سيريا ديلي نيوز - د المهندس محمد غسان طيارة
يستمر الحديث في هذه الأيام عن شكل الحكومة الجديدة والمتطلبات التي يجب أن تتوفر في أعضائها وتوجه بعض النقض أو الكثير منه للحكومة الرايحة ومن منطق الأمور أن نُعْطي الحكومة الحالية أو حكومة تسيير الأعمال حقها في النجاح الضئيل الذي حققته دون إغفال إخفاقاتها المتعددة. ـــ يجب أن نتذكر بأن الظروف الصعبة التي تعيشها البلاد, فنحن في حالة حرب مستمرة ضدنا وهي حرب همجية ووحشية تعتمد أساليب القتل والذبح وأكل الأكباد وقطع الرؤوس وتدمير الممتلكات بعد سرقتها, بأنها ظروف مؤثرة على أداء الحكومة. ـــ لم يرْشح من تصرفات الحكومة أي شكْلٍ من أشكال الفساد المالي وإن الفساد الإداري يرتبط بزيادة وتائره على سنوات سابقة ولم تتمكن الحكومة من البدء في الإصلاح الإداري إلا إذا اعتبرنا إن البدء في مشروع الحكومة الإليكترونية بداية هذا الإصلاح الذي توقف تقريباً بسبب الأزمة. إن إخفاقات الحكومة الرايحة كثيرة كما يتداولها المواطن ومن دون استنتاجات يمكن أن نذْكر منها: ـــ عندما ارتفعت أسعار احتياجات المواطن المعاشية مع ارتفاع الدولار لم تنزل الأسعار مع نزوله بنفس النسبة وما ارتفع من الأسعار من خضار وفواكه ولحوم وغيرها...إلى آخره لم يعاود الهبوط مع هبوط الدولار. ويقول البعض إن دور الحكومة في هذه التذبذبات شبه معدوم. ومن المضحك بأن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك نظمت ضبوطاً تموينية بحدود 30 ضبطاً باليوم في شهر رمضان المبارك أي حوالي 900 ضبطاً تمويناً في الشهر وعيش يا كديش على هذه الضبوط. ـــ كثيرون هم الذين ينتقدون الإعلام فقد تقدم من جهة وتداعى من جهة أخرى فيرى البعض بما أننا في حالة حرب شرسة فالمفروض أن يكون إعلامنا متناغم مع هذه الحالة فنسمع انفجارات ولا نعْرف عنها شيْ وقد قيل بأن أكثر من مائة قذيفة أو صاروخ سقطت في يوم خاطب القسم لسيد البلاد وسقط منها عدة صواريخ في الشعلان ذهب ضحيتها عدد من المارة وتدمرت بعض المحلات التجارية وبعض السيارات. إنني أرى ضرورة أن يبين الإعلام كل اعتداء صغيراً كان أم كبيراً فالموطن يرتاح أكثر بالمعرفة وليس بالتقاط الأخبار عن طريق الفيسبوك أو التوتير أو من تناقل الأخبار بين الناس ويهمنا جمعياً أن نسمع أقرب الوصف للأوضاع في كل شارع أو قرية وما هي أوضاع مساكن عدرة العمالية وما هو الوضع في حرستا ودوما وفي داريا والحجر الأسود ومخيم اليرموك وصولاً إلى ريف اللاذقية وريف إدلب وحلب ودير الزور والحسكة وإلى الرقة وكل منطقة ساخنة. ويقول البعض بأنه يرى إن ممارسة الإعلام لدوره ومتابعة الفضائيات والأرضيات والصحف السورية لبرامجها المعتادة يوحى بثقة أكبر من المارشات العسكرية. من عندي أقول بأنني مع الفريق الأول فلم نتكلم عن مارشات عسكرية وإنما عن أخبار المعارك. ـــ إن الأزمة في الكهرباء ليست من مسؤوليات وزارة الكهرباء ووزيرها وهي تعود إلى التخريب الذي تمارسه عصابات القتل والإجرام من التكفيريين ولكن نضع المسؤولية على وزارة الكهرباء ووزيرها بسبب عدم وجود برامج تقنين معْلنة وعدم وجود عدالة في التوزيع وهي من الأمور