أكد وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك سمير قاضي أمين عدم وجود أي دراسة تمت في اللجنة الاقتصادية أو بناء على تكليف من رئاسة الحكومة أو حتى كدراسة في وزارة التجارة الداخلية لرفع أسعار مادة المازوت أو أسطوانة الغاز المنزلي.

 

وأوضح امين أن القوانين الاقتصادية التي كانت تحكم السوق قبل الأزمة الحالية التي تمر بها سورية لم تعد مجدية في ظل هذه الظروف، ولذلك رأت الحكومة ضرورة التعامل بقوانين أخرى قائمة على السيطرة على الأسعار من خلال إعادة تسعير مختلف أنواع المواد والسلع سواء من حيث إنتاجها أو استيرادها.

 

وأشار الوزير في لقاء مع صحيفة "الوطن" إلى صدور العديد من القرارات التي تتعلق بمختلف أنواع السلع والمواد وتشكل حاجات المواطن اليومية والأساسية، لافتاً إلى أنه بعد البدء بتنفيذ هذه السياسة التسعيرية الجديدة جاء دور الرقابة التموينية للعمل على مراقبة تطبيق هذه القرارات وتنفيذها في الأسواق «الأمر الذي احتاج فترة من الزمن، إذ لم يكن من السهل إعادة حصر وتسعير مختلف هذه المواد البالغ عددها بالآلاف».

 

وبيّن قاضي أمين أن سياسة التسعير مجدداً كشفت جدواها الإيجابية وذلك مع استقرار أسعار الصرف لفترة طويلة، فأصبحنا نحاسب على هذا الأساس، وبناءً على تكاليف الاستيراد، أما من استورد على أساس سعر صرف مرتفع للدولار فقد قمنا أيضاً باحتسابها له إلى جانب جميع التكاليف الإضافية مع تحديد هامش ربح عادل.

 

ونوّه وزير التجارة الداخلية بمتابعة الأسواق على مستوى الوزارة ومديريات التجارة الداخلية من خلال الدوريات والجولات التموينية، «وهو بالفعل ما كان ينقصنا كسياسة حازمة لمحاسبة المحتكرين أو المخالفين في التسعيرة أو المواصفات مع المراقبة المستمرة لهم، وقد ثبت لدينا التزام الأغلبية العظمى من باعة المفرق والمحال والمولات بوضع التسعيرة الصحيحة للسلعة».

 

وتحدث قاضي أمين عن متابعة أسعار الأطعمة والأغذية الشعبية بهدف ضبطها «لأن الغاية النهائية من كل هذه الإجراءات هو المواطن».

 

وأكد الوزير أن عمل الدوريات التموينية كشف عن وجود أزمة أخلاق حقيقية عند بعض الباعة وهي ما نعتبرها أزمة أشد من أن تكون مجرد أزمة غلاء أو سلع ومواد تموينية لأن الكثيرين منهم استغلوا الظروف التي نمر بها لتحقيق مصالحهم بشكل غير إنساني على حساب الآخرين.

 

ولم ينف الوزير أن الضعف النسبي في القوة الشرائية لليرة السورية كان له الأثر الكبير في الأسعار، مؤكداً أن العديد من السلع المستوردة والمتداولة في الأسواق قد يكون سعرها أرخص من سعرها قبل الأزمة قياساً بأسعار الصرف الحالية للاستيراد ومقارنتها بأسعار الصرف قبل الأزمة.

 

وقال: نحتاج إلى تعاون من المواطن للوصول إلى إرضائه، ونعوّل على انتهاء الأزمة قريباً للوصول إلى ارتياح أكثر في عمل المستوردين لتوريد السلع إلى البلد بسهولة مطلقة ما سيخلق تنافساً أكبر لمصلحة المواطن في نهاية الأمر.

