أعلنت "جامعة دمشق" عبر موقعها على الإنترنت، عن حصولها على جائزة "أفضل جامعة" لعام 2013 من "الجمعية الأوروبية للأعمال" في أكسفورد- بريطانيا، بعد أن تمّ تصنيفها ضمن السجل الدولي للجامعات الرائدة الذي تعده الجمعية كل عام.

 

 ورغم أن العنوان الذي وضعته جامعة دمشق للخبر الذي نشرته على موقعها يتضمن الترجمة الأدق لما ورد في كتاب الجمعية الأوروبية والذي حصل الاقتصادي على نسخة منه، وهو أنّ: "الجمعية الأوروبية للأعمال تصنف جامعة دمشق ضمن السجل الدولي للجامعات الرائدة"، إلاّ أن ترجمة الكتاب الوارد من الجمعية الأوروبية يوحي بشكل غير مباشر، لكنه لايذكر صراحة أن جامعة دمشق ورئيسها سيكرمان كأول جامعة وأول رئيس جامعة: "we invite you to receive the nomination attributes" أي أن الجمعية تدعو رئيس جامعة دمشق لحضور الاحتفال للحصول على ميزات هذا الترشيح، لكن الترجمة التي نقلتها جامعة دمشق والتي ربما أوحى بها كتاب الجمعية بشكل غير مباشر، جاءت كما يلي على موقع جامعة دمشق: "وقد تلقت جامعة دمشق دعوة لخصور حفل توزيع الجوائز الذي تعقده الجمعية بتاريخ 17/ 12/ 2013 ضمن إطار "قمة أكسفورد للقادة ـ العلوم والتعليم " وسيتم تقديم"أفضل جامعة" لجامعة دمشق ولقب "أفضل مدير للعام 2013" لرئيس جامعة دمشق".

 

 

وقد تناقلت عدد من الصحف المحلية الرسمية وغير الرسمية، خبر حصول الجامعة على هذه الجائزة، والذي تضمن اقتباساً من الكتاب المرسل من الجمعية الأوروبية إلى جامعة دمشق: "نظراً لتوافقها مع المعايير العالمية المعتمدة من الجمعية من حيث تنفيذ الجامعة برامج إدارة فعّالة وتطبيقها الابتكارات التكنولوجية والفكرية، والمستوى المتقدّم الذي وصلت إليه الجامعة من حيث سياستها فيما يخص ضمان الجودة في تقديم الخدمات التعليمية وتقديم إنجازات متميّزة، إضافةً إلى سمعة الجامعة الجيّدة على الصعيد المحلي والإقليمي، وصورتها الايجابية في الإعلام والصحافة ولدى عالم الأعمال والمجتمع والشفافية في العمل."

 

التباس هذا الخبر في الشكل والمضمون أثار تساؤلات كثيرة لدى المتابعين، مما دفع للبحث في حقيقته والتي كشفت شبهات حول هذه الجمعية وجوائزها بشكل يتجاوز مجرد الترجمة غير الدقيقة.

 

ليست جمعية بل شركة تجارية

بداية وجد التحقيق أن جامعات أخرى ادّعت حصولها على هذه الجائزة هذا العام أيضاً، ومنها الجامعة الإسلامية العالمية في إسلام آباد .

 

ومن خلال التحري عن مجال عمل "الجمعية الأوروبية للأعمال" في أكسفورد، ومدى اعتماديّتها وموثوقيّتها لمنح هكذا تقييم، والمعايير التي بموجبها تم تصنيف "جامعة دمشق" كأفضل جامعة في العالم لعام 2013.

الجمعية الأوروبية للأعمال في أكسفورد هي الترجمة غير الدقيقة للتسميةEurope Business Assembly EPA, Oxford والترجمة الأسلم هي "جمعية أعمال أوروبا، أكسفورد" وهذه "الجمعية" تملك موقعاً على الإنترنت هو http://www.ebaoxford.co.uk مسجّل  منذ منتصف عام 2003 وينتهي تسجيله في منتصف عام 2015.

 

وقد ورد في موقع الجمعية  أنها "شركة مستقلة  Independent Corporation لإدارة وتنمية التعاون في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية، تهدف إلى تعزيز تبادل التجارب المتميزة في الاقتصاد والتعليم والثقافة وخلق صورة إيجابية عن المناطق النامية والشركات"، وهكذا نجد أنفسنا أمام "شركة تجارية" يشار لها على أنها "جمعية".

 

اللافت للنظر هو أن موقع هذه الشركة أو الجمعية، لا يتيح الاطّلاع على أسماء جميع الجهات والأفراد الذين حصلوا على جوائز "الشركة الجمعية"، وإن كانت هناك بعض المسميّات  لشركات نفطية وبنكية وجهات عامة وخاصة أخرى، يجمعها كلها أنها من الدول النامية في أوروبا الشرقية وآسيا .

 

الموقع لا يوضّح حقيقة الشركة، وكل ما يعرضه هو صور ونصوص، تذكّرنا بتصاميم مواقع الإنترنت العائدة للجامعات الوهمية وشهاداتها التي لا قيمة لها، ولكن من خلال التحري عن هذه الشركة حصلنا  على رقم السجل التجاري لها وهو 3964500 وقد تبيّن أنها مسجّلة في المملكة المتحدة  بتاريخ 4 نيسان عام 2000 برأسمال تأسيسي مقداره 1000 جنيه استرليني أو ما يعادل 1605 دولار أميركي فقط .

