سيرياديلي نيوز

لا يزال نقص الوقود يشكل الهاجس الأكبر للكثير من الأسر السورية ، وخاصة مع حلول فصل الشتاء البارد ، فيبقى المواطن يدور في فلك البحث عن حلول مناسبة أو بدائل تجعله يتغلب على تلك الأزمات المتلاحقة التي ارهقت كاهله ، ولو كان ذلك على حساب الطبيعة أو البيئة ، وعلى مبدأ القول المأثور " الف عين تبكي ولا عيني تدمع".

ولعل نقص مادة المازوت ( الديزل ) المستخدم في التدفئة ، وانقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة ، جعل الكثير من السوريين يفكرون في اقتطاع الاشجار من الاحراش الطبيعية في محافظة السويداء ( جنوب سوريا ) ، وبيعها للسوريين باسعار مناسبة ، تحت وطأة قلة وقود التدفئة ، خاصة بعد أن رفعت الحكومة السورية الشهر الماضي سعر لتر المازوت من 65 ليرة إلى 80 ليرة ما جعل أغلب السوريين يحجمون عن شراء المخصص لهم من مادة المازوت من الحكومة السورية ، لعدم توفر المال اللازم لشرائه ، لأن سعر البرميل سعة 200 لتر أصبح 19 ألف ليرة سورية أي ما يعادل 100 دولار ، وشح المخصص وخاصة في المناطق الجبلية التي تحتاج إلى اكثر من 600 لتر في فصل الشتاء على أقل تقرير .

كل هذه العوامل ساهمت في إزدهار سوق الحطب ، وانتعاش صناعة المدافئ التي تعمل على الحطب ، بحيث وصل سعر طن الحطب ( الطن يساوي 1000 كيلو جرام ) يتراوح ما بين 10 الآف ليرة إلى 15 ألف ليرة ) حسب نوع الاشجار ، كما أن مدافئ الحطب والتي تسمى " وجاق " يتراوح سعره ما بين 10 الاف ليرة سورية إلى 35 الف ليرة ، ( الدولار الواحد يساوي 190 ليرة سورية).

وأكد عدد من باعة المدافئ التي تعمل على الحطب في مدينة السويداء لموقع سيرياديلي نيوز أن أسعار المدافئ ارتفعت هذا العام بنسبة 40 % عن العام الماضي، بسبب ارتفاع أسعار المواد الداخلة في صناعتها .

واشار الباعة إلى أن هذا الغلاء الفاحش في أسواق المدافئ، جعل العديد من المواطنين، يعمدون إلى صيانة مدافئهم القديمة، وتحويل ما كان يعمل منها بالمازوت إلى العمل بالحطب، لرخص ثمنه قياسا إلى المازوت .

واعتبرت المواطنة السورية رضية الاسعد ( 66 عاما ) وتسكن في قرية تبعد عن السويداء 45 كيلو مترا ( جنوبا ) أن غياب مادة المازوت المنزلي ، وانقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة ، وراء انتعاش سوق الحطب في المحافظة ، ذات الطقس البارد شتاء ، مؤكدة أنها اشترت طن ونصف الطن من الحطب ، بـ 30 الف ليرة سورية لتتمكن من تدفئة منزلها المؤلف من ثلاثة غرف للسكن.

وقالت المواطنة الاسعد لوكالة (( شينخوا)) بدمشق إن " هذه الكمية لا تكفي لاكثر من شهر ونصف تقريبا " ، مشيرة إلى أن اسعار كمية الحطب التي اشترتها ، أرخص من سعر براميل المازوت ـ إن وجد طبعا ـ داعية الحكومة إلى ضرورة تأمين وقود التدفئة بغية المحافظة على الغابات الطبيعية التي توجد في السويداء ، مبينة أن المواطنين السوريين لم يكونوا يستخدمون الحطب في التدفئة قبل الازمة التي نشبت في البلاد منذ منتصف مارس 2011 ، ما جعل سوق الحطب هذه الأيام مزدهر ونشط وأصبح هناك سوق لبيعه .

وبحسب الاحصائيات الصادرة عن دائرة الحراج في مديرية الزراعة بالسويداء تؤكد أن عدد اشجار السنديان يبلغ نحو 3 ملايين شجرة تشكل نسبة تزيد على 70 بالمئة من الأشجار السائدة في الحراج الطبيعية العائدة للدولة والتي تبلغ مساحتها 3376 هكتارا .

ومن جانبه تساءل المواطن عماد السلمان ( 43 عاما ) من مدينة السويداء ، من المسؤول عن انتعاش سوق الحطب ؟ ، وأين هي الجهات المعنية عن حماية الغابات من القطع الجائر ؟ ، مؤكدا أن المواطن السوري بات في ظل قلة وقود التدفئة ، مضطر للجوء إلى باعة السوق السواء التي تبيع الحطب ، باسعار عالية احيانا ، وتشجعهم على قص المزيد من الاشجار تحت إغرار الربح السريع .

وقال المواطن السلمان عندما يبرد الطقس وتنخفض درجات الحرارة إلى 6 أو 7 درجات مئوية ، لن يفكر أي إنسان بالبيئة ، بل يفكر بمصلحته أولا وكيف سيحصل على أي شيء يجعل منزله دافىء ، وعلى مبدأ الغاية تبرر الوسيلة".

 وخلال جولة على بعض الغابات التي تحيط بمدينة السويداء وبعض البلدات القريبة منها أن عددا كبيرا من الاشجار قد اقتطع بطريقة عشوائية من الاحراش ، بالرغم من وجود دوريات لحماية الاحراش ، ووجود عقوبات صارمة لمن يقطع الاشجار بشكل عشوائي وبدون علم الجهات المعنية .

وهذا الاقتطاع الجائر للغابات تسبب في تظاهر أهالي بلدة الكفر (جنوب شرق ) السويداء للمطالبة بتوزيع مادة المازوت والغاز ووقف قطع الاشجار في قرية الكفر ، ومصادرة الحطب من التجار ، وبيعه للمواطنين باسعار رمزية ، بهدف منع ازدهار سوق الحطب وانتعاشه في السويداء

احد باعة الحطب والذي فضل عدم الكشف عن اسمه قال  إن " الحكومة السورية ، هي المسؤولة أولا وأخيرا عن انتعاش سوق الحطب ، في ظل نقص مادة المازوت ، وارتفاع سعره ليصبح البرميل الواحد أكثر من 19 ألف ليرة سورية عبر موزعي الدولة ، و45 ألف ليرة بالسوق السوداء " ، متسائلا كيف سيتمكن المواطن من شراء برميل المازوت بهذه الاسعار ، مؤكدا أن سعر طن الخطب ارخص ومتوفر في اي وقت يريد .

ويشار الى انه تم قطع أكثر من 30 ألف شجرة حراجية خلال العام الماضي ، بحسب احصائيات دائرة الحراج في السويداء .

سيرياديلي نيوز


التعليقات