 

وطالب قاضي أمين بأن تتحمل الإدارة المحلية في المحافظات مسؤولياتها عن الأسواق موضحاً أن هذا الأمر يشكل معاناة وضغطاً كبيراً على وزارة التجارة الداخلية خصوصاً وأن قانون الإدارة المحلية الجديد أعطى للإدارة في المحافظات حصة كبيرة من هذه المسؤولية، ومن صلاحياتها توجيه مديريات حماية المستهلك في التجارة الداخلية لكل محافظة، مشيراً إلى تأخر إنجاز بعض الدراسات السعرية التي تطلب الوزارة إنجازها، علماً أن مديريات حماية المستهلك في المحافظات مفوضة بإصدار قرارات التسعير من قبل المكاتب التنفيذية في المحافظات، وأن هذا التأخير في الدراسة ينعكس سلباً على مصلحة المواطن، وهنا نحث المكاتب التنفيذية في المحافظات على التعاون بشكل أكبر مع مديريات حماية المستهلك لإصدار التسعيرة ضماناً لراحة ومصلحة المواطن، «فالتأخر بإصدارها بالتزامن مع التغير بالتكاليف يؤدي إلى عدم جدوى الدراسة، ونعتبر أن إصدار تسعيرة جديدة للمادة مرة كل شهر أمر جيد ومقبول في هذه الظروف».

 

وفي السابق كنا نعيب على أجهزة الرقابة التموينية التسيب وعدم الكفاءة والنزاهة في أداء عملهم، ولكن لا يمكن إنكار وجود سيئين وجيدين في الوقت نفسه في مختلف الشرائح الوظيفية، ليكون هدفنا حالياً هو حث كل نزيه على أن يكون أكثر نزاهة واستنهاض من هو غير نزيه والتواصل معه وإشعاره بأن هناك من يتلقف عمله النزيه ويقدره له ويشكره... وبالتأكيد نحن بحاجة إلى مساعدة المواطن لتحديد نزاهة وكفاءة الأجهزة التموينية ووضع اليد على المشكلة التي نعاني منها.

 

وحول المعاناة التي أطلقها رئيس اتحاد غرف التجارة السورية غسان قلاع مؤخراً حول المبالغ التي يتقاضاها بعض المراقبين التموينيين (10 آلاف ليرة سورية) من بعض التجار والباعة في الأسواق، أكد الوزير قاضي أمين أن هذا الكلام وفي حال لم يكن مؤيداً بإثباتات فإنه مردود، مشيراً إلى تأكيد الوزارة خلال اجتماع لها مع غرفة تجارة دمشق أن تعليمات الوزارة لعناصر الرقابة التموينية تؤكد عدم خروج أي مراقب تمويني إلا بمهمة رسمية مع البطاقة الشخصية، وأن من واجب المراقب الدخول إلى عند البائع والتاجر بكل احترام ولباقة قبل مطالبته بتبرير أي مخالفة عنده، بهدف تسطير المخالفة عند البائع والتاجر إن وجدت.

 

ولفت إلى مطالبة الوزارة لغرفة تجارة دمشق لإطلاعها على اسم الفاسد الذي قام بهذا الأمر لاتخاذ كل الإجراءات القانونية بحقه بعد إثبات ذلك.

 

وكشف الوزير عن إرسال كتاب إلى غرفة التجارة طالبت فيه موافاتها بأسماء التجار الذين تعرضوا لهذا الاستغلال، والطلب إلى التاجر التعريف باسم المراقب الذي ارتكب بحقه هذا الأمر مع استعداد الوزارة لحماية هذا التاجر من احتمال أن يتم الانتقام منه.

 

وقال: لم نتلق إجابات واضحة من تجارة دمشق حول هذا الأمر، ولكننا على استعداد تام للتعامل مع أي مخل بالأمانة والمسؤولية التي وضعت على عاتقه، فنحن نحتاج إلى تعاون من المواطن مع الدولة ودون ذلك لا يمكن الإمساك بالتاجر أو المراقب الفاسد.

