سيرياديلي نيوز - خاص
لن يتمكن أبو فؤاد من توريث منزله الذي ورثه منذ عشرين عاماً، إلى أبنائه، فالمنزل الذي يختصر ذكريات العائلة أصبح بملكية أحد المستثمرين الذين أستغلوا الوضع الأمني الغير مستقر في بعض المناطق في البلد واشتروا المنازل المعروضة للبيع بثمن منخفض جداً  "بتراب المصاري" كما يقال رغم أن معظم هذه المنازل تساوي الكثير ولكن الظروف الحالية اضطرت الكثير من الناس بيع منازلهم من أجل الاستمرار في العيش لأنهم فقدوا مهنهم التي كانت تقوت أولادهم
قصة أبو فؤاد تختصر قصص آلاف العائلات الذين هجروا نتيجة تعرض العصابات الإرهابية لهم فاختاروا البيع والنزوح إلى مناطق أكثر أمان كما يقولون ، وهم في ذات الوقت موعدون بمساكن جديدة منظمة ريثما تهدأ الأوضاع ، ولكن هذه الوعود لم تكن كافية لتبديد مخاوفهم، فالكثير لم يخفوا خلال حديثهم معنا، قلقهم من المستقبل الذي ينتظر أسرتهم بعد بيع منازلهم ، فعلى حد قولهم، إن الأزمة أفقدتنا الكثير من الأشياء التي كنا نحسد عليها ومنها منازلنا التي قمنا ببيعها من أجل العيش وخوفاً من عدم تعويض المحافظة للمنازل المتضررة بمبلغ غير مقنعة، فهي لم تف حتى اللحظة بوعود سابقة كانت قد قدمتها للكثير من الأهلي الذين أستملكت أراضيهم، فكيف ستفي اليوم وضمن هذه الظروف بوعودها.
 لا أملك أجار منزل فبعت بسعر زهيد
أما أبو جمال الذي تحدث ودمعة في عينه على منزله الذي باعه فقال: منزلي مؤلف من عدة طوابق فالمنزل الذي حمل ذكريات عائلتي وأحفادي الذين ترعروا به و في كل زاويا يوجد لحظة حب وفرح وحزن وألم تعرض لقذيفتين هاون لذلك قمنا بأفراغ البيت خوفاً على أحفادي وقد عرض علي أحد التجار مبلغ من أجل بيعه فلم اتردد بذلك وقمت ببيعه رغم أن المبلغ زهيد لأنني لا أملك أجار منزل كبير لعائلتي في مكان أمن كما أن المحل الذي كنت استرزق منه كان بنفس المنزل وقد خسرته و لايوجد لدي راتب من الدولة لذلك ليس باليد حيلة  .
 أولاً ترددت و بعدها بعت ...
يقول سليم أحد قاطني في حرستا أن الظروف المعاشية فرضت علينا السكن بهذه المناطق بسبب انخفاض أسعار المنازل أو الإيجارات ولكن الظروف أثرت علينا وقد تهجرنا من منزلنا غصباً وعمداً  وقد عرض علي جاري صاحب مكتب عقاري شراء منزلي مع الأغراض الموجودة به بداية الأمر ترددت ورفضت رغم أن راتبي الشهري لا يكفي لأخر الشهر ضمن الظروف المعيشية الغالية فكيف لدفع إيجار منزل وعندما سآت الأحوال في منطقة حرستا لم أتردد في بيع المنزل رغم أنني سمعت الكثيرعن المرسوم رقم 66 لعام 2012 ولكن هل  القيمين على تنفيذ هذا المرسوم ملتزمين ببنوده كاملة وألا يتم التلاعب بها كما كان يحدث سابقاً من تفريغ القوانين من مضمونها, لأن هذا المرسوم إن نفذ فسيشكل نقلة نوعية في النظرة إلى المواطن وإلى حقه في أن يحيا في بيئة اجتماعية سليمة ينال فيها حقوقه الحياتية التي يستحقها.
