قالت مذكرة حكومية بأن نظام الدعم المطبق حالياً غير عادل وغير متوازن نظراً لكبر حجمه وانخفاض مستوى عدالة التوزيع ومستوى الكفاءة المحققة في استخدامات حوامل الطاقة بكل أنواعها، الأمر الذي أحدث تشويهاً في نظام الأسعار وخلق حالة من الفوضى.

هذا الكلام في "مذكرة"، نشرتها صحيفة " الوطن" المحلية، تقدمت بها هيئة التخطيط والتعاون الدولي إلى رئاسة مجلس الوزراء، شارك في إعدادها كل من وزارة النفط والمالية والزراعة والكهرباء والاقتصاد والشؤون الاجتماعية والعمل.

وأوضحت المذكرة أن معالجة مسألة الدعم أو إعادة توزيعه يجب أن تنطلق من رؤية شمولية واضحة مبنية على أسس اقتصادية واجتماعية سليمة تأخذ باعتبارها الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي لأهمية ربط الدعم بالأهداف الاقتصادية والاجتماعية بحيث يكون توجيه الدعم للشرائح الأقل دخلاً والقطاعات الإنتاجية الواعدة والعمل على محاربة الهدر أياً كان شكله أو مصدره.

وقدّرت المذكرة حجم الدعم المقدم بمختلف أنواعه بمبلغ 386 مليار ليرة سورية أي ما يعادل 29% من حجم الموازنة لعام 2012 ويفوق بقليل حجم الإنفاق الاستثماري المقدر بـ28% في موازنة عام 2012 أي ما يقارب 13% من حجم الناتج المحلي الإجمالي المقدر لعام 2012.

وأوضحت المذكرة كيفية توزيع الدعم المقدر في الموازنة العامة للدولة لعام 2012 والذي خصص ما قيمته 154 مليار ليرة للكهرباء أي بنسبة 39.9 من الناتج الإجمالي و135 ملياراً للمشتقات النفطية أي بنسبة 35% من الناتج بينما خصصت الحكومة ما قيمته 72 ملياراً للدعم التمويني أي بنسبة 18.7% من الناتج الإجمالي أما صندوق المعونة الاجتماعية فقد قدر الدعم المخصص له بحدود 15 مليار ليرة أي بنسبة إجمالية 3.9% و10 مليارات ليرة خصصت لصندوق دعم الإنتاج الزراعي.

75% من الدعم إلى حوامل الطاقة

وأشارت المذكرة إلى أن البيانات المذكورة تؤكد أن 75% من حجم الدعم يتجه إلى حوامل الطاقة (الكهرباء والمشتقات النفطية) الأمر الذي يدعو للتساؤل حول مستوى الكفاءة في استهلاك حوامل الطاقة ومن ثم القيمة المضافة المحققة نتيجة تحمل أعباء هذا الدعم من جهة وإلى مستوى العدالة المحقق من تقديمه من جهة ثانية.

وقد تضمنت المذكرة مقترحات تقدمت بها الجهات المعنية تنصب في مجملها حول ضرورة التخفيض التدريجي لدعم حوامل الطاقة عن طريق تحديد السعر المرجعي لكل من حوامل الطاقة المختلفة ولذلك فإن التخفيض التدريجي للدعم يقتضي تحديد السعر المستهدف (أي السعر المرجعي) إضافة إلى ضرورة تحديد المدى الزمني وتاريخ التخفيض ومقداره.

وأوضحت المذكرة أن تحديد السعر المرجعي وحسب رأي وزارة النفط يقضي بجعل سعر مبيع المشتقات النفطية السائدة في لبنان سعراً مرجعياً، أما فيما يخص سعر الكهرباء فقد اقترحت الوزارة أن يتم تحديده وفق تكلفة الإنتاج آخذين بالحسبان الزيادات المقترحة في سعر المدخلات من الفيول والغاز.

150 ملياراً للمرحلة الأولى

و أوضحت الدراسة أن ارتفاع سعر الغاز والبنزين الذي حدث مؤخراً قد تم إدراجه ضمن المقترح بهدف تحديد الوفر نهاية عام 2012 في المرحلة الأولى التي من المقرر البدء بها في بداية الشهر القادم، على أن يكون سعر ليتر المازوت 20 ل.س و50 ل.س سعر ليتر البنزين و500 ل.س سعر إسطوانة الغاز المنرلي و 20 ألف ل.س سعر طن الفيول و3 ل.س وسطياً سعر (ك و س) من الكهرباء.

وأكدت المذكرة أن جميع قطاعات الاقتصاد الوطني سوف تتأثر سلباً في ارتفاع كلف الإنتاج وبالتالي في القيمة المضافة باستثناء الكهرباء وتحديداً المواد التي تم تحريك أسعارها كالبنزين والغاز المنزلي والمازوت والفيول، كما أن المقترح المذكور سيتم تقدير آثاره على المستوى الكلي فيما يخص تحريك الأسعار على كل من الصادرات والاستثمارات والاستهلاك الحكومي والخاص أي إن مكونات الناتج المحلي الإجمالي الذي بلغ 2792 مليار ليرة تتم حسب الاتفاق بالأسعار الجارية باستثناء الواردات للعام الماضي.

فالصادرات شكلت بحدود 912 مليار ليرة والاستثمارات 580 مليار ليرة أما الاستهلاك الحكومي فقد بلغ 346 مليار ليرة على حين بلغ الاستهلاك الخاص نحو 60.6% من نسبة مساهمته في الناتج الإجمالي.

