أكد رئيس اتحاد عمال سورية جمال القادري أن المطالبة بزيادة الرواتب للعمال حالياً غير مجدية وأنه ليس من مصلحتنا هذه الزيادة، وذلك نتيجة ارتفاع معدلات التضخم والمشاكل الكثيرة التي يمر بها النقد السوري، مشيراً إلى أن أي طرح لزيادة الرواتب يجب أن يبنى على قواعد علمية ومنطقية وواقعية، ولذلك فأنه من المنطق حالياً عدم المطالبة بزيادتها نتيجة الظروف الصعبة التي تمر بها الحكومة.

هذا و أعلن جمال القادري رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال بدء المرحلة الجديدة من حياة الطبقة العاملة السورية وحركتها النقابية التي امتلكت تاريخاً أبيض ومشرفاً في القضايا الوطنية، ووقفت في خندق الصمود لمواجهة الحرب الكونية التي تستهدف الشعب السوري بكل مكوناته، فالحرب الظالمة تسعى الآن لضرب الاقتصاد الوطني بعدما فشلت في تحقيق مآربها على الصعيد السياسي والعسكري.

ووضع القادري خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده في مبنى الاتحاد العام حجر الأساس لخطوات العمل النقابي بعناوينه العريضة الداعمة للصمود التي تضمنتها القرارات الـ(31) الصادرة عن المؤتمر السادس والعشرين وذلك في كافة جوانب العمل النقابي وفي القضايا الوطنية، فكان هناك قرار بحشد كافة الإمكانيات الشعبية لتصليب صمود الشعب السوري، وقرار آخر بدعم أبناء الجولان وفضح الممارسات الإسرائيلية في كافة المحافل الدولية ولدى المنظمات الشعبية الصديقة ودعم القرار الفلسطيني وفضح ممارسات الاحتلال بحق الشعب الأعزل.

وفيما يخصّ العلاقات الخارجية، بيّن القادري الحرص على توسيع العلاقات مع كافة النقابات العربية والدولية وتكثيف التواصل كونها تمثل المجتمع المدني، وفضح كافة الحكومات المشاركة في التآمر على الشعب السوري والعربي برمته، لافتاً إلى العديد من القرارات الخاصة بتعديل كافة القوانين المتعلقة بالعمل والعمال كقانون العمل رقم 17 الذي ينظم العلاقة بين عمال القطاع الخاص وأرباب العمل، بحيث تُزال كل المواد التي تسرّح بشكل تعسفي على أن يوقع القانون قريباً، وهناك قرار بتوسيع المظلة النقابية لتشمل عمال القطاع الخاص لإفادتهم من مزايا المنظمة وحماية حقوقهم وسيتم تعديل القانون 50 الناظم لعلاقات العمل في القطاع العام. وفيما يتعلق بقانون التنظيم النقابي لعام (1968) لفت رئيس المنظمة إلى أنه بحاجة لتعديل وإدخال كل ما يواكب المتغيرات بحيث يصبح تشريعاً عصرياً وشفافاً، وسيتمّ تعديله قبل نهاية الفترة المحدّدة في الدستور، وهناك مطالبة بتغيير المرسوم 322 المتعلق بتقييم أداء العاملين في الدولة.

وكشف القادري أنه سيتم خلال الأيام القريبة القادمة إحداث مركز الأبحاث العمالية والنقابية، وهو معنيّ بتقديم الإحصاءات والدراسات الخاصة بالطبقة العاملة والمرأة العاملة، نظراً لعدم وجود أي جهة قادرة على إعطاء معلومات دقيقة بهذه القضايا. كما سيتمّ تفعيل مراكز الخدمات الاجتماعية ومأسسة العمل النقابي الخدمي من خلال مؤسسة الرعاية الصحية التي ستندمج فيها كل المشاريع العمالية النقابية لتقديم أجود الخدمات والارتقاء بدورها للوقوف إلى جانب العمال في هذه الظروف الحياتية والعمالية الصعبة، بالتوازي مع إحداث مشفى عمالي وجامعة عمالية ومدارس في مجمع صحارى العمالي، وسيبدأ العمل بالمشروع بشكل فوري.

ودعا القادري إلى البدء الفوري دون إبطاء بصيانة وإصلاح ما دُمّر في القطاع العام الذي تشكل المحافظة عليه ضرورة سياسية واقتصادية واجتماعية ووطنية، بعدما أثبتت الأحداث دوره الأساسي في تدعيم مقومات الصمود والمقاومة، ولفت إلى أن الرؤية النقابية ومواقفها الرافضة لدعوات خصخصته وبيعه وإصرارها على إصلاحه وتوسيع مشاركته الاقتصادية كانت نتيجة لمعرفتها وتقديراتها لأهمية وجوده في حال التعرض لمثل هذه المؤامرة الكونية، فقد ساهم ما تبقى من منشآته الاقتصادية والإنتاجية في دعم دولة المقاومة وجسد اقتصاد المقاومة، منوهاً بوجود مليون و200 ألف عامل فيه يتقاضون رواتبهم رغم كل الظروف.

