لم تكن قضية الفساد واستغلال شماعة الأزمة الدائرة في البلاد، بعيدة عن الجانب الرياضي، الذي كان يعاني من ضعف الإمكنيات سابقاً، واستفحلت مشكلته خلال الأحداث الأخيرة، بحسب بعض الشكاوى التي نفاها الاتحاد الرياضي السوري.

الأندية الرياضية في السورية جميعها اليوم، فيها مستثمرون يدرون على النوادي ملايين الليرات سنوياً بحسب مطلعين، إلا أن هذه العوائد لم تؤت نفعاً حتى اليوم، والتساؤلات تدور حالياً عن مصيرها وآلية التصرف بها، والرقابة التي من المفترض أن تكون صارمة وخاصة عند الحديث عن هكذا مبالغ ضخمة.

التدريب بظروف جوية صعبة

شكاوى اللاعبين كانت أغلبها تركز على عدم دعمهم مالياً، وتأمين أماكن مغلقة للتدريب وخاصة في فصل الشتاء البارد، بينما ينعم المستثمرون بمساحات واسعة لـلمطاعم والتسلية، إضافة إلى استغلال الصالات المغلقة الوحيدة وهي محصورة بثلاثة فقط في دمشق، لجميع الفعاليات الاجتماعية على حساب تدريب اللاعبين.

حكم كرة السلة التابع للاتحاد السوري حسام عكاوي، قال في تصريحات له: إن «جميع فرق المنطقة الجنوبية التي تلعب ضمن الدوري السوري تعاني من قلة الأماكن والصالات المتوفرة للتدريب»، مضيفاً أنه «لا يوجد حالياً اماكن متاحة لتدريب الفرق، إلا صالة الفيحاء في دمشق، أما باقي الصالات المتواجدة فهي غير مؤهلة وغير صالحة للتدريب، ومنها صالتي تشرين والجلاء، والتي يقام فيهما العديد من المهرجانات والفعاليات خارج نطاق الرياضة».

وشدد عكاوي على أن «جميع الاستثمارات التي تقام حالياً في البلد تنجز ضمن المحسوبيات، والمصالح الشخصية»، مضيفاً أن «ضعف الإمكانيات هي المشكلة الأساسية والتي لا نهاية لها، وأصبح العنصر المادي هو العنصر الأساسي والأولي لتواجد الرياضة».

رياضة تطوعية!

وعن معاناته من قلة الإمكانيات، قال مدرب منتخب سورية لرياضة الدراجات من فئة الإناث، محمد الترك: إننا «نعاني من ضعف بالإمكانيات، مقارنة مع  وجود عدد كبير من اللاعبين، ورغم كل الإنجازات التي حققها الفريق لم نحصل على مكافأة واحدة خلال سنة كاملة»، مشيراً إلى أن جميع الرياضات الفردية تعمل بشكل تطوعي دون أي مردود، على حساب رياضات أخرى، رغم وجود عائدات استثمارية.

وأكد الترك: أن «الاستثمارات التي تحدث في النوادي تكون لمصالح شخصية غالباً»، منوهاً إلى أن «الأندية التي كانت في ريف دمشق مثل نادي داريا، ونادي حرستا، تفتقر للاعبين بالرغم من وجود العديد من الاستثمارات، حيث يذهب مردود هذه الاستثمارات إلى أماكن غير صحيحة».

وتابع الترك: إننا «نعاني من إصابة العديد من اللاعبين خلال التدريبات في الطرق السهلية، وذلك لعدم توفر أماكن تدريب مناسبة، وعدم القدرة على التحمية الجيدة، وكل تدريباتنا حالياً تتم على طريق الصعود»، مضيفاً:  «نحن كفريق دراجات لا نستطيع التدريب ضمن أماكن مغلقة، ومن الضروري أن تؤمن لنا الطرقات المفتوحة».

شماعة الازمة

وأضاف: «كل من روؤساء الأندية واللجان التنفيذية في الاتحاد عند مناقشتهم إطار تطوير الاندية تكون الحجة الاولى أن البلد ضمن أزمة»، لافتاً إلى أن «ضعف الإمكانيات وضعف العنصر المادي موجود قبل الأزمة وخلالها زادت هذه المشكلة».

وبدورها قالت مديرة نادي الثورة، سلام علاوي في تصريحات لها: «ليس هناك شك بأن النوادي في سورية بحاجة إلى بعض الاستثمارات من أجل الحصول على المرود المادي للنادي، إلا أن بعض الاستثمارات لا تؤمن المردود الكافي لتأمين أماكن تدريب مناسبة للظروف الجوية».

وأضافت: «نحن في نادي الثورة نسعى لتأمين هنغار مغلق من أجل التدريب، فالاستثمارات يجب أن تغطي الأمور الفنية التي طغت على الاستثمارات، فأحياناً يفتح النادي باب الاستثمار على أمل الاستفادة من المردود ولكن تحصل هناك مشاكل بين الإدارة والمستثمر، تحول دون ذلك»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد هناك أنظمة لضبط عمل المستثمر».