البسيطة القابلة للتنفيذ الفوري. ـــ لقد أدى رفع أسعار حوامل الطاقة إلى رفع أسعار جميع المنتجات وخاصة الزراعية منها وهذا بدوره أثر على حياة التقشُّف التي يعيشها المواطن. ونقول لقد رفضت الحكومة أن ترفع سيارات وباصات السفر أجور السفر خلال فترة العيد ولكنها رفعت أسعار المواد التموينية وأن متأكد بأن قرارها حبر على ورق ولن يرى النور. الحكومة من كيسها ما تدفع بس تجبي من المواطن وهذا مسموح لها وتفْشل في مراقبة جباية المواطنين من بعضهم البعض على شكل رفع الأسعار!. ـــ في الفترة الأخيرة رفعت الحكومة أسعار استهلاك المياه والكهرباء بما يشكِّل عبأً إضافياً على كاهل المواطن حتى ولو لم تنال الشرائح الدنيا من المستهلكين، فقد تناست الحكومة ترابط الأسعار فيما بينها بسلسلة هندسية فمن سيدفع زيادة في فاتورة الكهرباء سيعْمد إلى تقاضي الزيادة من المواطن من أعماله في التجارة والصناعة أو بيع منتجاته حتى تصل إلى صاحب أصغر دكان في أي حيٍّ شعبي. ـــ استمرت الحكومة على لسان رئيس مجلس الوزراء ووزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك على التغني بثبات سعر ربطة الخبز ويمكن التأكيد بأن لسان رئيس مجلس الوزراء انبرى وهو يقول بأن رفع سعر الخبز خط أحمر وانبخشت طبلات آذان المواطنين من كثرة ما تغنى رئيس مجلس الوزراء بخطه الأحمر كما وتغنى المحللون سياسيون واقتصاديون بهذه الاسطوانة حتى فاجأتنا الحكومة برفع ربطة الخبز من 15 ليرة سورية وفوراً ومن دون مقدمات إلى خمسة وعشرين ليرة سورية للربطة الواحدة (لم أقتنع بالتبريرات التي سببت رفع سعر الخبز ولا داعى للتفصيل فيها) وتبعها رفع سعر السكر والرز بالبطاقة التموينية وبنسبٍ عالية وهذا يُشكِّل عبئاً إضافياً على أصحاب الدخل المتوسط وقبله أصحاب الدخل المحدود. العاملين في الدولة انتظروا رفع أجورهم قبل العيد ونقول بالوعد يا كمون. ـــ كلما صرحت الحكومة بأنها لن ترْفع سعر أي مادة نشْعر بأن زيادة الأسعار قريبة. ـــ آخر تقليعات الحكومة التوجيه بدفع رواتب العاملين في الدولة مساء يوم الثلاثاء بتاريخ في 23 تموز وهي تعلم ما يعانيه المواطنون عند الصرافات لقبض رواتبهم وخاصة أن العطلة تبدأ بعد يومين فقط من قرار الحكومة الرشيدة فالعطلة الفعلية تبدأ بعد ظهر 25 تموز وكما هو معروف لم تتمكن الإدارات من تحويل رواتب العاملين إلا مساء يوم 24 تموز فقط وهناك عدد كبير من العاملين يرغب بالسفر إلى بلداتهم. وإن قرار المصرف العقاري تمديد فترة دفع الرواتب حتى الساعة العاشرة من مساء يوم 23 تموز وحتى 27 منه من صرافات الإدارة العامة فقط لن يستفيد منه إلا القاطنين بدمشق وريفها بينما حُرِم منه العاملون في باقي محافظات الوطن. عفارم يا حكومتنا في أواخر أيامك. يعني إذا سافر المواطن قبل قبض راتبه إلى بلدته فلن يجد صرافاً يعمل فيها. أرشديه يا حكومتنا الرشيدة شو بدوا يعمل هيك عامل!. ـــ لقد تميزت هذه الحكومة بكثْرة التصريحات وندْرة الأفعال حتى أصبح ينطبق عليها القول: أسمع أقوالك اتعجب أشوف أفعالك استعجب وهذا ليس في مصلحة هذه الحكومة أو أي حكومة قادمة. لن استمر في التذكير بباقى الوزارات في السياحة أو الصناعة أو الأشغال العامة أو الإدارة المحلية أو الاقتصاد...