رفع سعر المازوت زاد التكاليف 24 مليار ليرة

وزارة الزراعة أوضحت ضمن المذكرة أن التكاليف المباشرة المقدرة لرفع سعر مادة المازوت على كلفة الإنتاج في هذا القطاع تبلغ أكثر من 14 مليار ليرة وفق المدخلات والمخرجات وتقدر هذه الكلفة بـ4.3% من القيمة المضافة في القطاع الزراعي أي نحو 24 مليار ليرة تتضمن التكاليف المباشرة وغير المباشرة.

كما أن تحديد الآثار المباشرة قد جاء نتيجة رفع سعر مادة المازوت على قطاع النقل من مديرية الأسعار في وزارة الاقتصاد وحددت الكلفة الوسطية بما يعادل 10% تقريباً كمتوسط بينما تبلغ الكلفة المقدرة وحسب المدخلات والمخرجات نحو 27% تقريباً من القيمة المضافة في قطاع النقل أي نحو 15 مليار ليرة.

الأمر ذاته ينطبق على القطاعات الأخرى باستثناء الكهرباء والمشتقات النفطية ليصل بذلك حجم الأثر المقدر الإجمالي الصافي إلى نحو 2.45% من القيمة المضافة أي ما يقرب من 70 مليار ليرة انخفاضاً في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية.

أما تأثير ذلك في إنفاق الأسرة فقد أوضحت المذكرة أن ذلك يؤثر في ارتفاع الرقم القياسي للأسعار أي ما يعادل 6.15% وهذا يعني أن هناك خسارة في مستوى رفاهية كل أسرة وفقاً لمستوى إنفاقها وتشكيلة السلة السلعية الخاصة بها.

وأشارت المذكرة إلى أن هذه الزيادة تأتي في الرقم القياسي لأسعار المستهلك بشكل رئيسي بنحو 92.4% في الزيادة الكلية المقدرة من الزيادة في أسعار المنتجات بما فيها الغاز بحدود 25.8% والمازوت 18% والكهرباء 14% والزراعة 12% والنقل 10% والصناعات النسيجية والملابس 5.7% أما الصناعات الكيميائية فالزيادة المقدرة بنحو 3.4% أما البنزين فبنحو 2.8% وبناء عليه تم تقدير الأثر على مستوى الرفاهية من خلال تقدير الزيادة في إنفاق الأسرة ضمن مختلف الشرائح نتيجة زيادة أسعار معظم المواد.

خطة أولية لمعالجة الأسعار

وأوضحت المذكرة أن إجمالي الأثر على الأسرة الأقل إنفاقاً قد بلغ 11 ألف ليرة سورية ويرتفع إلى ما يقارب 48 ألف ليرة سنوياً الأكثر إنفاقاً، وذلك في حال حافظت هذه الأسر على الكمية نفسها من السلع على الخدمات المستهلكة.

وبناء على ذلك تم اقتراح خطة أولية لمعالجة أسعار حوامل الطاقة تتم على مراحل أولها أن يتم تخصيص ما قيمة 20 مليار ليرة لصندوق دعم الإنتاج الزراعي و5 مليارات ليرة لصندوق تنمية الصادرات و5 مليارات ليرة أيضاً لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة و15 مليار ليرة لشراء باصات نقل تعمل على الغاز إضافة إلى 15 مليار ليرة توزع على دراسة لإصدار تعرفة وفق مقترح الأسعار الجديدة والاستمرار في تقديم مادة المازوت للمخابز وفق الطريقة المتبعة حالياً مع إعداد قاعدة خاصة للبيانات مع تحديد الحد الأدنى للأجور ، و30 مليار ليرة لتحديد أسس منح تعويضات الانتقال مع وضع أسس للتخلص من السيارات المخصصة أو الحد منها.

مليارا ليرة لتشغيل الشباب

وخصصت الخطة نحو ملياري ليرة لمشروع تشغيل الشباب الخريجين، قسم منها يخصص لإنشاء صندوق التأمين ضد التعطل عن العمل.

كما اقترح مبلغ 24 مليار ليرة لإعداد دراسة يتم من خلالها تحديد الزيادة في الأجور بما يتناسب مع ارتفاع كلفة المعيشة الناتجة عن العملية، للعاملين في الدولة والمتقاعدين والبالغ 116 مليار ليرة سورية وأكدت المذكرة أن توفير هذا المبلغ يرتبط بتوافر السيولة لدى وزارة المالية.

إن المرحلة الثانية للدعم تتطلب استخدام مخرجات المرحلة الأولى وخاصة قواعد البيانات التي سيتم إعدادها خلال المرحلة الأولى لتقييم تلك المرحلة من حيث النتائج والمبالغ المصروفة.

وأشارت المذكرة إلى أنه يجري خلال هذه المرحلة دراسة عملية الانتقال ضمن مبادرة الحكومة الإلكترونية لجعل مجمل عملية الدعم التي تتم في إطار إلكتروني.

وأوضحت المذكرة أن المقترح المذكور يعطي إمكانية كبيرة لاستخدام الوفر الناتج عن العملية خلال مراحلها المختلفة لأغراض التنمية وذلك بدعم القطاعات الخدمية الصحية والتعليمية وغيرها حيث سيكون الوفر بحدود 1128 مليار ليرة بينما يوزع نحو 484 مليار ليرة بطريقة أكثر كفاءة وعدالة ويمكن تحقيق مبالغ صافية بعد التوزيع قد تصل إلى 544 مليار ليرة كوفر صاف يمكن استخدامه لدعم الإنفاق العام.

سيريا ديلي نيوز

التعليقات