فتح بورخارد شولز مدير أحد الفنادق فئة أربعة نجوم على شاطيء بحيرة تحف به الأشجار قرب برلين باب التقدم لعشر وظائف لمتدربين في العام الماضي. ولم يتقدم سوى شخصين فقط لشغل هذه المواقع وكان أحدهما من طالبي اللجوء من أفغانستان.

وقال شولز لرويترز في معرض آي.تي.بي المقام في برلين وهو أكبر معرض للسياحة في العالم “في ألمانيا لا نجد من الشباب من يريد خوض برنامج التدريب الشاق للغاية … فعليك أن تعمل في الأمسيات وأحيانا أثناء الليل لوجود نزلاء على مدار الساعة وهذه عقبة كبيرة أمام المتقدمين الألمان.”

ويرى شولز – شأنه شأن غيره من مديري الفنادق – أن المهاجرين البالغ عددهم 1.1 مليون مهاجر الذين وصلوا إلى ألمانيا العام الماضي مصدر محتمل للمرشحين للتدريب على الوظائف في مجال الطهي والأعمال الفندقية وإدارة الحفلات والمناسبات.

لكنه أضاف أن دمج المهاجرين عن طريق العمل يمثل “طريقا وعرا” حافلا بالمشاكل الثقافية ومن ذلك عزوف بعض المهاجرين عن العمل مع النساء.

وقال شولز إنه ثبت عدم صلاحية اثنين من المهاجرين المسلمين من الصومال للعمل من خلال التجربة العملية في مطعم الفندق.

وأضاف “بعد بضعة أيام لاحظت أنهما يعطيان الصواني لموظف ألماني ويقولان له ‘خذها أنت‘. فسألتهما عن السبب واتضح أنه لا يمكنهما لمس الخمر لأسباب دينية. ولذا كانت مشكلة كبيرة.”

وتجسد تجربته مع العمال المهاجرين الفرصة السانحة والتحدي الكبير الذي يواجه أكبر اقتصاد في أوروبا. فألمانيا في حاجة ماسة لعمال جدد في الوقت الذي تتزايد فيه أعداد كبار السن فيها لكنها تواجه صعوبات في استيعاب سيل الوافدين الجدد الهائل وكثيرون منهم يفتقرون للتدريب والمهارات اللغوية التي تحتاج إليها البلاد.

وقد أثار الوافدون مخاوف بين بعض الألمان من الزيادة الكبيرة في عدد الأجانب في البلاد. وتصدرت قضية الهجرة حملات الدعاية الانتخابية في انتخابات اقليمية بثلاث مناطق في ألمانيا يوم الأحد يواجه فيها المحافظون بزعامة المستشارة الألمانية انجيلا ميركل تحديا قويا من حزب يميني.

وتزيد احتمالات عثور المهاجرين الجدد على وظيفة في قطاع توريد الأغذية على غيره من القطاعات.

وأظهر استطلاع أجراه مؤخرا معهد ايفو أن أكثر من ربع الشركات في صناعة الضيافة بألمانيا تستخدم لاجئين أو لجأت مؤخرا لاستخدام المهاجرين بالمقارنة مع سبعة في المئة من الشركات عموما.

كما أن الصناعة بحاجة للأيدي العاملة إذ يقول اتحاد الفنادق والمطاعم الألماني إن عدد الوظائف الشاغرة في القطاع بلغ نحو 32 ألفا في منتصف عام 2015.

واحتمال العمل يمثل إغراء كبيرا لطالبي اللجوء بعد قضاء شهور بلا عمل مثل الصحفي الأفغاني عزة الله ماسكودي (28 عاما) الذي يتدرب الآن ليكون طاهيا في فندق شولز.

وقال ماسكودي “لا أحب أخذ المال فقط من مكتب الرعاية الاجتماعية والنوم طوال النهار. ولذلك أنا سعيد بأني أكسب المال بنفسي الآن.”

وفي برلين يحصل 19 لاجئا من العراق وسوريا مثل ريتا البحري (23 عاما) التي درست السياحة في دمشق على رواتب نظير إرشاد اللاجئين في جولات بمتاحف المدينة باللغة العربية.

وفي كولونيا بث عدد قليل من خبراء الآثار السوريين الذين هربوا إلى ألمانيا الحياة في معرض عن مدينة تدمر السورية إذ يقدمون صورة لما كانت عليه المدينة قبل ما لحق بها من دمار على أيدي تنظيم الدولة الألمانية.

لكن الأمور لا تسير كلها بهذه السلاسة.

ففي ولاية راينلاند بالاتينات الغربية قال جيريون هاومان رئيس الفرع المحلي في اتحاد الفنادق والمطاعم إن شركات التوريدات الغذائية عرضت في العام الماضي 307 فرص تدريب على اللاجئين.

ومن بين 110 متقدمين أنهى 80 فردا دورة في اللغة مدتها ثلاثة أشهر بمستوى كاف في اللغة الألمانية يتيح لهم العمل. لكن 40 منهم فقط بدأوا برنامج التدريب في سبتمبر ايلول. وقرر آخرون عدم العمل في القطاع لأسباب دينية أو لأن الوظيفة لم تعجبهم أو لأن من الصعب الوصول للعمل بوسائل النقل العام.

وقال هاومان إنه رغم هذه العوائق الدينية وغيرها فإن شركات التوريدات الغذائية تعتزم هذا العام عرض نحو 300 وظيفة لمتدربين من اللاجئين.

وقال نوربرت فيبيج رئيس اتحاد السياحة الألماني إنه في حين أن المهاجرين الأصغر سيتمكنون من الاندماج فسيكون الاندماج صعبا على من تزيد أعمارهم على 20 عاما.

وأضاف “يجب ألا نكون مثاليين أكثر من اللازم. فكثيرون من القادمين إلينا سيعتمدون على نظام الرعاية الاجتماعية لفترة طويلة. لن يكون من السهل دمجهم كلهم.”

سيريا ديلي نيوز


التعليقات