بورصة تهريب السوريين.. (1.65) مليون ليرة لتهريب الشخص الواحد...خلال 3 سنوات: 39.5 ألف مهاجر سوري غير شرعي في أوروبا.. و52.5 ألف بإقامة غير شرعية.. و97 ألف طلب لجوء

أكثر من 11 ألف سمسار يهربون البشر عبر الحدود الأوروبية.. معظمهم من الأتراك والأوروبيين والمغاربة

مهاجرون غير شرعيين.. تقلّهم قوارب الموت يومياً إلى صقيع اللجوء في أوروبا، لمن يحالفه الحظ بالوصول حياً، وإلا فصقيع اللجوء إلى أعماق مياه البحر المتوسط.

كانت مانشيتات غرق المهاجرين غير الشرعيين أو إلقاء القبض عليهم في سواحل إيطاليا، تمر هكذا أمام أعيننا، فنتعاطف للحظات على سبيل الإنسانية.. لكن الواقع اختلف اليوم، وبتنا ننقب في أخبار وكالات الأنباء عن غرق مركب هنا، أو أسماء ضحايا هناك، وموقوفين في الضفة الأخرى من المتوسط... فالمعنيون هم إخوتنا ورفاقنا..!!

آلاف من شبابنا أصبحوا مهاجرين غير شرعيين، والوجهة: أوروبا.. والطموح: الهبوط على أراضي السويد أو ألمانيا..!

آلاف غيرهم على الطريق.. بانتظار اكتمال قوافل الهاربين في تركيا أو ليبيا، وغيرهم الكثير ممن يتحضرون للهرب، فالموضوع أصبح سهلاً لمن يملك الإمكانات المادية المطلوبة، مع انتشار ظاهرة سماسرة الموت (المهربين).. ومن لا يملك المال، يمكنه الاستدانة أو بيع البيت أو قطعة الأرض.. وقد يلجأ البعض للسرقة أو للنصب والاحتيال لتأمين المبالغ، قبل ارتفاع التكلفة، فقوانين الاقتصاد لها دورها هنا، ومع زيادة الطلب على الهروب ترتفع التسعيرة، التي تجاوزت اليوم المليون و650 ألف ليرة سورية، وسطياً، بعدما كانت بحدود 500 ألف ليرة، وبالدولار كانت أقل من 5 آلاف دولار، لترتفع اليوم فوق الـ10 آلاف.

 

الهروب وهواجسه.. كلام لمن شهدوا

تنشط الهجرة غير الشرعية من المناطق السورية المختلفة، بسبب الأزمة وتداعياتها، من جهة، ولكون الفرصة هذه الأيام مناسبة لهروب الكثيرين ممن لديهم أحلام ومخططات مسبقة للسفر والهجرة.

«الوطن» وقفت على بعض المعلومات لدى أقارب من سلكوا الطريق، ومعارفهم، ومنهم من يحلم باللحاق بهم. وتفيد تلك المعلومات بأن الموضوع سهل، فالمطلوب توافر المبلغ المالي بالعملة الصعبة (الدولار أو اليورو) بما يعادل 1.65 وقد يصل 1.8 مليون ليرة سورية، وحقيبة صغيرة لبعض اللوازم.

تبدأ الرحلة بالخروج هرباً إلى تركيا، ثم الالتحاق بموكب المهاجرين هناك، وعند اكتمال العدد تبدأ الرحلة، ومعها عمليات الابتزاز المالي، وقد لا يخلو الأمر من عمليات «التشليح» والنصب، دون أن تكون هناك مواكب للمهاجرين.

ويكون الاتفاق على دفع المبالغ بالتقسيط حتى يتم الوصول إلى الأرض المتفق عليها فوق القارة الأوروبية، وغالباً ما يكون الطريق الأسلم هنا برياً، عبر اليونان وصربيا، حيث يقوم أهل المهاجر أو أصدقاؤه بتحويل المبلغ المطلوب له عبر شركات تحويل الأموال في كل محطة متفق عليها للدفع فيها للوسيط.. وهكذا حتى يصل إلى الوجهة النهائية المتفق عليها.

كما هناك طريق آخر قد يكون أقل تكلفة قليلاً، لكنه أكثر خطورة، إذ يذهب البعض إلى الجزائر أو مصر، ومن هناك إلى ليبيا، حيث ينضمون إلى قوارب الموت المبحرة إلى شواطئ إيطاليا ومالطا، ومن هناك إلى ألمانيا أو السويد أو هولندا، والدنمارك التي دخلت مجدداً على الخط.

وحديثاً درجت طريقة أخرى لتوفير التكلفة إلى النصف تقريباً، لكن الخطر يزداد والمشاق تكثر. إذ يهرب البعض إلى تركيا، ومنها إلى قبرص الخاضعة للسيطرة التركية، ثم يشترون أدوات سباحة وغطس وحماية، ويسبحون ليلاً إلى القسم اليوناني، ومنها إلى صربيا، ويكملون الطريق براً، إلى أن يصلوا الى الحدود الأوروبية، فيتسللون إلى وجهتهم.

 

أرقام أوروبية

لا بيانات محلية دقيقة (رسمية أو غير رسمية) تتعلق بالموضوع الذي لايزال قيد الاهتمام والدراسة. إذ أفاد مصدر قضائي بارز لـ«الوطن» أنه لاتوجد حتى الآن أي قضايا متعلقة بالهجرة غير الشرعية «فلا سماسرة موقوفون.. ولا أحد يدعي عليهم حتى الآن».

من جهتها مصادر المكتب المركزي للإحصاء أكدت لـ«الوطن» أنه لا إحصائيات رسمية حول المهاجرين غير الشرعيين، لكون العمل يقتصر على إحصاء المهاجرين بطريقة رسمية وذلك بالحصول على البيانات من إدارة الهجرة والجوازات.

مشيرة إلى أن معظم المهاجرين غير الشرعيين يسافرون بطريقة نظامية إلى دول الجوار ومن هناك يسلكون طريق الهجرة غير الشرعية، لذا يتم إحصاؤهم ضمن المهاجرين بشكل نظامي. مؤكدة أن الأرقام المعنية بالمهاجرين غير الشرعيين تصدرها الدول المستضيفة لهم.

أما على الجانب الأوروبي، فإن أحدث الإحصائيات الرسمية المتعلقة بالموضوع نشرتها وكالة «فرونتكس» الأوروبية، المعنية بإدارة التعاون العملياتي والفعّال في مجال مراقبة وضبط الحدود الخارجية للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وذلك ضمن تقريرها الفصلي عن الربع الأول من العام الجاري (2014) والصادر يوم الإثنين الماضي (18 آب 2014).

تقرير شبكة إدارة المخاطر في الوكالة (FRAN) الذي حصلت «الوطن» على نسخة إلكترونية منه -تم تحميله مباشرة من الموقع الرسمي للوكالة- يظهر أن مؤشرات الهجرة غير الشرعية ضمن حدود الاتحاد الأوروبي قد انخفضت خلال الربع الأول من العام الجاري مقارنة بالربع الرابع من العام الماضي (2013) باستثناء عدد الوسطاء (السماسرة) الذين يسهلون عمليات الهجرة غير الشرعية مقابل مبالغ مادية.

وخلص التقرير إلى أن النسب الأعلى من المهاجرين غير الشرعيين هم من الماليين والأريتيريين والأفغان والسوريين، والقسم الأكبر من المهاجرين غير الشرعيين يسلكون الطريق البحري، وحوالي نصفهم قصدوا إيطاليا، ثم في المرتبة الثانية يأتي الطريق البري عبر بلغاريا وصربيا، والإقليم الغربي في البلقان وهنغاريا انطلاقاً من تركيا في أغلب الأحيان، باتجاه الدول الاسكندنافية، وعلى رأسها السويد، وإن لم يحالفهم الحظ، فألمانيا أو هولندا.

وفيما يخص الأرقام الإحصائية التابعة لتقرير وكالة «فرونتكس» الأخير والخاصة بالسوريين، نجد أن عدد المهاجرين غير الشرعيين الذين تم تسجيلهم خلال الحدود الخارجية بين الدول الأوروبية قد بلغ 143476 مهاجراً، عبر كل الطرق (البرية والبحرية)، منهم 31417 يحملون الجنسية السورية، ليشكلوا بذلك 21.9% من الاجمالي، وذلك خلال 18 شهراً، تبدأ بأيلول 2012، وتنتهي مع نهاية شهر آذار 2014.

ومن خلال قراءة «الوطن» الاحصائية للبيانات الواردة في التقرير، وجدنا أن 75.86% من المهاجرين غير الشرعين الذين تم تسجيلهم من قبل الجهات التابعة لوكالة «فرونتكس» والمتعاونة معها؛ سلكوا الطريق البحري –أي بواسطة قوارب الموت وفق التسمية الدارجة في الأوساط الإعلامية- و43.14% عبر الحدود البرية. كما بلغ عدد السوريين المهاجرين بطريقة غير شرعية عبر الحدود البحرية أكثر من 21 ألفاً، شكلوا نسبة 25.39% من إجمالي المهاجرين السالكين نفس الطريق خلال 18 شهراً، والبالغ عددهم أكثر من 83 ألف مهاجر غير شرعي. في حين بلغ عدد السوريين المهاجرين بطريقة غير شرعية عبر الحدود البرية أكثر من 10 آلاف من أصل 60460 مهاجراً، ليشكلوا نسبة تقارب 16.7% من هذا الرقم.

وتشير البيانات الفصلية إلى انخفاض عدد السوريين المهاجرين بطريقة غير شرعية (من دون الفيزا والأوراق الرسمية المطلوبة لدخول الدول الأوروبية) في الربع الأول 2014 مقارنةً بالربعين الثالث والرابع من 2013، لكنها تبقى مضاعفة عن بيانات الفصول السابقة، إذ سجل 4630 مهاجراً غير شرعي يحمل الجنسية السورية في الربع الأول 2014 مقارنة بـ9597 في الربع الرابع 2013 و11917 في الربع الثاني 2013 و2784 في الربع الثاني و1248 في الربع الأول من العام نفسه، و1241 في الربع الرابع 2012.

تقارير سابقة.. حكاية أخرى

بالعودة إلى إصدارات سابقة للتقرير نفسه، لاحظنا عدم ورود اسم سورية في مؤشرات الهجرة غير الشرعية قبل العام 2011. إذ بدأنا نقرأ الاسم مع تقرير الربع الثاني للعام 2011، لكن الترتيب كان متراجعاً والأرقام في حدودها الدنيا.

وتوثق تقارير «فرونتكس» التي أعدتها شبكة تحليل المخاطر، بيانات تخص سورية لثلاث سنوات مضت، مقسمة على 12 فصلاً، غطى التقرير الأخير آخر 18 شهراً، تبدأ مع بداية الربع الرابع 2012 (من بداية شهر تشرين أول) وحتى نهاية الربع الأول 2014 (نهاية شباط الماضي). في حين تغطي التقارير السابقة فترة 18 شهراً، تبدأ بالربع الثاني 2011 (بداية نيسان) وحتى نهاية الربع الثالث 2013 (نهاية أيلول 2013).

وتفيد البيانات أن إجمالي عدد المهاجرين غير الشرعيين من حملة الجنسية السورية خلال فترة العام ونصف العام المنتهية مع نهاية الربع الأول 2012، بلغ 8152 عبر كل الطرق، من أصل 166912 مهاجراً غير شرعي مسجل من جميع الجنسيات على الأراضي الأوروبية. في حين سجلت البيانات الأخيرة 31417 مهاجراً سورياً غير شرعي في فترة العام ونصف العام المنتهية بنهاية الربع الأول 2014، أي إن الرقم تضاعف أربع مرات في الفترة الأخيرة.

والحكاية ذاتها تنسحب على باقي المؤشرات، إذ تم تسجيل 10485 لإقامة غير شرعية للسوريين في أوروبا من أصل 528416 في فترة العام ونصف العام الأولى، مقارنة بـ42058 في فترة العام ونصف العام الأخيرة، وأيضاً تضاعف الرقم أربعة أضعاف. كذلك بالنسبة لعدد طلبات اللجوء المقدمة من السوريين في أوروبا، حيث تم تسجيل 20312 طلباً في فترة العام ونصف العام الأولى، مقارنة بـ76972 في فترة العام ونصف العام الأخيرة، وأيضاً، يتضاعف الرقم نحو أربعة أضعاف.

أما الأرقام الاجمالية على مدى ثلاث سنوات، فتفيد بتسجيل 39569 مهاجراً غير شرعي يحمل الجنسية السورية، و52543 إقامة غير شرعية، و97284 طلب لجوء في أوروبا.

 

21٫7 ألف «سمسار موت» مكشوف.. والباقي أعظم

وفيما يخص الوسطاء (السماسرة) فقد سجل التقرير زيادة واضحة في عدد الذين تم كشفهم وتسجيلهم في الربع الأول 2014 مقارنة بالفصول السابقة.

وفقاً لإحصائيات التقرير فقد تم كشف وسجل 11062 وسيطاً خلال 18 شهراً، منهم 2015 في الربع الأول 2014، و1910 في الربع الرابع 2013 و1689 في الربع الثالث 2013 و1706 و1624 في الربعين؛ الثاني والأول من العام نفسه، و2118 في الربع الأول 2012.

وجاء ترتيب جنسيات الوسطاء وفق بيانات الربع الأول 2014 كمايلي: (بنغلادش- إيطاليا- اسبانبا- فرنسا- المغرب- ألبانيا- غير محدد الجنسية- باكستان- تركيا- صربيا-جنسيات أخرى).

وخلال ثلاث سنوات تم كشف 21740 وسيط في أوروبا.

اتجاه إجباري

في الختام يجدر بنا  التنويه بأن الأرقام التي أوردها التقرير، هي ماتم كشفه وتسجيله من السلطات الأوروبية الرسمية والجهات المختصة المتعاونة مع وكالة «فرونتكس» التي تم تأسيسها في العام 2004 من الاتحاد الأوروبي، والتي تعنى بضمان التعاون العملي والفعال بين دول الاتحاد لمراقبة وضبط حدودها. ومن جانبنا لا يمكننا تبني تلك الأرقام، مع احتمالية أن تكون غير دقيقة، أو مسيسة، أو مبنية على افتراضات، مع حسن النية، أو حتى أقل من حجم الظاهرة الحقيقي مع تركيز بخصوص السوريين.

كما نشير إلى أننا نثير هذه القضية لأن هناك ضحايا سوريين يقعون فريسةً لاستغلال سماسرة الموت، وعمليات النصب والاحتيال، وعصابات تجارة الأعضاء وتجارة البشر عداك عن وجع اللجوء.

سيرياديلي نيوز- الوطن


التعليقات