالبون بإنصافهم عبر منع استمرار تنفيذ هذا الإجراء من قبل المؤسسة العامة للإسكان، حيث أنه يعتبر مجحفاً بحق الكثير من الأهالي، وخاصة بالمرحلة الراهنة، كما يطالبون بإعادة الاهتمام بملف المختطفين والمفقودين الذين طال انتظار عودتهم، بالإضافة إلى ضرورة تشغيل باصات النقل الداخلي بأجور رمزية من وإلى المدينة، وخاصة بساعات الذروة صباحاً ومساءً، مع التخفيف من الإجراءات الأمنية على مدخل المدينة، حيث أن بعض هذه الإجراءات يمنع البعض من العودة والاستقرار في المدينة أيضاً.

 

قاسيون

 

 

 

سيريا ديلي نيوز


التعليقات