وفي ردّه على تساؤلات :  حول العمالة المهاجرة، أكد القادري أنه تمّت مناقشة واقعها، وتمّ التواصل مع المنظمات النقابية العربية والدولية لحماية حقوق العمال، وحالياً يتم العمل على إيجاد آليات للتواصل وضمان حقوقها، وعن علاقة المنظمة النقابية بالحكومة قال: نعيش اليوم في تحدّ لا يفرّق الأعداء فيه بين الحكومة وهيئات المجتمع المدني كما لا تفرق القذائف بين حكومة ومنظمة أهلية، ولذلك نحن في القضايا الوطنية مع الحكومة في خندق واحد، وندرك تماماً الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها، وإذا كان الانتقاص من حقوق العمال لأسباب إدارية أو مزاجية فلن نهادن وسنقف إلى جانب العمال، أما إذا كان سبب ذلك الظروف الاستثنائية فمواقفنا ستكون مرهونة بالواقع الراهن، ونعدكم بأن يصل صوتنا إلى الحكومة ولصانع القرار ويكون حاضراً في اللجنة الاقتصادية، كما نعد بتغيير جذري في المجالس الإنتاجية، ولن يكون هناك محسوبيات وسنختار من يمثّل النقابات بجدارة ويكون له حضور مشرف وحقيقي، فاستثنائية المرحلة تفرض استثنائية القرار والسلوك والأداء.

وقال القادري  إن هناك عدداً كبيراً من العمال لا يستطيعون الوصول إلى عملهم، ورغم ذلك فأنهم يقبضون رواتبهم في نهاية كل شهر من دون أي معاناة تذكر، موضحاً أن من أهم أولويات الاتحاد حالياً تحسين المستوى المعيشي لدى العمال، وأن تحسين وضعهم المعيشي يتجلى في تخفيف العبء عنهم، وذلك بوضع آليات واضحة، وأنه ليس من الضرورة بمكان أن يكون تحسين وضعهم المعيشي عبر زيادة الرواتب.

وأضاف القادري إن الحكومة تبذل المستحيل لتأمين رواتب العمال رغم تعطل شركات الإنتاج عن العمل، لذلك فإن الاتحاد أتخذ مجموعة من القرارات التي تساعد العامل، ومنها إحداث مشاريع خدمية وصحية في جميع المحافظات السورية، كاشفاً عن أن الاتحاد سيحدث مؤسسة عامة للرعاية الصحية في جميع المحافظات تتضمن جميع الأمور الصحية التي يحتاجها العامل، لافتا إلى أن هذه المؤسسة السالفة الذكر سيكون لها دور كبير في تحسين معيشة العمال من الناحية الصحية والخدمية.

وأشار رئيس اتحاد عمال سورية إلى أن الاتحاد سيحدث جامعة خاصة بالعمال ومدارس عمالية، إضافة لإحداث مدينة جامعية وأنه تم وضع المخطط الزمني لذلك، مؤكداً أن الاتحاد يسعى إلى إحداث جامعة تتوافر فيها جميع مقومات التعليم تضاهي في ذلك جودة جامعات القطاع الخاص وبأسعار زهيدة تناسب الطبقة العمالية، ولاسيما أن إحداثها يشكل خطوة مهمة لفتح باب التعليم لجميع الطبقات العمالية وهذا ما يسعى له الاتحاد.

وبين القادري أن الاتحاد يتفق مع الحكومة في الأمور والقضايا الوطنية وتختلف معها في أمور العمل فالحكومة هي فريق والعمال فريق آخر فهي رب العمل، في حين العمال هم الطبقة التي تنتج، ولذلك فإننا لن ندخر جهداً في المطالبة بحقوق العمال، ومن هذا المنطلق فإنه من الممكن أن نختلف مع الحكومة باعتبار أن مطالبنا دائماً تكون لصالح الطبقة العمالية.

وفيما يخص قانون التنظيم النقابي أكد القادري : أنه سيتم تعديل هذا القانون بما يتوافق مع الدستور، وهذا لا يعني أن القانون هو سلبي بل لأن تعديله أصبح ضرورة ملحة بما يتوافق مع المرحلة الراهنة، مشيراً إلى أننا نعمل على وضع قانون حديث ومتطور، ولاسيما من ناحية تطوير العمل النقابي.

ولفت القادري إلى أن الاتحاد اتخذ قراراً بتغيير جميع ممثلي العمال في المجالس الإدارية وتعيين ممثلين يكون لهم الدور البارز في الدفاع عن العمال في المجالس التي يمثلونها، مشدداً أنه لا سبيل للمحسوبيات في ذلك بل كفاءة الشخص هي المعيار الوحيد في تعيينه.

وفيما يخص اللجان النقابية قال القادري إن من أهم أولويات اتحاد العمال تفعيل دور هذه اللجان، باعتبارها تشكل صلة الوصل بين الطبقة العمالية وأصحاب القرار في الاتحاد، كاشفاً عن أن القانون الجديد سيمنحها صلاحيات جديدة، منها تخصيصها بالاشتراكات المالية لتقوم بدورها كما يجب.

ولفت رئيس اتحاد العمال إلى أن الاتحاد سيحدث وكالة أنباء خاصة بالعمال إضافة إلى تطوير الثقافة الإعلامية، معترفاً أن هناك ضعفاً كبيراً في هذا الإعلام، وأن الاتحاد اتخذ العديد من القرارات التي تساعد في تفعيله، وخاصة أن الثقافة الإعلامية التي تشكل حيزاً مهماً في حياة العمال.

وأوضح القادري أن الاتحاد سيقف إلى جانب العمال الذين غادروا القطر ويحاولون العودة إليه، ولاسيما أن هناك الكثير منهم يعمل في الخليج، مؤكداً أنه سيقف إلى جانب العمال الذين استقالوا من عملهم لظروف خارجة عن إرادتهم، وأن الاتحاد متفهم لهذه النقطة بشكل كبير.

وأضاف إنه من أهم أولوياتنا أيضاً المشاركة في مكافحة الفساد ودور العمال يتجلى في الإشارة إلى مواطن الفساد وتوثيقه ومساعدة الحكومة في مكافحته معتبراً أن الفساد ازداد بشكل كبير مؤكداً أن الاتحاد سيقصي كل من يخرب هذا المشروع.

 

التعليقات