أين تذهب الأموال؟

وأشارت إلى أنه  «في نادي الثورة عائداتنا 450 ألف ليرة بالشهر، يتم دفع 400 ألف رواتب للاعبين، و50 ألف ليرة سورية للخدمات، وبرأيي هذا المبلغ لا يكفي».

لكن بعض اللاعبين علقوا على حديث علاوي بأن هذا المبلغ غير دقيق، وخاصة في أوقات الذروة في فصل الصيف مثلاً، حيث تكون عائدات زيارة المسابح أكثر من هذا المبلغ بكثير، حيث قال مصدر مطلع بأن «عائدات المسبح وحده قد تدخل للنادي حوالي مليون ليرة شهرياً على أقل تقدير، وهذا الكلام على مستوى المسبح فقط».

وتابع المصدر: «هناك الكثير من التجاوزات في مجال الاستثمار التي يستفيد منها الاتحاد الرياضي للتغاضي عنها، ومنها استثمار مدير نادي الفيحاء للمسبح، وهذا مخالف للقانون، بأن يكون مدير النادي هو ذاته المستثمر».

وأردف «رئيس الاتحاد الرياضي قبل حوالي 4 سنوات، أنه حل الاتحادات الرياضية جميعها بعد الانتخابات، وقام بتعيين المدراء تعييناً بالاسم».

استقطاب مدربين جدد للالعاب الرياضية، كان صعباً جداً وتحول دونه معوقات عديدة، ولم يخل الموضوع من قضايا فساد بحسب المصدر الذي أكد بأن «مدير نادي السباحة في أحد النوادي الذي تحفظ على اسمه، هو لاعب كرة طائرة، رغم وجود العديد من السباحين،  ماقد يحول  دون تقدير الأمور الفنية والإدارية الخاصة بهذه الرياضة، عدا عن استحضار مدربين غير كفؤ».

علاوي قالت: إن «الإمكانيات المادية تلعب دوراً كبيراً، فالمكتب التنفيذي يقف في وجه إجراءات التعاقد عندما يكون السعر المطلوب من قبل أي مدرب عالٍ، ولا يناسب اللعبة».

الاتحاد ينفي كل ماورد

بدوره، قال رئيس الاتحاد الرياضي العام، اللواء موفق جمعة بتصريحات صحفية: إن «إدارة الأندية ليست من مسؤولية الاتحاد الرياضي، فالنادي له شخصية اعتبارية، ويقع على عاتقه أن يتخصص بالرياضات التي يرغب بها حسب إمكانياته المادية».

وأضاف جمعة أن المكتب التنفيذي للاتحاد الرياضي ينحصر دوره في رعاية المنتخبات الوطنية وليس دعم الأندية، مشيراً إلى أنه «في حال توفر الإمكانيات المادية يتم دعم النوادي من قبل المكتب التنفيذي، وليس من قبل الاتحاد».

وأكد أن «هناك جهاز  رقابة  مالية يدقق كل سنة حسابات الأندية، ويحاسب إدارات النوادي حسب تجاوزاتهم للنظام المالي المتعارف عليه في هذا المجال»، لافتاً إلى أنه «هناك إجراءات صارمة للإدارات المتجاوزة، وتم حلّ إدارات عدة أنديه، منها نادي المجد ونادي الاتحاد، وذلك بسبب سوء التصرف في الأموال العائدة إليهم، من عائدات الاستثمار».

وأضاف أن «النادي هو المسؤول أولاً وأخيراً عن إجراءات الاستثمار، ودور الاتحاد ينحصر في المصادقة على الإجراءات القانونية، وتقديم المساعدة في حال تقدمت إدارة النادي إلينا بشكوى عن تجاوزات المستثمر»، منوهاً إلى أن «إدارات الأندية لا تعرف كيف تدير استثماراتها، ونحن في الاتحاد هدفنا أن يكون النادي مؤسسة رياضية وثقافية».

ونفى جمعة الاتهامات بوجود أي حصة للاتحاد من عائدات الاستثمار في الأندية، وذلك كان قبل حوالي 10 سنوات حيث كان يخصص للاتحاد 30% من عائدات الاستثمار.

ورداً على شكوى مفادها أن الصالات وأماكن التدريب مثل صالة الفيحاء وصالة الجلاء الرياضيتين، أصبحتا مكاناً لإقامة الفعاليالت والمهرجانات، على حساب تدريب لاعبي الأندية، أجاب جمعة إن «البلد في حالة حرب ويجب استغلال النوادي لحساب الفعاليات الاجتماعية والخدمية، وبالتالي فإن هذه الفعاليات تعود على النادي بالدعم المادي والدعم الشعبي أيضاً،  وكذلك فهي لا تؤثر على التدريب».

وأكد جمعة أن «الاتحاد غير ملزم بتأمين أماكن التدريب للأندية، ولكنه مجبر على تأمين هذه الأماكن للمنتخب الوطني في حال طلبها».

وفي سؤال حول قيمة الدعم المادي المقدم من الاتحاد إلى الأندية، أجاب جمعة «رفدنا لكل نادي في كرة القدم 6 ملايين ليرة سورية من أجل استمرار الدوري السوري».

التعليقات