سيرياديلي نيوز
عاد موضوع الدعم الحكومي ليتصدر اهتمامات الحكومة والشارع، فالأوضاع الشاذة التي أفرزتها آلية تقديم الدعم المطبقة منذ عدة عقود.
أصبحت تشكل استنزافاً خطيراً لموازنة الدولة ولصالح شرائح قليلة ولاسيما في الظروف الحالية وهذا ما دفع الحكومة إلى التفكير مجدداً بسبل الاستفادة من كتلة الدعم في تحقيق غايات رئيسية، لكن ما قامت به الحكومة السابقة طيلة عامين من تطبيق طريقتين فاشلتين في توزيع دعم مادة المازوت وحجم الفساد الذي نجم عن هاتين الطريقتين جعل المواطن يتوجس من خطوات الحكومة ونياتها في دراسة الدعم. ‏
الدكتور حيان سلمان معاون وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية أكد في تصريحاتها عن مشروعية الدعم: إن كل دول العالم تعتمد على دعم منتجات منتجيها ومستهلكيها بما ينسجم مع سياستها الاقتصادية والاجتماعية ونحن سنناقش واقع الدعم في سورية ونلاحظ أن كثيراً من القرارات صدرت بخصوص الدعم، حيث أصبح هذا الموضوع من باب المزاودة ولاسيما من خلال طرح شعارات اجتماعية وشعبية.
يتابع الدكتور سلمان: من أجل الدعم فإننا نقترح أولاً: توزيع الدعم إلى قطاعات انتاجية واستهلاكية وبما يحقق هدفين أساسيين، الأول يتجلى في أن يساهم الدعم في تحقيق الانطلاقة الاقتصادية، أي ألا يكون  الدعم لمجرد الدعم.
والهدف الثاني أن يركز على احتياجات ذوي الدخل المحدود لكي يخفف من حجم التفاوت الاجتماعي بين فئات المجتمع.
ثانياً: اعتماد طرق علمية واقعية وعملية في إيصال الدعم وخاصة إلى المنتجين، ونركز هنا على المنتجين لأن المستهلك يقوم بتلمس قيمة الدعم من خلال الفارق بين سعر السلعة المدعومة في السوقين النظامية والسوداء كما هو الحال في مواد السكر والرز والخبز والمازوت أو الفارق بين سعر السلعة في السوق الداخلية والخارجية في الدول المجاورة وغير المجاورة، فمثلاً سعر المازوت في سورية 15 ليرة وفي تركيا ما يعادل 100 ليرة وفي لبنان ما يعادل  50 ليرة وفي الأردن ما يعادل  40 ليرة. دعم المستهلك... فالمنتج
ويضيف من خلال متابعتنا لموضوع الدعم الاستهلاكي وجدنا أن هذا الدعم يجب أن يرتبط بسياسة واضحة من خلال الجهات الوصائية وأن يحقق أكبر قدر ممكن من التناسب بين تكلفة السلعة وسعر بيعها وبما يتناسب مع متوسط الدخل للمواطن.. فيما يتعلق بالدعم الانتاجي فهذا سنناقشه بكل صراحة وفقاً لاعتبارات أن قيمة الدعم المقدمة هي اقتطاع حقيقي من موازنة الدولة أي موازنة 24 مليون إنسان وتالياً  يجب ألا يستفيد المنتج من الدعم من دون الاهتمام بالجوانب الاجتماعية للمستهلك لأن كل منتج هو مستهلك، وليس كل مستهلك منتجاً.
كما يجب اختيار صناعات أو مواسم زراعية محددة يتم توجيه الدعم لها وحسب أهميتها بالنسبة للاقتصاد الوطني أو للمواطن.