إلى آخر وزارة. وحتى نعود إلى الحكومة الجديدة يجب التأكيد على ما يلي: ـــ إن الشعب في سورية بكل فئاته وبغض النظر عن العمر والجنس والدين والمذهب ومن دون تفْريق بين مدينة وأخرى كان جباراً بصموده وتضحياته وحبه لوطنه وكان تعبيره الصغير مشاركته الواسعة في يوم انتخاب رئيس البلاد رغم كل التهديدات ورغم نزف الجروح. وهذا الشعب الجبار والعظيم بحاجة إلى حكومة على مستواه من القوة والصدق وهذا ليس من الأمور المستحيلة. ولا يهم المواطن لو كان جميع الوزراء من مدينة واحدة أو من مذهبٍ واحد أو من الشباب أو من الكهول أو من النساء فالمهم أن تكون الوزارة على قدر تحمُّل المسؤوليات الجسام التي تواجها كحكومة الجديدة. ـــ إن الاختيار ليس سهلاً لأن الصفوف الأمامية على مسْرح الحياة السياسية قد احتلها المستوزرون. لقد علمتنا الخبرة من الماضي بأن الاختيار يكون بطول خطاب المديح وليس بجدارة الإنسان. أتمنى أن نبتعد عن المداحين القابعين في الصفوف الأولى وهم يدللون عن أنفسهم ويقولوا نحن هنا. ـــ ومنعاً من الاسترسال فلو كُلِفت شخصياً (لا سمح الله) بتشكيل حكومة رجال لما تمكنت ولفشلت فشلاً ذريعاً لأننا لا نملك بنك معلومات عن الناجحين من المواطنين وإنني على يقين بأن كل مواطن فينا يعْرف قدره وإمكانيته عندما يتغزَّل بنفسه أما مرآة الحياة حتى ولو كان مغروراً ومع ذلك يعرض البعض بضاعته رغم معرفته بأنها فاسدة. إن بناء بنك معلومات يحتاج إلى سنوات تقوم على بنائه مجموعة من الخبراء ولكن المهم البدء به. ـــ نتغنَّى دائما بوضع الرجل المناسب في المكان المناسب ولكن أين هو الرجل المناسب الذي سيختار أولئك الرجال المناسبين لأماكنهم المناسبة؟. إذا كان واحد منا بيعرف أحدهم فليدلنا عليه وله الشكر الجزيل. ـــ يتواجد بين أبناء الوطن فحولة قادرون على تحمُّل المسؤولية ويجب التفتيش عنهم في الليل والنهار وأهم من كل ذلك أن لا يعْرض أي مسؤول أسماً لتوزيره بذاتية غير صحيحة ولا يُعتمد على أقواله بل على أفعاله. ـــ إن الوطن بحاجة لرجاله الأشداء لتولي المسؤولية وهؤلاء ليسوا من البضاعة المعروض في سوق المتاجرة بالألفاظ والكلمات المنمقة فهم ليسوا من بين المشاركين في سوق عكاظ للشعر ولا لفن الخطاب والمعلقات. ـــ من الطبيعي أن أتفاءل ومن الطبيعي أن أتشاءم ولكن المهم أن تنجح الحكومة القادمة فعلى سبيل المثال تشكَّلت قيادة قطرية جديدة وأعرف بعض أعضائها ولديَّ رأي فيها أتركه لنفسي من واقع الاحترام والتقدير لرأس القيادة. كنت أتمنى أن يكون جميع أعضاء القيادة قادرين على مساعدة قائدها ولكن وجود الرأس القوي يساعد على زيادة قدرات تلك القيادة ولهذا فإنني أريد أولاً رأساً قوياً للحكومة يساعده فريق عملٍ متماسك وقادر على اجتراء الحلول والإبداع فيها وقيادة البلد في هذه الأزمة ولا تقوده الأزمة حتى لا تنهار قيمنا والله الموفق. تذكروا بأن الكلام من فضة يقابله السكوت من ذهب. العمل سر النجاح وطريق الفشل في كثرة الكلام. شعب جبار قادر أن يستولد حكومة قادة.

syriadailynews


التعليقات