سيريا ديلي نيوز - رهام علي

يطلّ عيد الأم مجدداً ككل عام في الواحد والعشرين من شهرآذار, حيثُ يعتبر يوم لتكريم الأمهات, ولكن هل يكفي يوم واحد لتكريمهم ؟ وهل يعتبر عيد أم مهانة ؟ الأم السورية تحتفل بعيد الأم وسط أحزان وأزمات لا تحصى ،فالواحد والعشرون من آذار من كل عام بات يحمل الكثير من الآلام للكثير من أمهات سورية في ظل الأزمة السورية فالكثير منهن خسرن أبناء وأزواج وأحباب بين شهيد وجريح ومفقود, ومنهن من هُجرّن من منازلهم مجبرين على النزوح تاركين فيها ذكريات العمر,وغير ذلك ممن انتهكت مشاغل الحياة ومصاعبها وآلامها ابتسامة ثغرها و راحة بالها التي كانت يوماً.. فهل يكفي يومٌ لتكريمها ؟؟ كوكب وهي أم لأربعة شبان أحدهم مفقود و الثاني تعرض لإصابة أدت لبتر ساقه والثالث يؤدي الخدمة الاجبارية تقول: لم يعد هذا اليوم يعنيني بشيء, في كل عام تعود لي ذاكرتي بالاعياد التي مضت, التي كان بها اولادي يحيطونني فرحاً ومحبة .. حيثُ لم تكن قد دخلت الأوجاع منزلنا.. أما مديحة فقالت: لم يعد لهذا العيد بريقه السابق, سأمضيه وحدي فولدي الوحيد لم أعلم عنه أيّ شيء منذ ثلاثة سنوات حيث فُقد أثره في هجوم للمسلحين على المكان الذي كان يعمل فيه, وتابعت: انتظره بفارغ الصبر, لن تمنعني هذه السنوات الثلاث التي غابها من انتظاره فالامل مازال في قلبي. أمهات سورية الذين رووا هذه الأرض من دماء فلذات أكبادهم , لم يعد يفيهم يوم في السنة, للاحتفال بهن, إنهن قامات سنديان لاتنحني فكيف لانكرم ارواحهن بكل يوم بل بكل ثانية على هذا العطاء..؟ ومن ناحية أخرى .. هل فعلاً نحن نكرّم المرأة العربية أم نساهم في دفن حقوقها وحريتها يوماً بعد يوم حين نحجز لها يوماً نسميه يوم المرأة العالمي, وآخر يسمى عيد الأم .. ألسنا بذلك نساهم بتعميق الانفصام في المجتمع العربي الذي تربى على عادات وتقاليد تنادي بتسمية المراة "عورة" "ناقصة عقل ودين" حتى لدرجة حرمها من الميراث ؟؟؟ يرى المتتبع لوسائل الإعلام العربية أن هذه الوسائل بدل أن تقوم بدورها في الدفاع عن المرأة ومناهضة العنف الذي يمارس ضدها، تقوم هي ذاتها بممارسة هذا العنف على النساء، بشكل أو بآخر. فالتلفزيون بوصفه وسيلة إعلام جماهيرية ( مثلاً)، يمارس العنف ضد المرأة ليل نهار على مدار الساعة. في الإعلانات والبرامج و الأفلام والمسلسلات وحتى في برامج الأطفال.

ترى أليس استخدام المرأة كجسد وشكل و مفاتن في الإعلانات عنفاً ضدها؟.و أليس تقديم المرأة بطريقة مبتذلة في الأفلام و المسلسلات الإباحية عنفاً ضدها؟، و أليس تقديم المرأة بالصورة النمطية ك"ست بيت" مكانها ( الطبيعي ) المطبخ وغرفة النوم عنفاً ضدها؟. و أليس تقديم المرأة ذات دور مهمش في الحياة و في المجتمع ( مسلسل باب الحارة نموذجاً ) عنفاً ضدها؟... إلى ما هنالك من الصور و الحالات التي تبين أن وسائل الإعلام المرئية بشكل خاص تمارس العنف ضد المرأة بشتى الأشكال والصور و المستويات.. فكيف يسعى ذات الإعلام إلى الإضاءة على فكرة عيد الأم والاحتفال بها بعرض المسلسلات و الدعايات والرسائل التي تدعو إلى فكرة أن " الأم هي نبع العطاء الذي لاينضب " وينسى أنها امرأة في باقي الأيام؟؟.

