رأى رئيس اتحاد الحرفيين في دمشق مروان دباس أن الرقابة التموينية وحماية المستهلك غائبة عن المشهد الاقتصادي، مشيراً إلى أن هذا الغياب سوغ للكثيرين القيام بتحديد تسعيرة غير منطقية وفق هواهم وجشعهم، «حتى أصبح المرء يعتقد أن من يقوم بتحديد التسعيرة لهذا المحل أو ذاك هو صاحب المحل نفسه، وهذا غير طبيعي أو منطقي إطلاقاً.

 

ومن هذا الجانب طالب دبّاس بحسب صحيفة "الوطن" الجهات المسؤولة بإعادة دراسة التكلفة الحقيقية والمناسبة للكثير من السلع والمواد شرط أن يكون اتحاد الحرفيين بدمشق عضواً أساسياً ومقرّراً في هذه الدراسة، «وعلى الرغم من أن أصحاب هذه الحرف والمحال هم أعضاء في الاتحاد إلا أننا لن نسمح لهم بأكل حق المواطن».

 

وألمح رئيس حرفيي دمشق إلى أن العلة تكمن بالدرجة الأولى في تعيين أشخاص في مواقع مسؤولية لا يستحقونها لأنهم غير قادرين على القيام بمهامهم، حتى أصبحنا اليوم لا نرى سوى مديري مكاتبهم واسعة وفارهة وعدة سيارات تحت تصرفهم وعشرات الموظفين من حولهم ويحتاج المرء للانتظار ساعات لمقابلتهم وبعضهم في الحقيقة لا يتعدى كونه شخصاً فارغاً يحصل على معظم احتياجات من السلع والمواد مجاناً».

 

وأضاف دباس: وصلت عمليات الغش في البلد إلى درجة لا يتحملها العقل، ومع ذلك يأتي علينا من يقول بأنه قام بتسجيل المخالفة بحق المخالف ولكنه في الحقيقة خالف بعض «الصغار» في حين وضع في جيبه مليون ليرة كرشوة من «كبار الغشاشين»، ومن كثرة انتشار وتوالد الغشاشين عندنا «أقسم أنه  أصبحنا نحتل المرتبة الأولى في عدد الغشاشين ونحن قادرون على تصدير حاجة دول العالم من غشاشي المواد والسلع» .

 

وكشّف دباس عن اقتراح قدمه الاتحاد إلى نائب رئيس الحكومة للشؤون الاقتصادية الدكتور قدري جميل يتضمن قيام الدولة بمسوؤلية التسعير بالشكل الذي تراه هي مناسباً دون النظر إلى التكلفة وعلى سبيل المثال بالإمكان وضع تسعيرة لمادة ما تبلغ 20 ضعف سعرها الحقيقي، «وأنا متأكد أنها ستكون مقبولة دون جدل أو نقاش»، ولذلك فإن قيام الدولة بوضع التسعيرة دون العودة إلى التكلفة سيعرف التاجر أن بيعه سيكون بهذا أو بذلك السعر، وهذا أفضل من أن يقوم بجلبه بسعر 50 ليرة على سبيل المثال ليقوم ببيعه بنفسه بسعر 500 ليرة.

 

وأضاف: إذا أرادت الحكومة خدمة المواطن والحفاظ على مصلحته فبإمكانها استيراد المادة التي يرفض التاجر استيرادها، ولا زلت أصر على أنه لم ترّد إلى البلد بضاعة جديدة بهذا الحجم الذي يتحدث التجار عنه، وعندما نسأل المخلصين الجمركيين عن نوعية البضاعة التي يقومون بتخليصها فإنهم يكشفون فقط عن تخليص مواد طبية وغيرها أما المواد الغذائية فهي قليلة جداً ما يعني أن بضاعة التجار موجودة في المستودعات منذ فترة قبل ارتفاع أسعار الدولار.

 

واستغرّب دباس كيف أن البعض خلال الأزمة استطاع سحب مليارات الليرات من جيوب المواطنين في حين خسر أصحاب الدخل المحدود كل ما يملكونه من مدخرات.

 

وقال: بغض النظر عن الكثير من السلبيات التي طفت على سطح مجتمعنا السوري إلا أن المسألة الهامة التي لا يجوز التلاعب بها هي لقمة عيش المواطن التي وصلت مأساتها إلى حد لا يمكن تحمله، وإذا لم يكن هناك من يدافع بقوة عن معيشة هذا المواطن فإن هناك حتماً من سيقوم باستغلاله.

 

كما تحدث دباس عن المستغلين بالقول: هؤلاء اليوم هم نفسهم المنتشرون في حارات وشوارع مدينة دمشق، وهو نفسه صاحب المحل الذي كان يقوم بإطعام المئات من المواطنين في كل حارة في حين أصبح اليوم يطعم عشرات وأحياناً مئات الآلاف ويقوم باستغلالهم وبالأسعار التي يفرضها ويريدها. ومثال ذلك: من سمح لأصحاب المحال بإنقاص وزن كيلو اللبن من 1000 ليصبح 800 غرام فقط؟، وما القانون الذي يسمح لهم القيام بذلك؟، وأيضاً من جرأ البعض على استبدال زيت السيرج في الحلاوة الطحينية بالزيت النباتي والطحينية نفسها بالأرز الرخيص المطحون وهو مليء بحشرة «السوس».

 

وأضاف: «اليوم كحرفيين نقدر جيداً الأوضاع التي تمر بها البلاد والمسؤوليات الكبيرة الواقعة على كتف الدولة في ظل هذه الظروف، ولكن عندما يقوم اتحاد حرفيي دمشق بطلب بعض الأمور اليوم من الدولة فهي ليست سوى لمصلحة المواطن نفسه علماً أن توجه الاتحاد يجب أن يكون من حيث المبدأ لصالح الحرفيين أنفسهم إلا أننا عندما نرى الحرفي يقوم باستغلال المواطن فإننا نقف في صف المواطن حتى النهاية».

 

وعن مطالب الحرفيين الحالية من الحكومة أكد أن الدولة قدمت الكثير للحرفيين منذ سبعينيات القرن الماضي وحتى يومنا هذا، «وأعطتهم حقهم وأكثر بكثير ومن يقل غير هذا الكلام فنحن مستعدون لمناقشته، ولا ننسى عندما كانت الدولة تقدم المواد الغذائية والمواد الصناعية بربع قيمتها الحقيقية، واليوم على الجميع أن يفكر كيف يمكنه أن يسد القليل والجزء اليسير من الدين الذي قدمته لهم الدولة لأن الدولة لها علينا حق كحرفيين».

التعليقات