 

وبيّن الوزير الاستعداد لوضع هامش معقول جداً للربح، ومثال ذلك نسبة ربح تصل إلى 50% من السعر (الألبسة مثالاً)، 25% للتاجر المصنع، و25% لبائع المفرق «وهو ما نعتبره أمراً جيداً لجميع الأطراف».

 

وأضاف: طلبنا من التجار وضع التكاليف الإضافية في هذه الظروف الاستثنائية بناء على اعتماد غرفة التجارة لها، ونحن مستعدون لضمها إلى التكاليف الإضافية بمعرفة وموافقة وتصديق غرفة التجارة التي يتبع لها التاجر، ومع صدور القانون سيعرف الجميع أننا راعينا حقوق جميع الأطراف فيه وفيه حماية للجميع، بعد أن كان هناك غلاء مبرر ولكن هناك أيضاً غلاء غير مبرر.

 

وحول المواد التموينية المقننة وتوافرها أكد قاضي أمين أننا مررنا بظروف صعبة في هذا الجانب وحالياً نعمل على تمديد صلاحية القسائم التموينية لأننا لا نريد أن يخسر المواطن أي كمية من مخصصاته التموينية مهما كانت قليلة أو كبيرة وذلك مع وصول كميات جديدة من المواد المقننة تباعاً.

 

وفي فترة سابقة وجدنا أن بعض مؤسسات التدخل الإيجابي تبيع كميات من مواد السكر أو الرز الحر إلى التجار عن طريق الجملة، ووجدنا أن هذا الأمر غير مناسب في الوقت الذي مرت فترة شح بهذه المواد، فرفعنا كتاباً إلى اللجنة الاقتصادية بهذا الخصوص وتم إيقاف هذا البيع بالجملة وتحويل هذه الكميات الإستراتيجية من الحر لبيعها كمقنن وتمت الموافقة على ذلك.

 

وإحدى هذه الكميات كانت 300 ألف طن من المواد المعدة للبيع الحر في المؤسسة الاستهلاكية إذ تم بيعها كمواد مقننة فوراً بعد موافقة اللجنة الاقتصادية على ذلك، واليوم هناك باخرتان متوقفتان في المرفأ تحمل الأولى 30 ألف طن والثانية 33 ألف طن من المواد التي ستباع جميعها كمواد مقننة.

 

كما أبرمنا عقداً لاستيراد كميات ضخمة من مادة الرز عبر الخط الائتماني الإيراني، ولذلك نؤكد أن المواطن لن يخسر غراماً واحداً من مخصصات مواده المقننة.

 

وحول قانون التموين والجودة المتوقع صدوره قال قاضي أمين: «كان القانون قيد الصدور بعد أن قمنا بإحضار مختلف الفعاليات الاقتصادية ذات العلاقة لحضور الاجتماعات والنقاشات حوله ودخلت بعض الوزارات على خط النقاش، وقد اعترى بعض مواد هذا القانون اعتراضات من بعض التجار بعضها كانوا محقين فيها وأعدنا دراستها من جديد ولكنهم كانوا أيضاً غير محقين في نقاط أخرى، حيث كانوا يهدفون من خلالها إلى حماية أنفسهم من سلطة الدولة ومن العقوبات الرادعة للمخالفات، ومع ذلك تعاملنا معهم بكامل الأريحية وطلبنا منهم تعليقات موضوعية لا تضر بهم ولا بغيرهم، وقد وصفوا بعض مواد القانون بأنها تخالف الدستور «وكان هذا الكلام غير صحيح».

 

كما رأت وزارة العدل ضرورة الخروج بشكل دستوري وملائم وموافق للوضع الحالي ولا يتعارض مع القوانين الأخرى، وأكدت لنا العدل أنها تأخذ رأي التجار وقريباً ستنتهي من العمل عليه، «ونؤكد أن هذا الأمر هو حق للتجار».

التعليقات