سيرياديلي نيوز  – خاص

لم يعد أحد من خارج إطار الجهات المسؤولة يستطيع بحديثه عن الأسعار وارتفاعها غير المبرر في الأسواق السورية أن يقدم الشيء الكثير، فمحاولات من هذا النوع الآن لا تتعدى كونها عملية رصد لتحرك هذه الأسعار فقط، فالارتفاع الجنونـي للأسعار طال كل المواد الموجودة في السوق، وخاصة المواد الغذائية والخضار والفواكه التي تدخل ضمن السلة الغذائية اليومية للمواطن، بالإضافة إلى سلسلة من المواد غير الغذائية، ليس آخرها المشروبات الغازية والروحية والسجائر.

والرصد الدقيق لحركة الأسعار بيين دون شك ارتفاعها بما لا يقل عن 50% وسطياً، كما أن بعض المواد وصلت نسبة ارتفاع أسعارها إلى 100% خلال فترات زمنية قصيرة، دون أن يكون للحكومة أي دور سوى بالحديث عن ضرورة ضبط الأسعار، وعن دوريات وزارة الاقتصاد المكثفة والمتكررة، ولكن دون نتيجة فعلية قادرة على تحقيق استقرار الأسعار بالحد الأدنى .‏

‏ بالدرجة الأولى المواطن ...

 يقول أحمد سيف" لسيرياديلي نيوز " إن ارتفاع سعر الدولار مقابل الليرة سورية أثر بشكل كبير على المواطن بالدرجة الأولى فالارتفاع الملحوظ في  أسعار الفروج المذبوح والمنظف حيث وصل سعر الكغ إلى 560ليرة سورية  كما أن سعر طبق البيض وصل إلى 750 ليرة سورية رغم أننا بلد منتج للدجاج والبيض ،أما بالنسبة للخضار والفواكه فهي ليست أفضل حال من السلع الضرورية الآخرى فما زال ‏‏الفارق كبيراً في أسعار مبيع الخضار والفواكه بين أسواق الجملة ومحلات بيع المفرق في المدينة الواحدة ويشير الفارق الكبير في الأسعار إلى هوامش الربح الزهيدة التي يتقاضاها الفلاح إن لم يقع في الخسارة وفي الوقت نفسه إلى هوامش الربح الكبيرة جداً التي يتقاضاها باعة المفرق فأسعار البطاطا في الجملة لا تتجاوز الـ120 ليرة سورية بينما أسعارها في محلات بيع المفرق تزيد على 150ليرة سورية أما بالنسبة للبرتقال والكرمنتينا فإن أسعار المادتين في سوق الجملة تتراوح بين 60 - 75ليرة وتباع في البقاليات بـ 90 وإذا تم احتساب أجور نقل الحمضيات من مناطق الإنتاج الأساسية في الساحل فيمكن معرفة الثمن البخس الذي حصل عليه المزارع والذي لا يكاد يساوي جهده وتعبه خلال عام كامل، ويمكن القياس على باقي أسعار كل أنواع الخضار والفواكه المنتجة محلياً.‏

كما لوحظ هبوط في بعض أسعار الخضار فعلى سبيل المثال هبط سعر كغ الكوسا من 150  إلى 85 ليرة شأنه شأن الباذنجان الذي استقر حالياً على 100 ليرة للكغ الواحد ،كما لوحظ هبوط في أسعار البندورة من105ليرة في الربع الأخير من الشهر الماضي إلى 90 ليرة حالياً للكغ كذلك الأمر بالنسبة لسعر كغ الخيار حيث نزل سعره من 90 ليرة إلى60 ليرة‏،فيما حافظت الزهرة والملفوف والسبانخ على أسعارها وحالياً وصل سعر كغ الملفوف 50 ليرة والزهرة 125 ليرة والسبانخ 25 ليرة كما لوحظ هبوط في سعر ربطة البقدونس من 20 ليرة إلى 15 ليرة للربطة ..

