سيريا ديلي نيوز – علي حسون   بشير فرزان

عندما وصلنا إلى موقع عملهم في منطقة السبينة كانت الشمس تطوي آخر دقائق نهارها وتسحب ما تبقى من أشعة نورها، ولكن ذلك لم يؤثر في وتيرة عملهم ويبطىء حركتهم ولم يثن عزيمتهم أو يحبط إرادة تحديهم لرصاصات القنص وعبوات الإرهاب الناسفة، فساعتهم البولوجية لم تكن حاجزاً فاصلاً بين الليل والنهار بل كانت جسراً بين ضفتي التصميم والانتصار بعد أن توقفت عقارب الزمن عند تضحياتهم الكبيرة وبصراحة أكثر كل من يراهم وهم يعملون دون كلل أو ملل يدرك تماماً أنهم مزيج من الصلابة والجسارة والرجولة، فعيونهم تشع بالوطنية وهمتهم العالية وتصميمهم على إنهاء مشروعهم بأسرع وقت ممكن، وإعادة النورإلى حياة الناس كانت ترمي تساؤلاتنا بسهام الواقع والحقيقة التي رأيناها بأم أعيننا فقد كانت ساعات عملهم المتواصلة من ساعات الصباح الأولى إلى ساعات متأخرة تدق في كل لحظة من لحظاتها وتداً جديداً في ساحات الإنجاز والتفاني في خدمة الوطن و المواطن.

 

إنهم رجال النور(عمال الكهرباء) الذين تشابكت سواعدهم مع سواعد رجال الله على الأرض (بواسل قواتنا المسلحة)، فكانت معجزة الحياة وإرادة البقاء، ومع اندفاعهم لأداء واجبهم ومسؤولياتهم على أكمل وجه تساقطت تحت أقدامهم أهداف المجموعات المسلحة التي تحاول على مدار الساعة تدمير البنية التحتية وإدخال البلد في عتمة حريتها وظلمة أفكارها التطرفية.. نعم لقد زرع هؤلاء الرجال في أحشاء الأزمة بذور التفاؤل وصنعوا منارات الشموخ وكتبوا في عتمة الليل سفر بطولاتهم التي لا تنسى، وحفروا على جدران التاريخ أسطورة صمودهم فشقوا بطن الأرض ليمدوا فيها شرايين الحياة والنور ورفعوا في سماء الوطن أبراج العزة والبناء والضياء.

 

 

 

ساعة الحقيقة

نعم هي ساعة من الزمن أو أكثر قضيناها مع الجنود المجهولين على أرض الحقيقة وفي ساحة العمل والجهود الجبارة لنكون شهوداً على عظمة أفعالهم التي كانت مخرزاً في عين الإرهاب..وبصراحةلم نكن نتوقع أن نرى في منطقة ساخنة كالسبينة وهي أرض معارك ومواجهات بين الجيش العربي السوري والعصابات المسلحة أي عمل أو مشروع لأي جهة كانت، ولكن زيارتنا الميدانية برفقة مصطفى شيخاني مدير مؤسسة توزيع الكهرباء وزهير خربطلي مدير كهرباء ريف دمشق وخليفة برجاس رئيس مركز كهرباء صحنايا، بينت لنا حجم الجهود المبذولة في سبيل تأمين الكهرباء وإيصالها إلى المناطق بشكل آمن وعلى مدار الساعة رغم كل التحديات والصعوبات التي تقف عائقاً في طريق الجهات المعنية، ولاشك أن المشروع الذي يتم تنفيذه في تلك المنطقة بكلفة 100 مليون ليرة سورية وبطول 2كم لتأمين التيار الكهربائي لصحنايا ولأشرفية صحنايا من خلال الربط مع شبكة حوش بلاس وتأمين مخارج إضافية يشكل تحدياً حقيقياً تصر وزارة الكهرباء على تنفيذه في زمن قياسي والجهود الجبارة والاستثنائية التي كانت حاضرة على أرض المشروع تثبت اقترابها من ضفة النجاح وتجاوزها للامتحان الصعب وتحقيق الهدف المنشود الذي ينتظر الناس رؤية نتائجه من خلال عودة التيار الكهربائي إلى منازلهم.

