سيريا ديلي نيوز - الدكتور المهندس محمد غسَّان طيارة

ــ بتاريخ 10 كانون الثاني 2015 نُشِر لي مقال بعنوان "مفردات الأزمة في سورية...الفساد بيئة حاضنة" حاولت فيه توجيه الإنظار إلى بعض أشكال الفساد وضرورة محاربته. (الآن لا جديد تحت الشمس الفساد مستمر والبيئة تتضخم). ـــ بتاريخ 14 كانون الثاني 2015 صدر في جريدة الأخبار اللبنانية مقال بعنوان "السوريون يحبسون أنفاسهم....المازوت قريباً بالسعر العالمي" للإعلامي السوري زياد غصن وكان قد أخذ جزءاً من إجاباتي على أسئلته. ـــ بتاريخ 17 كانون الثاني 2015 نُشِر لي مقال تحت عنوان "مفكرة وزير" تعرَّضت فيه إلى رفع أسعار المازوت والغاز بعد قرار رفع سعريهما بدقائق وقد توجهت فيه إلى كل طامعٍ أو طامحٍ في أن يكون وزيراً متسائل فيما إذا كانت لديه بمشاركة الحكومة بقرارها رفع سعر بعض المشتقات النفطية. ـــ تابعت ما نُشِر إعلامياً عن قرار رفع أسعار المازوت والغاز والخبز فوجدت أن عدد محدود من الإعلاميين يدفع بنفسه للأمام حتى ولو كان على حساب معْظم المواطنين, بحج مختلفة منها أن القطاع الخاص قادر على تأمين حاجات المواطن المعاشية, والبعض الآخر علل ذلك القرار بسبب حالة حرب والتآمر دولي علينا, ويفضل هذا العدد المحدود تحرير الأسعار وترك الاستيراد والتصدير حراً بيد القطاع الخاص "النظيفة". على الرغم من أن ما كُتِب فيه روح التحدي لمعْظم المواطنين فيبقى رأي خاص بهم وأنا أحترمه والحكم للمواطن. ـــ البعض يبرر هذا القرار بأنه ضرورة أساسية حتى تبقى الحكومة قادرة على دفع رواتب جيش العاملين والمتقاعدين في الدولة, (هذه الفكرة مخيفة وفيها كثير من المزاودة على مشاعر المواطنين), وتناسى فشل حكومات متعاقبة حتى يومنا هذا في مكافحة الفساد ومنع التهرب الضريبي الشعار المرفوع منذ ما يزيد على عقدين من الزمن. ورأت الحكومة بأن الحل الأسهل جيوب الفقراء وأصحاب الدخل المحدود من أبناء الوطن. وقد فشلت حكومات سابقة في مكافحة الفساد والتهرب الضريبي فلماذا لا تلجأ الحكومة الحالية إلى نفس الوصفة الطبية المجرَّبة؟. ـــ وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك يقول بأن رفع سعر ليتر المازوت وجرة الغاز جاء بناءً على طلب المواطنين ومنعاً للتهريب, ثم تراجع عنه وقال بأنه تم نقله بشكل خاطئ وأن المقصود منه أنه تم الاستجابة لرغبات المواطنين والمنظمات الشعبية في مسألة توحيد سعر مادة المازوت وإلغاء وجود سعرين، وأن السعر الجديد جاء متماشياً مع أسعار التكلفة. ووزير النفط والثروة المعدنية يستعمل الشفافية ليبرر قوة قرار رفع الأسعار (هل سيتراجع عنه باسم الشفافية مودة الحكومة)...كلنا نحكي باسم المواطن الراكض سيراً على الأقدام لأن السرافيس لا تجد المازوت أو أضربت عن العمل أو ضاعفت الأسعار زيادة على أمكانية المواطن....هل نسمع ولو مرة واحدة صوت المواطن؟. بعد كل ذلك وجدت ضرورة إطلاع الأصدقاء على رأيي كاملاً عن رفع أسعر المازوت والغاز والخبز, بعد أن أصبح واقعاً, من خلال ما جاء في إجاباتي للإعلامي زياد غصن قبل رفع الأسعار بأيام معدودة وكما أرسلته إليه تحت عنوان "برقيات عن تحرير أسعار المازوت ورفع أسعار الكهرباء تدريجيا" وفق الآتي: (** منذ بداية القرن الحالي تزايد الحديث عن إيصال الدعم لمستحقيه وذلك بدفع تعويض مادي للمواطن لقاء تحرير أسعار المحروقات ورفع أسعار الكهرباء تدريجياً كما حددت بعض وسائل الإعلام المبلغ المفترض دفعه كتعويض للمواطن دون تحديد هل هذا المبلغ سيُدفع للفلاح وللحرفي وللصناعي أم سيُكتفى بالدفع فقط للموظف والمتقاعد المحصور عددهم لدى الحكومة. ** إن المساس برفع أسعار أي مادة من المشتقات النفطية وخاصة المازوت يعني تحقيق زيادة