ولا شك في أن من الأولويات البحث عن طريقة لإيصال الدعم إلى المنتج على نحو يحقق الهدف منه، وهنا سنتعامل بواقعية مع المثالين الآتيين:
أ- المثال الأول: من واقع الصناعة ولنفترض صناعة الألبسة وهي قطاع مهم ورائد في الاقتصاد السوري فهنا يمكن للدولة أن تقدم الدعم بطريقتين اثنتين إما بطريق مباشر من خلال دفع مبلغ معين عن كل قطعة ألبسة منتجة وحسب ما تتطلبه من وحدات الجهد أو زمن العمل، وإما على نحو غير مباشر من خلال تقديم الإعانات والمساعدات ولكن هنا على المنتج أن يعرف في الحالتين أن للمستهلك حقاً في الدعم المقدم، أي بصريح العبارة ألا تكون أسعار الألبسة المدعومة المسوقة في السوق السورية تماثل أو تعادل الأسعار في السوق الخارجية، وفي هذه الحالة سيقوم المنتجون بتصدير إنتاجهم والاستفادة من قيمة الدعم للمنافسة في الخارج.
أي في الحقيقة, تحقيق مصلحة المنتج وعدم تحقيق مصلحة المستهلك... وهنا وبصراحة نقرأ ما قد يقوله البعض: ومن أين نؤمن القطع الأجنبي؟ والجواب: يمكن هنا الجمع بين شكلين اقتصاديين أو أكثر، فمن الممكن أن نحدد أسعار الألبسة في السوق الداخلية وفقاً لمعادلة التكلفة + هامش الربح يعادل متوسط الربحية الوطنية.
أما للخارج فتبقى الحرية للمنتج في تسويق إنتاجه وكل مازاد من حصيلة القطع الأجنبي الذي حققه تعطى له مزايا إنتاجية تتناسب مع ذلك، وفي هذه الحالة نكون قد ضمنا مصلحة المستهلك باستفادته من المواد والسلع الصناعية المنتجة من خلال أن أسعارها المعتمدة في السوق تراعي الدعم.
ويوضح الدكتور سلمان في رؤيته للدعم المطلوب، أن هذا الدعم يحقق مصلحة المنتج في فتح المجال لتقديم سلعة مطلوبة بأسعار معتدلة وتالياً زيادة الاستهلاك في الداخل، ومعلوم أن الربح الإجمالي يتحقق في زيادة التسويق وليس في  زيادة الأسعار لأن زيادة الأسعار تؤدي إلى تراكم المخازين، والمخزون هو رأس مال مجمد له أضراره على المنتج والاقتصاد الوطني، كما هو الحال في الكثير من الشركات الإنتاجية, وتتنوع أخطاره ما بين العطب والتلف والحرق ما ينعكس زيادة في التكاليف، وبذلك نكون قد ساعدنا المنتج السوري في إيصال سلعته المدعومة للأسواق الخارجية بأسعار تنافسية، كما تفعل الصين الآن ونحن نقول عنها (المعمل العالمي الشعبي) وهنا يكمن السر في أنه لا يوجد بيت أو مكتب في العالم إلا وفيه قطعة صينية، وهذا يتطلب المصداقية مع المصرف المركزي أو التجاري أو غيره في سداد المستحقات الناجمة عن التصدير أو التسويق الداخلي والمتولدة عن الدعم.
ويضيف الدكتور سلمان أما الدعم الموجه للزراعة فيكون على سبيل المثال بدعم مادة القمح فيفترض أن نقدم الدعم بطريقتين اثنتين إما عن طريق تأمين مستلزمات الانتاج الزراعي بأسعار مدعومة وبما يتناسب مع الإنتاج الذي سيحقق أو مع مساحة الأرض المزروعة.
وإما أن تعطي الدولة مبلغاً عن  كل كيلو غرام من القمح المسلم لها وتالياً تزداد المبالغ المقدمة مع ازدياد الكميات المسلمة, وهذا الدعم يحقق مصلحة المزارع ومصلحة الدولة ونمنع تهريب الدعم إلى غير مستحقيه.
وشدد الدكتور حيان على أن بوصلة الدعم يجب أن تضمن مصلحة الجهتين، الجهة المدعومة وهو المنتج.. وكذلك المستهلك...
وفيما يتعلق بدعم المازوت، اقترح الدكتور حيان أن يتم تحديد كمية معينة من المازوت لكل عائلة بسعر مدعوم، أما البقية فتباع بالسعر العادي.

سيرياديلي نيوز


التعليقات