 

 

 

جهود جبارة

العمال الذين رافقناهم على أسطح المنازل كانوا يعملون بجد في تركيب الأبراج وشد خطوط التوتر العالي غير آبهين بالإرهاب الذي لا يبعد عنهم سوى بضع أمتار أو بصعوبة الظروف التي يعملون فيها وما لفت انتباهنا وعزز تفاؤلنا تلك الروح الجماعية التي كانت حاضرة، حيث تلاقت أيدي العمال والمهندسين لتشد من أزر بعضها ولتقدم مثالاً حياً ونموذجاً يحتذى به من العمل المؤسساتي الجماعي الذي نحتاج إليه في هذه المرحلة المصيرية، أما كلماتهم فكان لها وقع خاص في نفوسنا فقد استطاعوا بحديثهم أن يشحذوا معنوياتنا وأن يهشموا تشاؤمنا الذي بات من الماضي بعد رؤية أعمالهم البطولية كما كانت وعودهم باستمرار العمل حتى تنفيذ المهمة الموكلة اليهم وإنهاء كامل الأعمال قادرة على ترميم جسورالثقة بقدرات وإمكانيات القطاع الكهربائي الذي لايزال يعمل بوتيرة عالية رغــــــم ضخـــــامة التحــــديات وخسائره الكبيرة جراء اســـتهدافه اليومي من قبل المجموعات الإرهابيــــة .

 

 

 

غرفة عمليات

وطبعاً جولتنا لم تنته هنا فبعد أن ودعنا العمال وغادرنا موقع المشروع توجهنا إلى وزارة الكهرباء للقاء عماد خميس وزير الكهرباء الذي تحول مكتبه إلى غرفة عمليات حقيقية يتابع من خلالها الواقع الكهربائي ويوجه حركة العمل لتأمين الكهرباء إلى مختلف المحافظات، هذا عدا عن جولاته الميدانية للمواقع التي تتعرض للاعتداءات الإرهابية ومتابعته المباشرة لعمليات الإصلاح والإشراف التام على العمل وحرصه على إنجاز المهام بالسرعة القصوى .

 

خميس الذي أكد أنه بالرغم من ضخامة التحديات التي تواجهها وزارة الكهرباء وحجم خسائرها إلا أنها تعمل بكامل طاقاتها لتذليل الصعوبات وتجاوز كافة العقبات التي تشكل تهديداً على القطاع الكهربائي وخاصة على استمرار وجود التيار الكهربائي، فالمجموعات المسلحة تستهدف وبشكل دائم خطوط التيار الكهربائي وخطوط الطاقة المغذية للمحطات بقذائف حقدها وعبواتها الناسفة .

 

استنفار كامل

وأكد الوزير على حالة الاستنفارالتامة والكاملة التي تعيشها كافة المؤسسات والشركات التابعة لها في سبيل تأمين وصول التيار الكهربائي إلى كافة المناطق ومتابعة كافة القضايا المتعلقة بهذا القطاع على مدار الساعة لافتاً إلى الجهود الكبيرة والجبارة التي يبذلها عمال الكهرباء على مدار الساعة في سبيل التخفيف من انقطاعات التيار الكهربائي ومعالجة كافة المشكلات بوقت قياسي وفي أصعب الظروف، فهم الجنود المجهولون الذين يتصدون بكل بسالة وشجاعة للمهام الموكلة إليهم دون تردد، ومنهم من استشهد أو جرح وهو يقوم بواجبه الوطني تجاه بلده.

 

وعن المشروع الذي تقوم الوزارة بتنفيذه في منطقة سبينة أكد الوزير خميس أنه من المشاريع التي يتم العمل فيها بوتيرة عالية وسرعة قياسية من أجل إيصال الكهرباء إلى صحنايا وأشرفية صحنايا خلال أيام معــــــــدودة وذلك لإنهـــاء معاناة المواطنين وتحسين الواقع الكهربائي .

 

الوزير خميس الذي تحدث معنا بكل صراحة وشفافية حمّلنا مسؤولية نقل الواقع الذي رأيناه إلى الناس، فهو يؤمن بدور الإعلام في معركة الصمود السوري ونقل حقائقها الواضحة إلى العالم أجمع وكشف الأكاذيب وحملات التضليل التي تمارسها مئات الوسائل الإعلامية المشاركة في قتل الشعب السوري وتدمير البنية التحتية وتخريب ما تم إعماره وبناؤه خلال عقود طويلة من العمل والبناء في بلدنا.

 

وفي نهاية لقائنا معه جدد الوزير خميس تأكيده على أن وزارة الكهرباء لن تدخر جهداً في إيجاد الحلول والبحث عن معالجات حقيقية وستعمل رغم كل التحديات بكامل طاقاتها وإمكانياتها من أجل تحسين الواقع الكهربائي وضمان عودة التيار إلى كافة المناطق مهما كانت الصعوبات والتضحيات.

 

 

Syriadailynews


التعليقات