 

الشركة الجمعية لصاحبها الشاب الأوكراني إيفان سافوف

تمكّن التحقيق من الإطلاع على بعض المعلومات المتعلّقة بالشركة من خلال إدارة سجل الشركات في المملكة المتّحدة  المعروفة باسمها الإنكليزي Companies House وقد تبيّن أن مؤسس الشركة وحامل أسهمها الأوحد ومديرها طيلة 13 عاماً هو إيفان سافوف، وهو شاب أوكراني من مدينة خاركيف "لنتذكر هذا الاسم جيداً فسوف يرد لاحقاً"، يبلغ من العمر 32 عاماً حيث ولِد في نيسان 1981 ، يدّعي عبر صفحته على اللينكدإن  أنه قد حصل على الإجازة في التسويق من جامعة أكسفورد بروكس عام 2004 وعلى شهادة في التاريخ المعاصر من جامعة أكسفورد عام 2013.

 

 

ومن المهم معرفته هو أن الشركة، عرفت تقلّبات كثيرة خلال فترة عمرها القصيرة، ولكن الشيء الوحيد الثابت فيها هو اسم صاحبها، فعلى سبيل المثال قامت هذه الشركة بتغيير عنوانها المعتمد في سجلها التجاري ثمان مرات ، خلال عمرها القصير الذي يبلغ ثلاثة عشر عاماً.

 

ولكن الملفت، هو أن عنوانها الحالي يضم شركتين أخريين  هما "نادي عمداء أوروبا" The Club of Rectors of Europe (الاسم السابق لهذه الشركة هو نوّاب مستشاري أوروبا) والتي تأسست عام 2006، وشركة أخرى هي "شركة EPA للمؤتمرات" المؤسّسة عام 2012، ومن التي يعود تأسيسها وإدارتها إلى الشاب إيفان سافوف نفسه .

 

كيف يتم التكسّب من منح الجوائز؟

عندما تحصل جامعة دمشق على "جائزة أفضل جامعة" على مستوى العالم، فإنّ تاريخ جامعة دمشق وعراقتها، لايكفي لمنع وضع هذا الخبر قيد التحقيق، والاشتباه بأن هناك مبالغة في الموضوع، فجميع تصنيفات الجامعات  وعلى اختلاف معاييرها من المؤسسات الدولية، لم تدرج "جامعة دمشق" ضمن الجامعات المائة الأوائل على مستوى العالم، فكيف لشركة تسمى "الجمعية الأوروبية للأعمال" أن تسبغ على جامعة دمشق، هذه الصفة وماذا تستفيد من ذلك؟

 

يجيب على هذا السؤال الصحفي الأيرلندي فيكتور بوسودنيفسكي  بالقول: "إن الجوائز التي تمنحها جمعية أعمال أوروبا EPA هي جوائز جميلة ولكن لا قيمة لها، إنها جوائز فارغة ترضي غرور من يحصل عليها لقاء مال يدفعه من أجل ذلك"، مشيراً إلى أن معظم المرشّحين لهذه الجوائز هم من الدول النامية، حيث يتمّ الطلب منهم دفع بضعة آلاف من الجنيهات الاسترلينية للحصول على هذه الجوائز فعلياً.

 

إذاً نحن أمام شركة تجارية، تمنح جوائز لا قيمة لها، دون الاستناد إلى أيّة معايير أو لجان تحكيم مشهود لها، وذلك في مقابل بضعة آلاف من الجنيهات، تحت مسميّات مختلفة مثل نفقات الترويج الإعلامي أو أجور إدارية وما شابهها.

 

بيع الوهم الذي تقوم به شركات إيفان سافوف، يوجد له زبائن كُثر  فعلى سبيل المثال أحد رؤوساء البلديات التي لا يزيد عدد سكانها عن 130 ألف نسمة في جنوب إفريقيا حصل على جائزة أفضل رئيس بلدية في العالم، وقد تكلّفت البلدية دفع مبلغ يعادل عشرة آلاف دولار أميركي  من أموال دافعي الضرائب لصالح شركة سافوف تحت مسمى نفقات خدمية واعتمادية.

 

وقد امتدّ نشاط شركة سافوف EPA إلى ماليزيا  حيث قامت بمنح معهد أبحاث الغابات الماليزي جائزة أطلق عليها اسم "جائزة سقراط الدولية" لأفضل مؤسسة في العالم عام 2011، إلى جانب منح مدير هذا المعهد "جائزة سقراط" كأفضل مدير في العالم أيضاً، وذلك لقاء مبلغ من المال تحت مسمى نفقات ترويجية. كما قامت شركته الأخرى "نادي عمداء أوروبا" بإرسال نموذج تسجيل لأحد العمداء في جامعة ماليزية رسمية للانضمام إلى النادي والحصول على جائزته مقابل مبلغ يقارب 8700 دولار أميركي.

 

 

 

بانتظار إجراءات جامعة دمشق

تشيرالرسالة التي تلقتها جامعة دمشق من "الجمعية الأوروبية للأعمال في أكسفورد"  إلى ترشيح (وليس تصنيف) الجامعة لجائزة "أفضل جامعة" من قبل الجمعية لعام 2013 وطلبها أن تتقدم الجامعة للتسجيل في الاحتفال الذي سيقام لاحقاً تمهيداً على ما يبدو لطلب مبالغ مالية تحت مسميات مختلفة وفق الطريقة المسماة بالاحتيال النيجيري.

والمثير في هذه الرسالة، أن جميع عناوين الاتصال فيها ليست في مدينة أكسفورد البريطانية بل في مدينة خاركيف الأوكرانية، والتي هي مدينة إيفان سافوف.

المقلق في الموضوع، هو ما أوردته بعض الصحف حول اعتزام رئيس الجامعة تسلّم هذه الجائزة خلال شهر كانون الأول القاد%

Syriadailynews - الاقتصادي


التعليقات