الحكومة لم تقف مكتوفة اليدين...
من جهة أخرى يتسأل مراقبين لهذا الوضع ويتسألون ما هو مصير هؤلاء المواطنين فالوضع الذي يطرح لا يوجد له استثناءات،على الرغم من أن الحكومة لم تقف مكتوفة اليدين تنظر إلى المواطنين الذين تضطرروا الأزمة بل قامت  بأصدار مرسوم تشريعي من أجل تعويض جميع من تضطرت منازلهم أثر الأزمة في بعض المناطق المتوترة وهو المرسوم 66 للعام 2012 الخاص بالتنظيم العمراني وفي طياته ما يكفل حق المواطن وتجاوز المعوقات و الإشكالات التي كان يتعرض لها المالكون في القانون رقم 9 لعام 1974وكذلك القانون 26 لعام 2000 اللذين ألحقا الغبن بالمالك لعدم استفادته من المقاسم التجارية والاستثمارية والتعويضات, وقد أوجد المرسوم رقم 66 لعام 2012نصوصاً تراعي مصالح المالكين في الدرجة الأولى لتبلغ قيمة العقار أو الأرض 80%وتم إلغاء الاستملاك (أي استملاك المنطقة التنظيمية) وإلغاء (إزالة الشيوع ) إضافة إلى حل مشكلة شاغلي المخالفة بمنحهم أجرة سنتين بما يعادل 5%من ثمن العقار الحقيقي بمعنى أن الشاغل يحصل على تعويض إيجار سنتين هذا بالنسبة للمخالف وبالنسبة للمالك النظامي, وقبل الهدم فيتقاضى التعويض المناسب.
نريد قوانين جديدة للعقارات
وحول الموضوع أشارالأستاذ المحامي نزيه ملحم لسيرياديلي نيوزعلى الدولة أن تستثمر جميع المناطق المهدمة جراء أعمال العصابات الأرهابية المسلحة والعمل على إعادة بناء هذه المناطق بعد انتهاءالأزمة وأن يكون البناء على مبدأ أبنية منظمة على أن يتم إعطاء شقة لكل شخص يملك أوراق ثبوتية للمنزل الذي يملكه في هذه المنطقة ومن ثم يتم تقدير سعر المنزل فأذا كانت تكاليف أكثر من سعر المنزل الذي كان يملكه الشخص يتم دفع الفروقات على شكل دفعات للبنك وبهذا العمل نكون قد حصرنا المشكلة التي تعرض لها معظم المواطنين المهجرين ونحد بالوقت نفسه من عملية استغلال المستثمرين للوضع الحالي ، مبيناً أن محافظة دمشق قامت بفرض مثل هذه الفكرة على بعض المناطق المتوترة وذلك من خلال إحداث مناطق تنظيمية ضمن المدينة وفق توجهات المصور العام لمدينة دمشق لاستيعاب التوسع السكني وحصر ومعالجة مناطق المخالفات الجماعية وتأمين نوعية بيئية عالية بالمحافظة على المناطق الخضراء واستخداماتها وأيضا تأمين فرص استثمارية للمواطن وأهالي المنطقة بشكل خاص وللمدينة بشكل عام ولكن علينا وضع خارطة مجتمعية وقوانين كثيرة ترتبط بالتوزيع السكاني وإيجاد حلول منطقية للقاطنين في مناطق السكن العشوائي دون إجحافهم أو ظلمهم في محاولة لخلق رافعة جديدة تساهم في النهوض المجتمعي ونسف كل الأخطاء التي ارتبطت بقرارات إدارية أو تنظيمية لم تلمس حاجة المواطن خلال الفترة الماضية ، لذلك على أصحاب القرار وضع قوانين صحيحة خلال الفترة الحالية وخاصة في مجال سوق العقارات .

سيرياديلي نيوز


التعليقات