الحرب كلمة تعافها النفوس الراضية  و تتحاشاها الرؤوس العاقلة و تشعل شرارتها النفوس الشريرة و تحترق بنيرانها الشعوب البريئة و يحصد ثمارها الجبناء , و الحرب ليس فيها رابح و خاسر فالكل خاسرون إنما فيها منتصر مثخن بالجراح.  

لذلك ليس الحديث عن الحرب متعة أدبية يبحث عنها الكاتب و لكنها الضور الأحمر الذي تنيره أقلام الإنسانية لتجنب وقوع الحرب و التقليل من مخاطرها إن حدثت.  

لم تنس البشرية أهوال الحربين العالميتين الأولى و الثانية حتى اليوم فكيف الحال بحرب عالمية ثالثة أصبحت قاب قوسين أو أدنى؟

لندخل في التفاصيل ففيها يكمن الشيطان كما يقال :

بعد انهيار المعسكر الاشتراكي و تفكك الاتحاد السوفييتي السابق و الذي لم يكن حدثا عفويا و انفراد أمريكا بالقطبية الوحيدة في العالم تم الاعلان عن أن الاسلام هو الهدف القادم و الذي يشكل أفراده  كتلة بشرية هائلة تتجاوز المليار مسلم و ذلك بعد أحداث الأبراج في 11 سبتمبر و التي لم تكن حادثا عفويا أيضا و يندرج ضمن مسار تنفيذ مخطط برنارد لويس لتفتيت الشرق الأوسط و نهب خيراته عبر ما سمته وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كونداليزا رايس بالفوضى الخلاقة و التي شاهدها العرب تحت مسمى " فوضى الخلافة " أو ربيع العرب

كان المخطط أن تسقط الجمهوريات العربية عبر آلية أحجار الدومينو فسقطت تونس و ليبيا و مصر و تعثر المشروع في سورية و اليمن و بعد الصمود السوري لما يزيد عن أربعة سنوات و فشل تدخل دولي في سورية يحقق أطماع الغرب في ضرب العمود الفقري لمحور المقاومة فتم تعديل الاستراتيجية الأمريكية بشكل مرحلي عبر التدخل في اليمن عن طريق أدواتها في المنطقة و أعني الرجعية العربية .

و هنا لابد من المرور على التعريف بالوهابية و هي ذراع الصهيونية التي تضرب العقول و تحرق المجتمعات العربية من الداخل , فالوهابية ليست دينا أو مذهبا روحيا إنما هي أداة ماسونية استعمارية خلفها الاستعمار في بلاد الحجاز للحفاظ على مصالحه تستند جذورها إلى إسرائيليات ابن تيمية التلميذ النجيب ليهود دمشق في تلك الفترة هذه الجذور الرامية لتمزيق الجسد العربي و آن آوان استخدامها .

باب المندب و اليمن

يعتبر باب المندب بوابة العبور للتجارة و النفط بين بحر العرب و قناة السويس و منها إلى أوربا و بالعكس لذلك تجهد كل الدول لتأمين مصالحها بالعبور من هذا المضيق و هذه الأهمية هي الذريعة التي اتخذتها مصر للتدخل في اليمن و أرسلت إيران بوارجها إلى هذا المضيق و أعلن القائمون على عاصفة الحزم نيتهم منع وصول الاسلحة للجيش اليمني و اللجان الشعبية للدفاع عن أنفسهم ضد العدوان المتواصل من الطيران الوهابي و مشاركة مصر في هذا العدوان خوفا من سيطرة الجيش و اللجان على المضيق و ما يسمونه خطر الملاحة في المضيق في حال حدثت هذه السيطرة

القادم الخطير في هذا المجال هو ردة الفعل العالمية ضد هذا التحالف الذي بدأ يتقلص شيئا فشيئا و بدأ الأصوات تعلو لوقف العدوان سيما و إن الجيش اليمني و عبدالملك الحوثي قد أكدوا مرارا التزامهم بضمان أمن الملاحة في المضيق لسحب ذريعة العدوان و الذي سببه الرئيس لا يتعلق لا بأمن الملاحة كما يدعون إنما بسبب قرب نهاية عهد الوصاية السعودية على اليمن و اقتراب تحرر اليمن من الهيمنة الاستعمارية و عنوانها الوصاية السعودية على هذا البلد