المسئولين جزء من المشكلة الموجودة

ومن جهة ثانية تشير سعاد بركات "معلمة " إلى وجود عوامل كثيرة ساهمت في أزمة الأسعار المتواجدة حاليا،لعل أحد أهم هذه العوامل،هو انخفاض سعر صرف العملة الوطنية السورية (ليرة) أمام العملة الأمريكية (الدولار)،والذي يساهم بشكل كبير في زيادة الأسعار،إضافة إلى المسئولين الحكوميين الذين يسعون حاليا لإصدار القرارات للحد من ارتفاع الأسعار،دون أن يشعروا فهم جزء من المشكلة الموجودة حاليا،و ذلك من خلال التصريحات اليومية و المستمرة للحكومة السورية عن وجود حرب و وجود أزمات سوقية و سلعية، رغم  تأثرها بشكل غير مباشر في بعض الأحيان من خلال تحمل نفقات مضاعفة وخسائر فادحة والمثال على ذلك أنه عندما ارتفعت أسعار السكر لتتجاوز125ليرة سورية، في القطاع الخاص،قامت مؤسسات الحكومة الاستهلاكية، ببيع السكر بالسعر الحقيقي دون تحقيق أدنى ربح وتحملت نفقات استيراده بالمقابل حقق تجار السكر أرباحاً خيالية جراء الارتفاع المذهل لسعر السكر عالمياً

زيادة هامشية ليست كبيرة

وأشارالدكتور حسام الشبلي لسيرياديلي نيوز إلى أن زيادة سعر الدولار يؤثر سلبا علي فاتورة استيراد السلع الأمر الذي يتوقع أن يؤدي إلى ارتفاع أسعار البضائع في السوق وخاصة السلع المستوردة،كما أن بعض السلع غير المستوردة والتي تصنع محلياً يرتفع سعرها أيضاً كون المواد الخام لها تأتي من الخارج وتستورد بالدولار الأمريكي، يعني تكلفة مرتفعة وهذه التكلفة يتحملها التجار لكن العبرة في حجم التغير في سعر الصرف, والأمر يبقى في حدود زيادة التكلفة في السلع المستوردة وفي الغالب هذه الزيادة تعتبر زيادة هامشية ليست كبيرة كماأن سعر الصرف غير ثابت ومن الممكن أن ينخفض الدولار بشكل كبير في أي وقت،ولكن أغلب السلع ارتفع سعرها إلى الضعف وخاصة الشواحن الكهربائية المستخدمة في الإنارة حيث ارتفعت حوالي 200-300% بسبب زيادة الطلب عليها نتيجة النقص في الكهرباء وانقطاع التيار الناجم عن زيادة الاستجرار واستخدام الكهرباء لأغراض التدفئة الذي نجم أساساً عن أزمة المازوت إضافة للاعتداء على الشبكات والاستجرار غير المشروع من قبل البعض. ‏‏

فشل السياسة النقدية خلال الوقت الحالي

ويقول محسن القباقيبي إن هبوط الليرة السورية وتهاويها المفاجئ أمام الدولارأثر بشكل كبيروسلبي على الجميع، ونستطيع القول فشل السياسة النقدية خلال الوقت الحالي فتهاوت الليرة أمام الدولار ما انعكس سلباً على أسعار السلع الأساسية،إضافة لعدم وجود أسعار موحدة في الأسواق،لا لوائح تبين نشرة الأسعار المعتمدة،لا سبب واضح يشرح للمواطن الذي ليس لديه خبرة في الأسواق وراء ارتفاع الأسعار، السبب الوحيد المعلن من قبل الجهات المختصة أنّ الأزمة الأخيرة سببت ذلك، إضافة إلى جشع التجار في احتكار السلع والبضائع الضرورية، كماأننا نسمع من البعض الآخر أنّ الركود والكساد رفع الأسعار إلى مستوى كبير، رغم أنه ـ وفق تحليل خبراء الاقتصاد المحليين والعرب والعالمين ـ أن الكساد يجب أن يخفض الأسعاروليس العكس،لماذا لا يتم تحليل المشكلة والسعي إلى حلها، فلا أحد من المسولين يقول أنّ سياسات التصدير الخاطئة كانت وراء ارتفاع أسعار اللحوم في الأسواق،لذلك لابد من العمل على إيقاف تصديرالأغنام إلى الأسواق الخارجية التي سببت ارتفاع في سعر اللحمة وصل إلى ألف ليرة سورية للكيلو، إضافة إلى ضرورة ضبط عمليات تصدير المنتجات الزراعية إلى دول مجاورة ما يرفع سعرها في الداخل السوري، كما أنّ المسؤولين عن الأسواق لم يحسنوا في وضع سياسة واضحة لضبط آليات السوق وتركته تارة للجشع وتارة أخرى لتقلبات البورصة العالمية دون وجود ضوابط.

