الوقائع والمعلومات المحيطة بجولة جيفري فيلتمان مساعد وزير الخارجية الأميركية ورئيس لجنة الأمن القومي  في الكونغرس جو ليبرمان تشير إلى مخطط تصعيدي يهدف لاستهلاك جميع الطرق الممكنة لمحاولة تخريب خطة كوفي أنان وتصعيد العمليات الإرهابية داخل سورية. أولا: قبل لبنان زار ليبرمان وفيلتمان المملكة السعودية التي تجاهر علنا بالدعوة إلى المزيد من إغداق السلاح والمال على العصابات الإرهابية الناشطة في سورية وحيث تقدم السعودية دعما مكشوفا ومعروفا للجماعات التكفيرية ولأجنحة ترتبط بها مخابراتيا في الواجهات المعارضة المتناحرة الموزعة بين اسطنبول والرياض والدوحة وباريس وقد قامت السعودية مؤخرا بدفع مجموعة من المعارضين في العاصمة الفرنسية للإعلان عن تشكيل جديد مناهض لمجلس اسطنبول بزعامة الدواليبي وكل التشكيلات المعارضة ذات الصلة الوثيقة بإسرائيل تحظى برعاية سعودية وأميركية مباشرة بينما تلعب قطر دور ممر التشبيك بين المعارضات السورية والمخابرات الإسرائيلية إلى جانب تركيا. من المعلوم أن ثلاث ساحات في المحيط السوري المباشر تشكل نقاط ارتكاز للعصابات المسلحة وقد أوجدت فيها قواعد تدريب ومعسكرات حشد وغرف عمليات بإشراف ضباط المخابرات الأميركية والفرنسية الذين كلفوا بتنظيم صفوف العصابات الإرهابية. في الأردن اضطرت السلطة لإجراء حسابات دقيقة في ضوء ما تلقته من نذير بالردع السوري الاقتصادي والسياسي والأمني وهو ما أدى تباعا إلى إحباط عمليات تسلل عديدة جرت عبر الحدود بين البلدين ولكن الحكومة الأردنية وأجهزتها الأمنية لم تقم بأي عمل لتفكيك المجموعات التكفيرية والإرهابية الوهابية الناشطة في الأردن والتي تحشد في عدد من المدن والمواقع القريبة من الحدود مئات من التكفيريين والإرهابيين الذين يحملون الجنسيات السعودية والليبية والأردنية والسورية ويتحركون في وضح النهار تحت عنوان الانتقال للقتال في سورية وفي عداد هؤلاء مجموعات من فلول عصابة الزرقاوي. أما في تركيا حيث تتواجد المعاقل القيادية للعصابات الإرهابية المسلحة ومواقع الدعم اللوجستي التي انطلق عملها في معارك جسر الشغور خلال العام الماضي فان حكومة اسطنبول قد اضطرت لأجراء حسابات صعبة حول خيار التورط العسكري تحت عنوان الممرات الإنسانية والمنطقة العازلة بعد التدابير المحكمة التي اتخذها الجيش العربي السوري على الحدود وفي ظل التفاعلات الخطرة داخل تركيا وفي المحيط الإقليمي التي أظهرت لاردوغان وحكومته ان أي مغامرة أو حماقة عبر الحدود السورية ستشعل حربا كبرى قال بعض المحللين الأتراك انها ستدفع بتركيا إلى الانهيار الاقتصادي والسياسي وربما التفكك الكياني في ضوء تحرك العامل الكردي بعد إعلان عبدالله اوجلان ان المناطق الكردية ستشتعل بالجيش التركي في حالة العدوان على سورية. ثانيا: في هذه الخارطة الإقليمية للحرب المستمرة على سورية يعتبر الأميركيون وعملاؤهم في المنطقة ان قوى 14 آذار تمكنت بفضل النأي الحكومي الملتبس وبفعل اختراقات جدية داخل الأجهزة الأمنية اللبنانية من بناء المعاقل الأكثر حصانة في الجوار السوري وحيث يرعى تيار المستقبل والجماعة الإسلامية والقوات اللبنانية معسكرات ومستودعات سلاح وشبكات تهريب على جبهة تمتد من الحدود السورية مع البقاع حتى آخر نقطة حدود على الساحل الشمالي وعلى مسافة ما يقدر بحوالي مئة كيلومتر أنشئت مجموعة من المواقع التي تتحرك عبرها شبكة تهريب الأسلحة والمسلحين والأموال إلى سورية وعلى التماس الجغرافي والسكاني المباشر بمحافظة حمص التي هي المنطقة الأكثر تعرضا للعمليات الإرهابية والتي تتواجد فيها الكتلة الرئيسية من بنية العصابات المسلحة في سورية  . هذا الاعتبار الاستراتيجي الناتج عن خلل سياسات الدولة اللبنانية التي تبنت هراء النأي متجاهلة حقيقة ان المخطط الذي يستهدف تخريب سورية وتدمير قوتها وتفكيك دولتها يستهدف لبنان قبل سواه وقد جاهر أصلا كل من سعد الحريري وسمير جعجع بالرهان على تنفيذ انقلاب في لبنان ضد المقاومة وضد الخيارات الوطنية القائمة منذ اتفاق الطائف كنتيجة مباشرة لنجاح خطة التخريب في سورية لكن السلطات اللبنانية التي تعامت عن قيام منصة للحرب على سورية داخل الأراضي اللبنانية وعن تهريب الأسلحة وقدمت التغطية من أعلى المراجع في الدولة لخلل أمني خطير يمثله وجود البؤر الإرهابية والتكفيرية داخل الأرض اللبنانية وانخراط جماعات من لبنان في المعارك داخل الأرض السورية وتواطؤ مواقع أمنية رسمية في التغطية على كل ذلك. شحنات السلاح التي أرسلت من لبنان إلى سورية عن طريق التهريب كبيرة وضخمة وبعضها جاء إلى لبنان جوا عبر مطار بيروت وبعض المعلومات الأمنية المتداولة تقول ان الباخرة التي ضبطت مؤخرا ليست الأولى وقد سبقتها باخرتان أفرغتا على الشاطئ اللبناني وأودعت حمولتهما في مخازن خاصة بالعصابات الإرهابية السورية وبالميليشيات اللبنانية الحاضنة، باخرة جاءت في الخريف الماضي والثانية وصلت إلى لبنان وأفرغت حولتها في نهاية كانون الأول الماضي. ومن مظاهر الخلل الأمني الخطير ان عمليات ضبط الحدود ليست كافية وان مفاصل أمنية رسمية قد تسترت على كميات من السلاح المهرب جرى ضبطها وأعدت محاضر تعتبرها أسلحة قديمة ليعاد تسليم الأسلحة المضبوطة أصلا إلى العصابات المسلحة والميليشيات الراعية وقد بات من المعلوم في القضاء العسكري ولدى أجهزة الأمن اللبنانية ان تدخلات رفيعة تشطب من كل محاضر التحقيق في عمليات تهريب الأسلحة إلى سورية أسماء المتورطين من قيادي تيار المستقبل. ثالثا: من الواضح في الحساب الاستراتيجي ان الولايات المتحدة عازمة على إفشال مهمة انان والمشاغبة على مسارها وهي تختبر إمكانيات التصعيد العسكري في سورية وتفعيل شبكات الدعم انطلاقا من لبنان لأنها تخشى نجاح الدولة السورية في تصفية الجيوب الباقية من فلول الإرهابيين والتكفيريين الذين ترعاهم السعودية بغطاء أميركي رغم كل الصياح الفاجر والكاذب عن مخاطر تشكل جيل جديد من محاربي القاعدة والتكفير. الأولوية الأميركية هي التصعيد داخل سورية خلال الفترة الزمنية المعطاة لمهمة انان واستعمال التصعيد الأمني في الميدان داخل سورية لتخريب العملية السياسية التي أطلقها الرئيس بشار الأسد وخصوصا الانتخابات التشريعية التي تجري بعد أيام على أساس التعددية الحزبية والسياسية وبناء على أحكام الدستور الجديد وحيث من المتوقع ان تكون الخطوة التي تليها تشكيل حكومة وطنية موسعة تشارك فيها قوى من المعارضة الوطنية السورية التي ستكون قد تمثلت في البرلمان المنتخب. تصعيد الضغط الأميركي من خلال لبنان هو مضمون مهمة الصهيوني ليبرمان وعراب التآمر جيفري فيلتمان. رابعا الكلمة الفاصلة التي يجب ان يقولها الفريق الوطني اللبناني للرئيسين ميشال سليمان ونجيب ميقاتي هي ان الحد الأدنى من الموقف السيادي الذي يفترض إبلاغه لموفدي هيلاري كلينتون يقتضي تأكيد قرار لبنان وطني بتكليف الجيش القيام بواجبه الدستوري وتفكيك منصة الحرب على سورية مهما كلف الثمن ورفض تحويل لبنان إلى بؤرة للإرهاب والتكفير ترعاها الولايات المتحدة وتمولها السعودية وقطر لان ذلك سيرتد في الداخل اللبناني وان فكرة الممر والمقر لا تعني سوى تفخيخ لبنان وإعداده لانفجار خطير يذهب بكل ما تبقى من الأمن والاستقرار في البلاد. بعض المعلومات المتداولة تشير إلى ان خطة التصعيد انطلاقا من لبنان اصطدمت بمصادرة الباخرة الليبية وبتدابير الجيش اللبناني الأخيرة على الحدود ولا شيء يؤكد ان الأسلحة المصادرة من الباخرة ليست أميركية المصدر أصلا وانها قد أعدت لتوضع بيد الحشود التي يدربها تيار المستقبل من العصابات التي ارتكبت مجازر حمص واندحرت من بابا عمرو قبل أشهر وتقدر بمئات المقاتلين. على المسؤولين اللبنانيين إذا أرادوا التصرف بشرفهم الوطني وبمسؤولياتهم الدستورية ان يرفضوا جعل لبنان باكستان أو هندوراس عبر تأسيس مقرات وممرات للعصابات الطالبانية التي تستهدف سورية ويعول الحريري وجعجع على استعمالها في لبنان إذا تمكنت الدولة السورية من حسم الأمور قريبا، وكل تجاوب مع الطلبات والضغوط الأميركية هو خيانة وطنية سافرة يجب ان يحاسب مرتكبوها وعلى قيادة الجيش اللبناني ان تنتبه جيدا إلى ثغرات خطيرة كشفها ملف مخزن الجيش الذي سرق وبيع إلى العصابات المسلحة في سورية وتؤكدها التباسات أخرى خطيرة في تحركات وتصرفات بعض الضباط خصوصا في منطقة الشمال فالجيش اللبناني بعقيدته الوطنية وبتكوينه هو النقيض لفكرة الجرز والكونفدراليات الطائفية التي تعشش في عقليات بعض الضباط الذين سهلوا محاولات اختراق المؤسسة العسكرية وتغاضوا عن تورم البؤر الإرهابية مسايرة لميليشيات المستقبل في طرابلس وعكار، فيلتمان وليبرمان رسولا شؤما وحرب يعملان بالتنسيق مع بندر ومع قادة التكفير الوهابي في السعودية في خدمة إسرائيل والعبرة ستكون لمن يتقي الله بشعبه وبلده

غالب قنديل -  وكالة الشرق الجديد سيريا ديلي نيوز

التعليقات