مظاهرات و مسيرات جابت العواصم العالمية للتنديد بهذا العدوان و الأطراف الداعمة له و مستنكرة للدور المصري الذي صدم الشارع العربي و الذي لا يرى فيه سوى تسول مصر على عتبات حكام الخليج خصوصا بعد تراجع باكستان عن المساهمة في هذا العدوان خوفا من حدوث اضطرابات في باكستان

سيناريو قد يحدث

إيران اعلنت بأنها ضد العدوان سيما و إن طرفا أساسيا و هم الحوثيون محسوبون على أنهم طرفا مدعوما من إيران و هو ما نفاه الحوثيون و إيران على حد سواء و استهدافهم يضع إيران في خانة المقصر في حال عدم دعم الحوثيون ومعهم الجيش اليمني بمواجهة ما يسمونه تحالف الحزم لمواجهة " مدا إيرانيا مفترضا في اليمن " و هي الذريعة ذاتها التي اتخذتها دول الخليج للتدخل في البحرين لمواجهة مطالب غالبية البحرينيين بالإصلاح و دخول قوات درع الجزيرة تحت هذه الذريعة

نعم اليوم الايرانيون مستاؤون من الصلف الوهابي و عربدته في منطقة الخليج و غيرها من المناطق الساخنة التي تجتاحها رياح عدوان " الربيع العربي " و منها بالطبع دعم الارهابيين الوهابيين في سورية

نصر الله في لبنان أعلنها يوم أمس صراحة و قال للسعوديين كفى عدوانا و طالب الدول الداعمة للوهابيين في مساعيهم الرامية لتخريب البلدان العربية بالتوقف عن هذا الدعم

الرسالة كما أرى لن تصل و سيستمر العدوان على اليمن و قد يسفر عن صدام بين إيران و قوى العدوان على اليمن و هو الأمر الذي لن يقف الايرانيون حياله مكتوفي الأيدي سواء تم استهداف قطعهم الحربية في باب المندب من قبل البحرية المصرية المرابطة هناك  أو أن حماقة الوهابيين قد تدفعهم لمغامرة استهداف هذه البوارج عبر الصواريخ و الطيران و هي الشرارة التي ستشعل حربا لا رحمة فيها .

إيران الدولة التي أعدت الكثير من أسباب القوة لردع أي عدوان محتمل على أراضيها سواء من الكيان الصهيوني و أمريكا أو من الخليج وقواعده الأمريكية قد وضعت سيناريوهات الرد الحازم الحقيقي و ذلك عبر بنك أهداف سيزلزل منطقة الخليج بما فيها القواعد الأمريكية و محطات تحلية المياه مما سيدفع العالم إلى صدام محاور على غرار ما حدث في الحربين العالميتين الأولى و الثانية مع فارق وحيد  بأن الجيوش التي ستحترق هي جيوش المسلمين " سنة و شيعة" و أعني مصر و باكستان و إيران و السودان و التي تمثل نسبة كبيرة من المسلمين في العالم  و التي سيلتحق بها تباعا أنظمة الممالك كالأردن و المغرب من جهة و محور المقاومة و خلفه دول بريكس من الطرف الآخر و إن أي سيناريو قد يحدث فإنني أرى بأن القرن الحالي سيشهد تغيرا جوهريا في الجغرافيا و الاقتصاد يطوب فيه محور المقاومة و بريكس من خلفه الروبل و اليوان الصيني عملة دويلة مكان الدولار و اليورو على غرار ما حدث في "بريتون وودز"  إبان الحرب العالمية الثانية

و إذا كنا نرجو أن لا يحدث شيء مما سبق و أن يتم تغليب العقل و الحكمة على الهمجية و العدوان فإن الأيام القادمة من هذا العام  ستقرر مصير و مستقبل الشرق الأوسط و العالم لسنين قادمة .      

  

سيريا ديلي نيوز


التعليقات