سيرياد يلي نيوز - خاص
بقدر ما كان الدمشقيون محبين للحياة بقدر ما عانت سورية  من العنف من أعمال العصابات الإرهابية المسلحة  ولكن السوريون على رغم صعوبة ظروفهم كانوا دوماً قادرين على تجاوز محنهم، سيتجاوزون نكبتهم وسيعيدون لسورية وجهها الحقيقي، مهما كان الضيق جاثماً على صدر أبنائها اليوم، فسورية أبقى من كل مستبد، والتاريخ يثبت حب الشوام الدنيا، وقدرتهم على التجاوز.
نحاول هنا أن نطل على دمشق في نافذة الاحتفال والفرح الذي ظل لغة جماعية تقوم على المشاركة الوجدانية والفعلية، وأخذت مظاهره تقدم تعبيراً جماعياً آنياً يتم من خلال الفعل الجمعي الذي يحمل في جوهره معاني تضامنية بين أفراد المجتمع، فالعادات والتقاليد ليس من الممكن أن تلغى أو تمسح كلمحة بصر ولكن الظروف الاستثنائية حولت الأعراس تعتمد على القليل من الأهل والأحبة وبعيداً عن الضجيج وأبواق السيارات بأصواتها العالية وباقات الورود الضخمة، فتغير الوضع الأمني في سورية أبعد حفلات السمر وساعات السهر لمنتصف الليل واقتصرت الأعراس  على ساعات محدودة جداً، وأحياناً تكون تلك الحفلات الصغيرة عند أهل أحد الزوجين وغالباً في وضح النهار خوفاً من الأوضاع الأمنية وتجنباً للتنقل في الظلام والعتمة .
سمر26 عاماً تقول بأنها تشعر بالحزن لأنها  لن تقيم حفلة زفاف كما حلمت دائماً, لا أستطيع أن أحجز صالة لأقيم عرسي بها لعدم وجود صالات أعراس في المكان الذي أقطنه، أغلب صالات الأعراس اليوم في حينا أصبحت ملاجئ تحمي السكان من قذائف الهاون، لذلك ستقتصر حفلة زفافي على ساعتين من الفرح أقيمهما في المنزل .
تضيف : بما أن حفلة زفافي ستقام في منزل والدي ليس من الضروري أن ألبس الفستان الأبيض ولكني مضطرة لهذا لرمزية هذا الفستان ولأخذ الصور التذكارية في هذا اليوم المميز فقط لا أكثر.
شعيب 35 عاماً : قرر الزواج بعيداً عن والديه لعدم قدرت والديه  حضور حفلة الزفاف بسبب خطورة الطريق من إدلب الى دمشق، مضيفاً : فرحتي ستكون بعيدة عن ناظري أهلي ولكنهما باركا لي هذه الخطوة باتصال هاتفي , إنه أمر مزعج حقاً أن لا أرى أمي في يوم فرحتي.
 وإن كانت مظاهر الترف هي جزء من الوضع الاجتماعي و"البريستيج" الذي يتمتع به المرء، فالحال تغير في سورية بعدما تعرض الكثيرون للإفلاس وتراجعت أحوالهم المعيشية وربما كانت هذه الظروف باب فرج بالنسبة  للآخرين ساعدهم انخفاض المهور وتراجع الحفلات للإقدام على هذه الخطوة .
عدي 36 عاما يقول إنه لن يصرف أموالاً كثيرة في ترتيب حفلة الزفاف علماً أن لديه القدرة على ذلك و قررت مع خطيبتي أن نستثمر مصاريف تلك الحفلة باستئجار منزل في مكان جيد .
من جهة ثانية فأن العاملون في مجال إقامة الحفلات والأعراس من مصورين وباعة زهور وأصحاب صالات كان لهم نصيب من الخسارة وتراجع الأرباح .

ويؤكد هؤلاء أن ارتفاع الأسعار الذي شمل كل شيء لم يشمل أتعابهم باعتبار أن البعض ينظر إلى عملهم باعتباره من الكماليات والوضع الاقتصادي اليوم بحال سيئ جداً وقد تراجع أكثر من 75 %.

 من يمشي في دمشق ليلاً قد لا يصادف سيارات عرس أو لا يسمع أبواق سيارات تعبيراً عن  فرح،  أو موسيقى صاخبة لأن سكان هذه المدينة فضلوا النوم باكراً والابتعاد عن مظاهر الفرح احتراماً لمشاعر المنكوبين ولكنهم بقوا مصرين على الحياة والبقاء والحب والزواج حتى في ظلام الحرب .

 

سيرياديلي نيوز


التعليقات