لم يعد خافياً على أبناء محافظة دير الزور انتشار ظاهرة تجميع النفط الخام تمهيداً لتنفيذ عملية تكرير بدائية له عن طريق تسخينه وتمريره عبر أنابيب لتستخلص منه مادتا البنزين والديزل، كما لم يعد مستغرباً انتشار سحابات الدخان الكثيفة الناجمة عن عمليات تكرير النفط الخام والتي ارتسمت في الأفق على مدار الساعة مهددة بذلك الإنسان والزرع والبيئة.

 

وعلى الرغم من الإنذارات الكثيرة التي أطلقتها مديرية بيئة دير الزور حول مخاطر هذه العملية المتخلِّفة علمياً إلا أن ظاهرة تكرير النفط الخام لا تزال مستمرة لتُنذر بالكثير من الأمراض الخطرة، وعلى رأسها الأمراض السرطانية بكل أشكالها، إضافة  إلى التشوُّهات الولادية التي ازداد احتمال ظهورها قريباً، ناهيك عن التأثُّر المباشر لكل أنواع الزراعة بنتيجة الترسبات الخطيرة والسامَّة على أوراق النبات.

 

والحقيقة أن المراسلات الرسمية لم تؤكِّد لغاية تاريخه تسجيلاً مُثبتاً للأمراض المذكورة، غير أن التقارير الصادرة عن مديرية البيئة بدير الزور تؤكد وجود كل المؤشرات لنتائج مستقبلية كبيرة وخطيرة لم يعها بَعد أولئك المنتشرون بين الحراقات وتحت سحب الدخان وفوق الإشعاعات الصادرة من أعماق الآبار النفطية دون اكتراث لصحَّتهم ولبيئة بلادهم وسلامة أطفالهم وزراعاتهم، حيث يؤكد التقرير الرسمي الذي أصدرته مديرية البيئة في العاشر من الشهر الجاري أن مادة النفط الخام المستخرجة من أعماق الأرض قد تحتوي على نسب معينة من الإشعاع، وتختلف هذه النسب حسب موقع وطبيعة جيولوجية البئر، وهذه الإشعاعات هي مسبِّب رئيس للإصابة بالسرطان وأهمها سرطان الجلد والرئة، ولها تأثير مؤكَّد على السلامة الوراثية، وازدياد احتمال إنجاب مواليد مشوَّهة، والخطورة تكمُن في أن إنذار التشوُّه الولادي سيصبح حقيقة خلال سنوات قليلة قادمة، كما أن من الغازات الناجمة عن الاستخراج البدائي للنفط هو غاز الكبريت (السام جداً) ولاسيما وأنه عديم الرائحة ويتسبَّب بفقدان مباشر لحاسة الشم والوفاة المباشرة عند وصوله لنقطة التركيز (عشرة أجزاء من المليون) والإجراء الطبيعي هنا تركيب محطات لفصل الغاز وبالتالي سلامة الإنسان والبيئة.

 

وحسب ماأشارت إليه مديرية بيئة دير الزور بأنها وأثناء الكشف على مواقع التكرير البدائي للنفط لوحظ انطلاق غازات ناتجة عن عمليات الحرق اللازمة لتسخين النفط لأن عملية الحرق ذاتها تتم باستخدام النفط الخام نفسه وهو الذي ثبت احتواؤه على مواد خطرة جداً، ولأن هذه العملية (المتخلِّفة) تُنتج سحباً كثيفة من الدخان المترافق مع الغازات المذكورة، ولأن عمليات التكرير تتم ضمن الأراضي الزراعية فإن الأضرار باتت مباشرة وكبيرة على نوعية التربة بسبب ترسُّب المواد الناجمة عن الحرق والدخان على الأتربة الزراعية وعلى أوراق النباتات، وبالتالي انتقالها  إلى الإنسان بطريقة مباشرة وحسب نوعية النبتة.

 

يُذكر أن عمليات استخراج النفط تنتشر بشكل كبير في ريف المدينة، ورغم عِلم أغلبية هؤلاء بوجود الخطر (دون العلم بتفاصيله) إلا أن الظاهرة تزداد انتشاراً، وبالتالي تزداد احتمالية ظهور الأمراض السرطانية بشكل فوري، وظهور التشوُّهات الولادية خلال ثلاث سنوات، علماً أن هذه البؤر المتخلفة تدرُّ أرباحاً كبيرة جداً على (المغامِرين) مايعني عدم الاكتراث بما بعد الثروة، وللعلم أيضاً فإن ريف محافظة دير الزور يعد المصدر الرئيس لأغلبية الخضار الزراعية التي يتم توريدها  إلى المدينة.

Syriadailnews - Alwatan


التعليقات