ينخفض سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأمريكي، يهتاج المضاربون، تتوقف الأسواق عن الحركة، وتتراكم الأرباح في جيوب التجار. ما هو السبب ومن هو المستفيد وكيف يحدث هذا ولماذا؟

منذ مدة قريبة بدأ سعر صرف الدولار الأمريكي يرتفع ببطء أمام ليرتنا، يرجع ذلك إلى محصلة أسباب منها المعلن ومنها المخفي، فقد أعلن مصرف سورية المركزي على لسان حاكمه أن السبب يعود إلى المضاربة الخارجية في الأسواق المجاورة وأنه سوف يتدخل في تلك الأسواق لعكس حالة عرض الليرة السورية. هو سبب لا شك، ولكنه أحدها. 

,وبحسب قاسيون أسباب أخرى كالمضاربة، أيضاً هي من الأسباب المعلنة والتي لا تخفى على أحد، حيث تجعل من سعر الدولار يتأرجح مقابل الليرة السورية لتحقيق أكبر عوائد ممكنة إلى جيوب المضاربين. الأسباب الأمنية أيضاً لها حصة من مجمل الأسباب التي تؤثر على ليرتنا.

سنركز في هذه المقالة على السبب الذي كان له الحصة الأكبر في الارتفاع الأخير الذي طال الدولار، وهو ارتفاع مبلغ الطلب على الدولار في السوق والذي قال البعض أن حاكم مصرف سورية تحدث عن تضاعفه من 5 مليون دولار يومياً إلى 10 مليون دولار يومياً، وذلك بسبب دخول تجارات لم تكن موجودة في السابق، أي استيراد القطاع الخاص للمازوت، والتي سُئل وزير الاقتصاد في مقابلة على الإعلام السورية في تشرين الأول عن طرق تمويلها بالعملة الأجنبية وإشكالاتها وتهرب حينها من الإجابة الحاسمة. 

50 مليون دولار لـ8 طلبيات!

لقد زادت التشريعات التي سنتها الحكومة والتي تسهل أمور المستوردين في قطاعات جديدة الطلب على القطع الأجنبي بشكل كبير، ليصل إلى ما يقدر 180% في هذا الشهر نسبة إلى مبلغه في الأشهر الماضية أي أكثر من الضعف بكثير، وكان أبرز هذه التشريعات السماح باستيراد المازوت للقطاع الخاص الذي خلق طلباً هائلاً في السوق للقطع الأجنبي، حيث أوردت إحدى الصحف المحلية أن المصرف المركزي منح ثماني رخص لاستيراد مادة المازوت، وبحسب الصحيفة فإن كلفة الطن الواحد من المازوت وصلت إلى 750 دولاراً بدون أجور النقل وبحساب 7500 طن للمستورد الواحد بحراً و1000 طن براً حسب قرار وزارة الاقتصاد، أي أن مجموع الطلبية لكل تاجر حوالي 8500 طن، وقيمتها بناء على السعر الذي أوردته الصحيفة 6،3 مليون دولار للتاجر الواحد، وهو مايشكل بمجموعه  فإن ذلك يشكل طلباً بقيمة 51 مليون دولار أمريكي إذا احتسبنا قيمة إجازات الاستيراد الثماني.

شكلت هذه الطلبات الإضافية عبئاً ضخماً على السوق وأخلت بالتوازن الذي كان حاصلاً في السابق، وإن هذا السبب يفسر إلى حد بعيد آخر ارتفاعين للدولار في نهاية العام الماضي وفي نهاية شهر كانون الثاني من العام الجاري.

21 حالة مخلة بالشروط؟!

كان من المتوقع ككل مرة أن يتدخل مصرف سورية المركزي عن طريق طرح مبلغٍ من الدولار ليشبع عطش التجار والمضاربين، وهذا ما حصل. قرر مصرف سورية المركزي ضخ مبلغ ستة ملايين ونصف من الدولارات ليتدخل بهم في سوق القطع الأجنبي،  ليظهر الرقم ضئيلاً مقارنة بالتدخلات السابقة للمصرف في السوق، يعود ذلك إلى أن المصرف يعرف السبب الحقيقي وراء هذا الارتفاع ويدرك تماماً أن لا مهرب منه ويظهر ذلك في تصريح لمعاون وزير الاقتصاد بقوله: أن السماح باستيراد مادة المازوت بكميات محددة يأتي لتخفيف الضغط على طلب القطع الأجنبي اللازم لتمويل استيراد المشتقات النفظية، وهو ما اعترف به المصرف المركزي لاحقاً، حيث بدأت الأحاديث عن ترشيد الاستيراد وعن ملاحقة التجار الذين استوردوا المازوت دون دفع رسوم، وأكدت صحيفة محلية أن مبلغ مستوردات المازوت التي تهربت من رسوم الاستيراد بلغ 50 مليون دولار وشمل 21 حالة.

توقفت الأسواق يوماً كاملاً إثر الارتفاع الذي حصل في سعر الصرف، قررت العديد من المحال التجارية  والشركات الكبرى التوقف عن بيع منتجاتها ريثما يتم تسعيرها بما يتناسب مع سعر الدولار الجديد، هلل المضاربون لتدخل المصرف المركزي وكشروا عن أنيابهم وبدأت عمليات الشراء ترتفع، ما طرحه مصرف سورية المركزي يعتبر حصتهم من البازار الكبير الذي يجري في البلاد، في اليوم التالي ارتفعت كل الأسعار، واختنقت الأسواق بالشراة الحائرين من أمرهم، المصعوقين على رؤوسهم بعد أن طالتهم كارثة القذائف الإرهابية بالسياق نفسه الذي طالتهم نتائج سياسات وضعتها ونفذتها الحكومة.

سيرياديلي نيوز


التعليقات