بدا الموقف الحكومي واضحاً وجلياً فيما يخص اختيار القادة الإداريين وتحديداً من مرتبة “معاون وزير ومدير عام”، فنسف الاعتبارات والمفاهيم “التقليدية” في آليات التعيين والتنصيب كان العنوان الحاسم في أحدث الشروط والخطوط التي رسمتها “السلطة التنفيذية” لتكون القاعدة الملزمة للوزارات والجهات كافة تحت طائلة المساءلة في حال كان الترشيح مخالفاً لأهم المعايير التي صدرت قبل أيام من ولادة عام جديد من المفترض أنه يحمل في جعبته موجة تغيير طبيعية للأطقم الإدارية، حيث جاءت “تعليمات” رئاسة الوزراء لتعطي إشارات أن الإتيان بوجوه ودماء جديدة سيكون في واجهة الأحداث عما قريب؟.

في قراءة القائمة التي اشتغل عليها كثيراً من صانع القرار، تتشكل الفكرة البيّنة أن ما تم الخروج به ناتج عن إدراك حقيقي لمجريات الواقع الذي تشهده صفحة التعيينات، وأن التركيز على هذا الشرط أو ذاك البند الجديد يعني أن السائد لم يعُد صالحاً بعد اليوم، وهذا تحوّل جدير بالاهتمام عند من وجد في إعادة الحياة لوزارة التنمية الإدارية ضرورة لبعث مشروع الإصلاح الإداري من جديد، وبالتالي الانخراط المؤسساتي في إعداد تركيبة وتوليفة تتمتع بكل المواصفات والمقاييس لحسن إدارة العمل وتطويره بأدوات عصرية تخدم التنمية وتساعد في إنقاذ المؤسسات والقطاع العام وإسعافه مرحلياً في زمن الحرب على الأقل؟.

يمكن القول: إن أهم ما جاءت به اشتراطات الحكومة أن يكون المرشح من كوادر المؤسسة التي سيقودها وينسجم مع الاختصاص المرشح إليه، وأن يكون قد مارس عملاً إدارياً أو أكاديمياً في وقت ركزت فيه المعايير على السلوك العام والسمعة الوظيفية للمرشح حتى في حياته الخاصة ومدى الالتزام بأخلاق وقيم العمل وروح المسؤولية والمحافظة على المال العام.

ومع ذلك دعونا نمرّ مرور “المتابعين” والحريصين على تبليغ كل من يرى في نفسه مؤهّلاً للإدارة أو من تخوّل إليه التزكية والترشيح أو حتى ذلك “المستنصب” اللاهث لفرصة كامتياز ومكاسب وليس مسؤولية أخلاقية بكل التفاصيل “عل الذكرى تنفع” عند التطبيق الذي وإن شكك فيه بعضهم إلا أن العقلانية تقول بالتفاؤل بمرحلة جديدة عل وعسى أن تساهم ظروف البلد في تحريك ضمير نائم أو أخلاق غافية أو محسوبية مسيطرة، بأن البلد بحاجة إلى كفاءات تنطبق عليها مقاييس ومعايير الحكومة هذه وليس غيرها من الدارج والمهيمن على آليات وقنوات “الانتقاء”.

المطلوب مدير ومعاون وزير خالٍ من عيوب المحسوبية والشخصنة والسلوكيات والسمعة الوظيفية غير النظيفة، ومنتمٍ وطنياً ولديه خبرة وظيفية ومهنية خمس سنوات.

مطلوب مدير ومعاون وزير صادق ومقنع ومتحمّس وواثق من نفسه ومتواضع وعادل وشجاع وقادر على التطوّر.

مطلوب مدير ومعاون وزير خلوق ومنضبط وملمّ بلغة أجنبية وقيادة الحاسوب.

مطلوب مدير ومعاون وزير لائق بدنياً وصبور على ساعات العمل الطويلة.

قد يخرج من يقول: ترى هل لدينا شخص يجمع كل هذه الصفات؟، ويردّ آخر: إذا توفر كيف نضمن ترشيحاً يليق بالمعايير السابقة قائماً على الثقة “يعني” بلا محسوبية وشخصنة؟، وهل نضمن بقاء الفساد صامتاً أمام توجّه من هذا القبيل ولاسيما أن تطبيق ما سبق سيفرّخ آلاف الأعداء لنجاحه؟، إلا أن عاقلاً قد يبدّد كل هذا الضجيج ليقول كلاماً مفاده “أن القطاع العام متخم بالكفاءات والأدمغة الصالحة والمناسبة لما جاء”، ولكن..ولكن؟ والمشكلة في هذه الـ”لكن”؟!.

 

علي بلال قاسم

 

Syriadailynews - Baathonline

سيريا ديلي نيوز


التعليقات