وتعود الأسباب التي تقف وراء تناول الإعلام العربي لقضايا المرأة بصورة عامة، والعنف الواقع عليها بصورة خاصة، إلى القيود التي يفرضها المجتمع العربي الذي إذا شجع على مواجهة العنف أو إدانته فإنه لا يحلل أسبابه ولا يمس الثقافة التي أنتجت مثل هذا العنف، حتى الحكومات عندما تشجع الحديث عن العنف فإنها تفعل ذلك على أساس أنه مسؤولية فردية . حسين (ر) وهو صحفي في إحدى الصحف العربية قال : إن وضع المرأة في مجتمعنا العربي يزداد سوءاً حتى مع هذا التطور التقني الذي وصلنا إليه, وهذا ليس ذنب المجتمع كما يقال, واردف: إن الانثى أيضاً يقع على عاتقها ان تحترم نفسها على انها انثى وليست أداة اغراء, ان تحترم غيرها من النساء وليس العكس, ولكن في واقعنا باتت المرأة عدوة المرأة فكيف سنقتنع بفكرة المرأة نفسها لم تقتنع بها ؟؟...... علاوة على أن معظم الإعلاميين عند تناولهم أخبار العنف، غالباً ما يحمل تحليل الصحفي إسقاطاً لرؤيته تجاه المرأة، التي يراها دائماً المحرض على الجريمة، فالزوجة كانت تعاير زوجها ما دفعه لقتلها، والمرأة الشيطان اللعوب، و فتش عن المرأة، تلك الجمل التي تبرر للرجل المعتدي القتل أو الضرب. وهي معايير مغلوطة تؤدي إلى التعاطف مع المتهم والتشفي بالضحية . ريما وهي خريجة اقتصاد قالت: إن للإعلام ادواره السلبية تجاه المجتمع كما له أدوار إيجابية, فعيد الام استغرب هذا التطبيل الكبير له على انه عيد الام الوحيد في كل العام مع انه برأيي لايكفيها كل أعياد العام.. و لا ننسى التناقض الصارخ بين الدور الذي يؤديه بعض الإعلاميين في الوسيلة الإعلامية التي يعملون فيها ( أي ما يظهرونه للمشاهدين والمستمعين ) وبين ما يمارسونه في الحياة على أرض الواقع، حيث يظهرون بدور المناصر للمرأة والمناهض للعنف الذي يمارس ضدها، بينما هم في الواقع يمارسون العنف على زوجاتهم و بناتهم و أخواتهم وحتى أمهاتهم حتى لو كان عنفاً كلامياً, ولا ننسى الإعلاميات العربيات اللاتي يقدمن أنفسهن للمتلقي عبر الوسيلة الإعلامية بصورة فيها تناقض مع الواقع, كالتي تتحدث على مواقع التواصل الاجتماعي عن اهمية مراعاة المرأة واحترامها وعدم الحكم عليها من الظاهر و إعطائها حريتها وووو... وفي برنامجها تعرض نفسها على انها أداة تجميل لا مضمون لها!!! ما يترك آثاراً سلبية لدى المتلقي، ويدفعه لأخذ موقف المناهض للمرأة والساخر..!! وتبقى إشارات الاستفهام هذه إلى أن نجد التوازن في افكارنا واقوالنا بل وفي افعالنا أيضاً ,, احترام المراة لايبدأ بتخصيص عيدٍ لها, بل باحترامها فعلياً وكما يقول المثل الإيطالي : لا يؤسس البيت على الارض بل على المرأه ..

سيريا ديلي نيوز


التعليقات