أوضح الدكتور هيثم عيسى المتخصص بالتحليل الاقتصادي الكلي في جامعة دمشق، أن مقياس السعر لأية سلعة كانت هو العرض والطلب، لكن هذا المبدأ لا ينطبق على الذهب مئة بالمئة، لأن جزءاً من الطلب عليه استهلاكي، والجزء الآخر ادخاري.
وبحسب مانشرت صحيفة البعث أضاف عيسى : في الأزمات يسود اقتصاد الحرب، وتتولّد بعض الدخول خلال هذه الأزمات من مصادر ليست شرعية مئة بالمئة، ولا يرغب أصحابها بإعلام السلطات المالية والاقتصادية بها لأسباب يتعلق بعضها بالتهرّب الضريبي، وأخرى لها علاقة بالشبهات الدائرة حول مصادر هذه الدخول، وفي اقتصاد الحرب أيضاً يتحوّل جزء من الاقتصاد من القطاع المنظم إلى غير المنظم (اقتصاد الظل)، وذلك للتهرّب من الرسوم والضرائب التي تفرضها السلطات المالية، ويسعى أصحاب هذه الدخول إلى الادخار للمستقبل.
واستعرض عيسى خيارات الادخار السائدة أمام المدّخرين عامة، وبيّن أنه في بداية الأزمة كان الدولار هو الخيار الأكثر إقبالاً من الناحية الادخارية، لكن وبعد أن وصل إلى ارتفاعات قياسية تولّدت مخاوف لدى المدّخرين من عدم الاستمرار بهذا الارتفاع أو الهبوط بسرعة وبالتالي يفقد الادخار أهميته، ما دفع كثيراً من هؤلاء المدّخرين إلى البحث عن خيارات ادخارية بديلة، تتمثل بـ(الإيداع في البنوك، العقار، الذهب).
ويفنّد عيسى هذه الخيارات المتبقية ليبيّن أن الإيداع في المصارف سواء العامة أم الخاصة لم يعُد مجدياً بالنسبة للمدّخرين، وذلك في ظل التضخّم وافتقاد الليرة 20% من قيمتها سنوياً، مقابل فائدة لا تتجاوز 11% سنوياً على الأموال المودعة، وبالتالي لم يبقَ أمام المدّخرين سوى العقار والذهب، مع الإشارة إلى أن الثاني يتمتع بمرونة بيع أكثر من الأول وقابل للتجزئة، بمعنى أنه بإمكان من يمتلك 100 ألف ليرة ومن يمتلك 10 ملايين ليرة شراء وادخار الذهب، لكن لا يستطيع الأول ادخار 100 ألف ليرة في عقار، وبالتالي -وحسب عيسى- هنا يكمن السر..!.
لعل ارتفاع أسعار الذهب وربطها بوجود إقبال وفق تأكيدات ملكية الآنفة الذكر، هو مؤشر يشي بشكل أو بآخر بتعاظم ثروات المتاجرين، الذين على ما يبدو باتوا أكثر حذراً من التوجّه نحو الدولار نتيجة عوامل الضبط والإجراءات المتخذة بحق المتاجرين بسعر الصرف، ونأمل هنا -ومن باب ربّ ضارة نافعة- أن يساهم إقبال المدّخرين “المشكوك بدخولهم” في التخفيف والحدّ من المضاربة على سعر الصرف ما ينعكس على تحسّن واقع الليرة السورية.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات