تطل الذكرى التاسعة والستون لعيد الجلاء فارضة علينا حضورها أكثر من أي وقت مضى، في ظل استمرار الهجمة الاستعمارية، والمؤامرة الكونية على وطننا

الحبيب فما أحوجنا اليوم أكثر من أي وقت آخر
 لاستحضار روح الجلاء وإحياء قيمه ومعانيه، فالدفاع عن حدود الوطن وتقديم الدماء والأرواح رخيصة فداء لترابه الطهور ليسا وليدي اليوم فروح المقاومة

والنضال والاستشهاد من أجل حرية الوطن واستقلاله مغروسة في صدور السوريين كأشجار السنديان وهي متوارثة جيلاً بعد جيل، فمثلما ضحى آباؤنا وأجدادنا

فها هم ميامين الجيش العربي السوري يسيرون على درب التضحية والفداء، وفي هذه المناسبة الغالية على قلوبنا لابد لنا من أن نستذكر بعضاً من الملاحم

البطولية الخالدة التي دوّنها المؤرخون، وسنسلط الضوء هنا على معركتين مهمتين من معارك الثورة السورية الكبرى التي قادها المجاهد الكبير سلطان

الأطرش ولنبدأ من معركة الكفر التي انطلقت شرارتها عندما قامت القيادة الفرنسية في تاريخ 20-7-1925 بتجهيز حملة عسكرية بقيادة نورمان مؤلفة من 200

جندي وضابط فرنسي مجهزين بأحدث الأسلحة آنذاك بغية دخول مدينة السويداء، وتمركز الجنود الفرنسيون عند نبع الكفر، وعندما علم الثوار بقدوم هذه الحملة

قاموا بإرسال رسول من بلدة الكفر إلى قائد الحملة نورمان ينذرهم بالانسحاب من البلدة إلا أن نورمان لم يستجب لمطالب الثوار وقال للرسول: اذهب إلى

سلطان وقل له إنني في انتظاره على أحر من الجمر.. بعد أن وصل رد نورمان إلى سلطان الأطرش قرر الثوار مهاجمة الحملة حيث كانت خطة سلطان

الأطرش هي تقسيم الثوار إلى ثلاث مفارز /مفرزة مشاة ومفرزتي فرسان/ وحددت مهمة مفرزة المشاة بالاقتراب ماأمكن من الناحية الجنوبية الغربية للمعسكر

بينما أعطيت الأوامر لمفرزتي الفرسان لمهاجمة المخيم من الشمال الشرقي والجنوب الغربي وبالفعل عند الساعة الثانية من بعد ظهر 21-7-1925 انقضّ

الثوار على الحملة ودارت معركة حامية لم تدم أكثر من نصف ساعة فسرعة الهجوم المباغت من قبل الثوار أبطلت مفعول رشاشات الأعداء، وكان القول

الفصل للسيف إذ سقط قائد الحملة نورمان صريعاً ولم ينج من حملته سوى /5/ جنود بينما كانت خسائر الثوار حوالي /54/ شهيداً.
بعد معركة الكفر كانت معركة المزرعة التي قال عنها الدكتور عبد الرحمن الشهبندر في مذكراته (جرت ملحمة بالسلاح الأبيض لم يجر مثلها في البلاد منذ

ذكر الواقدي خبر الفتوحات) وقد قال عنها الجنرال الفرنسي اندريا آنذاك إنها كانت كارثة بالنسبة لفرنسا.
طبعاً بعد الانتصار الكبير الذي حققه الثوار في معركة الكفر قام الجنرال ساراي بإصدار أوامره للجنرال ميشو بتجهيز حملة باتجاه السويداء بغية إخماد الثورة

وفك الحصار عن الحامية الفرنسية التي حاصرها الثوار في قلعة السويداء. وفعلاً بدأت الحملة الفرنسية بالتقدم نحو السويداء من جهة بصر الحرير حيث وقعت

مناوشات مابين الحملة المعززة بالمدافع الكبيرة والصغيرة والمصفحات والثوار الذين لايملكون سوى بعض البنادق والبلطات والسيوف، إذ تم استدراج الثوار

إلى كمين أعده لهم الجنرال ميشو، واستشهد العشرات من الثوار فأمام هذه الضربة الموجعة اضطر الثوار إلى الانسحاب والتمركز عند نبع المزرعة ليتابع

الجنرال ميشو السير إلى النبع، فاصلاً بين مقدمة حملته ومؤخرتها فاستغل الثوار هذه الفرصة وقاموا بالانقضاض على مؤخرة الحملة حيث طالت سيوفهم رقاب

المستعمرين وفي الثالث من آب عام 1925 زحف الثوار بقيادة سلطان الأطرش واستطاعوا الوصول إلى نبع المزرعة حيث قاموا بتطويق الحملة الفرنسية

وهاجم الثوار الجنود الفرنسيين وبدأت معركة حامية والتحم الثوار مع الفرنسيين بالسلاح الأبيض وأبطلوا مفعول أسلحتهم الثقيلة، إذ استطاع الثوار بسيوفهم

تقطيع أوصال الغزاة وتكبيدهم خسائر فادحة فاندثرت الحملة وتبعثرت جثث قتلاهم وهياكل مدرعاتها وآلياتها، وتؤكد الكتب والمصادر التاريخية أن الثوار

حققوا في هذه المعركة انتصاراً أسطورياً حيث تم أسر 125 جندياً فرنسياً وبلغ عدد قتلاهم حوالي /3000/ قتيل بينما استشهد من الثوار حوالي /250/ شهيداً.

 

سيريا ديلي نيوز- تشرين


التعليقات