وفي سياق الحديث تتدخل والدة محسن لتقول أن الأسعار في السوق نار فجميع المنتجات ازدادت 10ليرات على الأقل حتى أن الطبخة التي كانت تكلف حوالي 400ليرة سورية أصبحت تكلف الضعف وبعملية حسابية صغيرة تبرر كلامها حيث أن كيلو الرز أصبح 125 ليرة سورية في وقت كان سعر الكيلو 50ليرة سورية وكيس الشعيرية 55ليرة سورية في وقت كان 10ليرات وكيلو اللحمة العجل أصبح  1800ليرة سورية في وقت كان 450ليرة سورية هذا ولم نشتري السمنة أوالزيت والخضارلتكملة الطبخة كما أن أسعار اللبن ومشتقاتها والمعلبات من سردين وطن ومرتديلا وغيرها ارتفعت أيضاً بحجة أزمة والمتضرر الأول والأخير هو المواطن،فلا يخفى على الجميع أن مشكلة الغلاء المعيشي هي مشكلة اقتصادية عالمية، وفضلاً عما تناقلته الأخبار في القنوات المختلفة والمعلنة عن بداية إرتقاع الأسعار والضرائب فإن ذلك سوف يسبب الكثير من المشاكل المادية على الغالبية العظمى من العائلات فمشكلة عدم ثبات سعر الدولار أمام الليرة السورية تؤثر وبشكل ملحوظ على مخصصاتهم الشهرية.

تحكم التجار وزيادة عدد المحتكرين

يتحدث علي الشيخ ديب "تجارة واقتصاد" لسيرياديلي نيوز يعبر سعر الصرف بشكل عام عن معدل التبدل بين عملتين مختلفتين وبالتالي يعتبر بالمقياس الذي يدل على ثبات واستقرار التعامل النقدي والسلعي بين سورية والدول الأجنبية ونتيجة لفرض العقوبات الاقتصادية على سورية انخفض حجم الصادرات السورية إلى أدنى حد لها منذ العام 1990، كما انخفض حجم المستوردات واتجه الاقتصاد السوري إلى الاعتماد على الناتج المحلي ومحاولة إشباع السوق السورية عن طريق التركيز على الحرف اليدوية ودعم الزراعات ولكن التخوف الشديد دفع عدد كبير من أصحاب رؤوس الأموال الضخمة إلى تحويل نفوذهم إلى دولاروذلك بهدف لحمايتها ومحاولة تجنيبها تابعات ما قد تتعرض له الليرة السورية من تدهور وقد أدى ذلك إلى نقص كبير بحجم المعروض من الدولار في السوق السورية مما أدى ونتيجة سياسة العرض والطلب في الأسواق إلى زيادة الطلب على الدولار، كما قام عدد من مصارف الدول العربية المشاركة في المؤامرة على سورية بضخ كميات كبيرة من الليرة السورية في الأسواق وأصبحت الليرة السورية (مكشوفة) وذلك لعدم وجود احتياطي نقدي كافي من العملات الأجنبية لحمايتها مما أدى إلى زيادة حجم المعروض منها أكثر من الطلب عليها وأدى إلى زيادة سعر الدولار بشكل مفاجئ وغير متوقع وحدوث فجوة كبيرة بين سعر صرف الدولار وصرف الليرة حيث انخفضت قيمة الليرة إلى النصف مقابل الدولار فأصبح مبيع الدولار بقيمة 170ليرة سورية في السوق السوداء التي تتحكم في أسعار الصرف حالياً نتيجة غياب تأثير المصرف المركزي وضبابية السياسة المصرفية التي يتبعها وكثرة الشائعات عن تعويم الليرة السورية، كما إن ارتفاع الدولار إلى هذا الرقم القياسي مقابل الليرة السورية اثر سلباً وبشكل كبير على المواطن السوري حيث انخفضت القيمة الشرائية لليرة السورية وزادت أسعار اغلب البضائع بنسبة تجاوزت 40% عن التموينية عن الأسواق وتحكم التجارة في السوق وزيادة عدد المحتكرين وخاصة للمواد الغذائية والاحتياجات الضرورية (مواد التنظيف50%)

نقص الوعي المالي لدى المواطن

كما أدى نقص الوعي المالي لدى المواطن إلى الإقبال على شراء المواد وتخزينها بكميات كبيرة خوفاً من زيادة تدهور الليرة السورية الأمر الذي أدى إلى زيادة الطلب على شراء ونقص المعروض من منتجات وبالتالي زيادة كبيرة في الأسعار .

سيرياديلي نيوز - نور ملحم


التعليقات