أسعار بجميع المنتجات وفق سلسلة هندسية متزايدة. وبالأرقام عندما تتكون السلسلة الهندسية من واحد إلى عشرة يصبح جمع النتائج تزيد على ثلاثة ملايين, بينما الزيادة الحسابية لجمع نتيجة نفس السلسلة فقط هي 285 فقط. طبعاً التناسب في حالة تزايد الأسعار ستكون بحدود العددين 1 و1,5 أو 2 كحد أعلى ويصبح الفرق ما بين 2,85 للسلسلة الحسابية و 67 للسلسلة الهندسية ومع تناقص الأرقام المكونة للسلسلتين سنصل إلى مقاربة صحيحة. ** هل سيؤدي الوصول إلى تحرير الأسعار لرفع سعر المازوت أم لخفضه؟ وبحسب التصور الحكومي فإن زيادة ستطرأ على سعر المازوت وخاصة أن الحكومة تنوي توحيد سعر المازوت الذي يعادل سعر المبيع للقطاع الخاص المعمول به حالياً مما يؤدي حتماً إلى رفع الأسعار والدخول مجدداً في ارتفاع أسعار جميع المنتجات وخاصة حاجيات المواطن المعيشية. ** عندما تحدد الحكومة مقدار التعويض هل سيدخل في حسابهم الزيادة التي سيتعرض لها الفلاح والحرفي والصناعي والتاجر بدأً من الخبز حتى اللباس مروراً بالنقل والتوزيع جملة ومفرَّق. ** في ظروف الأزمة الحالية حتى يتم تطبيق نظرية الحكومة يجب العمل على تأمين ما يلي: ــ الوفرة في تأمين المحروقات لجميع المواطن وفق الحاجة الفعلية. ــ القضاء نهائياً على الفساد في كل ما يتعلق بحياة المواطن المعاشية ومنع كل أشكال الاحتكار. ــ تأمين وفرة كافية لجميع حياة المواطن المعاشية وبأسعار مناسبة. ــ القضاء على جميع أشكال المضاربات وخاصة المضاربات بالدولار. ** السؤال المهم: هل ستكون الحكومة قادرة على تنفيذ هذه الأمور؟! ** الجواب: أشك في ذلك فالمواطن بحاجة ماسة الآن لتحسين حالته المعاشية في ظل هذه الأسعار الكاوية والنتيجة شبه مستحيلة في ظل الاختناقات في توفير المشتقات النفطية والكهرباء التي بدورها تنعكس على نشاط السوق السوداء. ** لا أنصح الحكومة القدوم على مثل هذه الخطوة غير المضمونة حتى لا تقع مجدداً في الأزمة المعاشية التي يعاني منها المواطن والفساد الذي أحدثه وجود سعرين للمازوت. فجميع أنواع المشتقات النفطية متوفرة بكميات كافية بالسوق السوداء التي يحسها ويشاهدها المواطن ولا تراها الحكومة أو تقف عاجزة عن مكافحتها). بعد يوم من نشر مقال "مفكرة وزير" صدر مرسوم رئاسي بمنح تعويض معيشي للعاملين في الدولة والمتقاعدين بمبلغ وقدره 4000 ليرة سورية. ويمكن التساؤل هل يكفي هذا التعويض أم لا يكفي؟. والجواب سيأتي في الأيام القادمة وبحسب تقلبات الأسعار التي ظهرت مباشرة مع إضراب سرافيس النقل الداخلي والبعض ضاعف التسعيرة فوراً. السؤال الأهم: كيف سيتم التعويض لغير العاملين في الدولة وللفلاحين ولصغار الكسبة؟. أترك الجواب لمن تحدث بواقعية بعيداً عن العواطف. البعض كتب بأن قرار رفع الأسعار هو لتطفيش الناس من الوطن, وهذا كلامٌ مبالغٌ فيه ولكن التفكير به خطيرٌ جداً. وضعت في برقياتي أربع شروط على الحكومة تحقيقها قبل رفع أسعار المشتقات النفطية ولكن, وعلى ما يبدو, قررت هذه الحكومة, كغيرها من حكومات سابقة, رفع الأسعار وبعدين لكل حادثٍ حديث. وحتى هذه اللحظة الظواهر سلبية ولا تُسِر العين ولا تُشْبع المعدة, ومع ذلك لننتظر الإجراءات التي تحدثت عنها الحكومة لحماية ولتأمين معيشة المواطن علماً بأن الناصح يتخذ كل الإجراءات أولاً ثم يرفع الأسعار. سأعتبر ذلك تقصيراً في الدراسة وأن هناك نيه لدى الحكومة باتخاذ إجراءات فعالة تمنع امتصاص منحة ال 4000 ليرة سورية من قبل حيتان الاحتكارات ولكن تاريخ ونشاط الحكومات المتعاقبة علمني عكس ذلك. اتمنى أن أكون مخطأً. عفوا تذكََّرت: وما نيل المطالب بالتمني.....ولكن تؤخذ الدنيا غلابا.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات