بعيداً عن وسائل التواصل الاجتماعي، خصوصاً موقع “تويتر” الذي يعتبر المنفذ الأبرز لـ”الجهاديين” والمرصد  الأهم لتحركاتهم وبياناتهم، وعن طريق وسطاء موثوقين، أجرت “السفير” اتصالاً هاتفياً مطولاً مع قيادي منشق عن تنظيم “داعش”، عرف عن نفسه باسم “الشيخ ماهر أبو عبيدة” وهو سوري الجنسية، وقال إنه كان يشغل منصب “والي البادية” في التنظيم قبل أن ينشق عنه.

بدا أبو عبيدة، خلال الحوار، ناقماً على التنظيم، وأصر في مواقع عدة أن يسميه “داعش”، اي التسمية الاعلامية، معللاً السبب بأنه “انحرف عن الهدف الذي أنشئ من أجله، ليتحول إلى ميليشيا من المرتزقة، يسرقون النفط ويخرجون عن الطريق القويم” وفقا لتعبيره. وشرح انه انتسب إلى التنظيم في مطلع العام 2013، حيث زار العراق وخضع إلى دورة سريعة في “معسكر الأنبار”، والتقى زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي مرتين على عجالة، مؤكداً أن “البغدادي هو ذاته من ظهر في التسجيل المصور الذي عرض مؤخراً، والذي شككت الاستخبارات العراقية بصحته”. وعن البغدادي، يقول أبو عبيدة: “هو الدكتور إبراهيم عواد البدري، من مواليد العام 1970، محاضر في الدراسات الإسلامية، متزوج من ثلاث نساء إحداهن من سامراء. وقد كان إمام مسجد أحمد بن حنبل، كما أمّ وخطب في الجامع الكبير في بغداد، وسافر إلى أفغانستان، وتقرب من (زعيم “القاعدة”) أيمن الظواهري، وبقي فيها فترة من الزمن وفق ما أخبرنا بعض المقربين منه. وهناك تمكّن من بناء شبكة علاقات جيدة مع قياديين ميدانيين، استقدمهم إلى العراق وسوريا بعدما تسلم قيادة التنظيم خلفاً لأبي عمر (الزرقاوي)، حيث بدأ التنظيم يظهر بقوة وينتشر”.

وعن سبب انتسابه إلى “داعش” وليس إلى “جبهة النصرة”، يقول أبو عبيدة: “أنا إمام وخطيب جامع في سوريا، وجبهة النصرة عندما بدأت بالظهور اعتبرت جميع أئمة وخطباء المساجد في سوريا عملاء، وبدأت بمطاردتهم، فخشيت على نفسي منهم، لذا كان ظهور (داعش) مناسباً جداً بالنسبة لي وللكثير غيري، مشدداً، في الوقت ذاته، على أنه “لا يوجد فرق جوهري في الأيديولوجيا التي تحكم داعش والنصرة، فالخلاف على الزعامة والسيطرة ليس إلا”.

 بعد انتسابه إلى تنظيم “داعش”، أوكلت إلى أبي عبيدة مهمة “المنسق العام للإمارات بين العراق والشام”، قبل أن يدخل في صراعات داخلية مع بعض قادة التنظيم، حيث قام “والي الرقة” أبو سعد الحضرمي حينها بتزكيته لدى البغدادي، فتم تسليمه منصب “والي البادية”، وهي “ولاية” تم إحداثها في منطقة صحراوية تمتد من التنف في العراق إلى حدود الأنبار فالبادية في تدمر وجبل البلعاس حتى تلدرة قرب السلمية في ريف حماه، وتضم بمجملها نحو 32 قرية صغيرة فقط، الأمر الذي اعتبره أبو عبيدة إبعاداً من قبل “داعش” له ورميه مع مجموعة من المسلحين (70 مقاتلاً) في منطقة صحراوية لا نفع من وجوده فيها ولا طائل، معيداً السبب في ذلك إلى الخلافات الداخلية في التنظيم والتي انتهت بانشقاق “الحضرمي” عن “داعش” ومبايعته زعيم “النصرة” أبو محمد الجولاني قبل أن يقوم تنظيم “داعش” بإعدامه في الرقة.

وتحدث أبو عبيدة بإسهاب عن قيام البغدادي بسرقة سوريا ونقل خيراتها إلى العراق، كما بدا معجباً "بأبي عمر الشيشاني" الذي قال عنه: “هو رجل قوي، ذو خبرة كبيرة، ماهر في عمله، يستطيع تفخيخ أي شيء مهما كان حجمه، يستطيع حتى تفخيخ التفاحة، أو رغيف الخبز، يرتدي بشكل دائم حزاماً ناسفاً، أظنه سيكتشف يوماً ما أن البغدادي يتلاعب به”.

وأفاد أبو عبيدة بأن “داعش” يعاني من نقص كبير في الموارد البشرية، وهو الأمر الذي يحاول تلافيه عن طريق ضغطه على بعض الفصائل والقبائل لمبايعته لتعويض هذا النقص، مشيراً إلى أن “عدد مقاتلي التنظيم الفعليين في سوريا في الوقت الحالي لا يتجاوز العشرة آلاف مقاتل”، وموضحاً أن عدد قتلى التنظيم منذ ظهوره في سوريا يبلغ نحو ألفي مقاتل، معظمهم قتلوا خلال معارك مع الفصائل المسلحة. وعن سبب قتال التنظيم للفصائل “الإسلامية” في سوريا، وابتعاده عن قتال الجيش السوري، يقول أبو عبيدة: “كانت الخطة تقضي بتأمين الجبهة الداخلية، إجبار الفصائل الصغيرة على الاندماج بالتنظيم، وقتل وطرد من يرفض، وبعد تأمين الجبهة الداخلية نخوض حربا مفتوحة مع النظام الذي يتفوق علينا بامتلاكه طائرات حربية، وهو ما جرى فعلاً، قبل أن يخرج التنظيم عن الطريق ويسير وراء أهوائه حيث أغراه النفط، فترك معاركه وانساق وراء الأموال، لذلك لن يستمر طويلاً في سوريا”.

وأعرب أبو عبيدة عن اعتقاده بأن تنظيم “داعش” سيخرج من سوريا بشكل متواتر، وسيتخلى عن مناطق نفوذه ويحصر قواته في المناطق النفطية، مقدراً فترة خروجه من سوريا بنحو عام، مشيراً إلى أن “داعش” سيتوجه إلى السعودية، وقد بدأ يزرع خلاياه فيها. وقال: “توجد خلايا تابعة للتنظيم في القصيم، خميس مشيط، الدمام والهفوف، ويعمل شخصان أحدهما من عائلة المغامسي، والآخر يلقب بالمطيري على توزيع هذه الخلايا وإعدادها للظهور عند الحاجة”. وعن سبب توجّه “داعش” إلى السعودية، يقول أبو عبيدة: “عدد كبير من مقاتلي التنظيم هم سعوديون يمارسون في الوقت الحالي ضغوطاً كبيرة لجره إلى الرياض، ويعدون العدة لذلك، ولن يطول الأمر كثيراً لظهوره في بلاد نجد، حيث أخبرنا رسول الله بظهور قرن الشيطان فيها”.

 

 

سيرياديلي نيوز- علاءحلبي


التعليقات