أكد رئيس مجلس الوزراء خلال انعقاد الدورة السادسة عشرة للمجلس العام للاتحاد العام لنقابات العمال إلى أن الحرب المستعرة على سورية ركزت على القطاع الاقتصادي والليرة السورية بمفهومها السيادي والوطني حيث كانت "بعض الدول تخطط لمضاعفة قيمة الدولار أمام الليرة السورية لآلاف المرات كما حدث في دول أخرى إلا أنه بفضل الإجراءات المتخذة من قبل الأجهزة الحكومية لم تتضاعف إلا 3 أو 4 مرات وهي نسبة مقبولة اذا ما قورنت بحجم الأزمة".

 

وشدد الحلقي بحسب وكالة الانباء "سانا" على إن كل ما تم صرفه في إطار دعم الليرة "لا يمس المخزون النقدي للعملة الأجنبية" وأن ما يتم ترويجه حول هذا الأمر هو عبارة عن حرب إعلامية مضللة ونفسية مرافقة للحرب الاقتصادية لافتا إلى استمرار الحكومة في بذل جهود حثيثة لإعادة السعر الحقيقي لصرف الليرة.

 

وأوضح الحلقي أن الحكومة تتابع تنفيذ كل برامجها رغم الظروف الصعبة والمعقدة التي تواجهها وتتكيف بقراراتها مع مراحل الأزمة فيما يتعلق بكل القطاعات العامة والخاصة مشيراً إلى أن "التحديات والعقوبات التي تتعرض لها سورية ترافقت مع عمليات إرهابية ممنهجة" استهدفت قطاعات حيوية أساسية تلامس مكونات الاقتصاد والجانب الخدمي للمواطنين ما انعكس سلباً في إنتاجية هذه القطاعات وإضعاف إيرادات خزينة الدولة وإن "الحكومة تعمل على الإسراع في إصلاح هذه الأعطال بمختلف القطاعات" بشكل تلقائي وإسعافي بفضل إرادة وتصميم العاملين في القطاع الخدمي من أجل تخفيف الأضرار الناجمة عن هذه العمليات التخريبية قدر الإمكان على حياة المواطنين.

 

ولفت رئيس مجلس الوزراء إلى أن أولويات عمل الحكومة هي "تحقيق الأمن الغذائي والدوائي والطاقوي وتأمين متطلبات المواطن اليومية" وأن "سورية تمتلك مخزوناً من القمح يبلغ 3 ملايين طن" وتعمل باستمرار على تغذية هذا المخزون عبر إجراء العقود لاستيراد الأقماح من الدول الصديقة ولا سيما إيران حيث أصبح "لدينا مخزون استراتيجي يكفي لأكثر من عام".

وأوضح الحلقي أن استهداف المجموعات الإرهابية لكل مكونات الأمن الغذائي أدى إلى حدوث بعض النقص في الطاقة الطحنية حيث كانت طاقاتنا الإنتاجية تتجاوز الـ 7700 طن ولذلك قامت الحكومة بإبرام عقود اسعافية مع الدول الصديقة والصيانة المستمرة للمطاحن وتشغيلها بالطاقة القصوى للتخفيف عن المواطن من أضرار الأزمة وتلبية احتياجاته بما يؤمن رغيف الخبز.

 

وبين رئيس مجلس الوزراء إن "الأمن الدوائي في سورية مستقر وكل أصناف الأدوية متوفرة باستثناء البعض منها" والذي يتم استجراره من الدول الصديقة وعلى رأسها إيران وروسيا والصين وباكستان وكل دول البريكس وكوبا.

 

وأشار الحلقي إلى أن الإرهابيين استهدفوا قطاع الطاقة كونه يؤمن دخلا من القطع الأجنبي بغية إيصال الإنتاج إلى مقادير بسيطة لا تلبي حاجة المصافي وإرهاق الحكومة وعدم تمكينها من القيام بواجبها الاقتصادي تجاه المواطنين حيث قامت المجموعات الإرهابية المسلحة بتخريب آبار النفط وتعطيلها وحرقها ولا سيما في محافظتي الحسكة ودير الزور ما أدى الى استنزاف الثروة الوطنية وإحداث تلوث بيئي ومع ذلك استمرت الحكومة في سياسة دعمها التي "تجاوزت /300/ مليار ليرة سورية للمشتقات النفطية والمواد الغذائية" حيث يكلف سعر ليتر المازوت ما يقارب /200/ ليرة بينما تبيعه الحكومة للمواطنين بـ60 ليرة وكذلك الغاز والبنزين والفيول كما تدعم الحكومة بعشرات الأضعاف الخبز والقمح والطحين والسكر والرز وهو ما يؤكد استمرارها في "مشروع عقلنة وترشيد الدعم والحد من الهدر والفساد في كل القطاعات".

 

وبما يخص كتلة الرواتب أوضح الحلقي أن كتلة الرواتب للعاملين في الدولة والمتقاعدين السنوية تبلغ 600 مليار ليرة وهي تقوم بدفعها رغم كل المحاولات اليائسة لعدم تمكين الحكومة من الوفاء بالتزاماتها تجاه مواطنيها.

 

وأكد رئيس مجلس الوزراء استمرار الحكومة في تقديم الدعم الإغاثي للمتضررين جراء الأعمال الإرهابية من خلال تأمين 976 مركز إقامة مؤقتة ومدها بكل المستلزمات والخدمات الطبية والسلات الغذائية مبينا أنه رغم كل الدعم من المنظمات الأهلية والدولية إلا انه "ما تزال هناك فجوة تمويلية لتأمين الزيادات الإغاثية للأسر المتضررة" حيث بلغ مجموع الإنفاق على العمل الإغاثي منذ عام 2012 الى الآن أكثر من 15 مليار ليرة تقوم الحكومة بتأمينها بالتشارك مع المنظمات الدولية والمجتمع الأهلي حرصاً منها على تأمين الحياة الكريمة لأبناء الوطن في الداخل إضافة إلى رصد 30 مليار لمشروع إعادة الإعمار لبعض المناطق ومساعدة الأهالي على العودة إليها في عام 2013.

 

واعتبر الحلقي أن "الفساد الإداري يفوق بآثاره ونتائجه أحياناً الفساد المالي" وأن الحكومة تسعى لمعالجتهما من خلال هيئات رقابية حكومية تتخذ قرارات حازمة إضافة إلى معالجة الترهل الإداري وضرورة التزام العاملين في الدولة بأداء واجباتهم الوظيفية ومحاسبة المقصرين والمتقاعسين.

 

وأوضح رئيس مجلس الوزراء أن صرف العامل من الخدمة يتم "بقرار من لجنة وزارية مهنية وموضوعية تثبت تورط العامل في فساد إداري أو مالي أو تغيبه عن العمل لأسباب غير مبررة" افتا إلى أن عدد العاملين في الدولة يبلغ 5ر2 مليون عامل وأن ما تم صرفه من الخدمة إلى الآن لا يتجاوز 4000 عامل وتمت إعادة 40 عاملا منهم إلى العمل.

واشار الحلقي الى أن الحكومة قامت بتعزيز الاستفادة من منافذ القطاع العام لمؤسسات التدخل الإيجابي وزيادة الانتشار الأفقي والتي وصل عددها إلى أكثر من 3000 منفذ تعرض فيها كل السلع الأساسية المدعومة إضافة إلى إمكانية دعم قطاع الدواجن لتأمين متطلبات السوق المحلية ودعم الإنتاج الزراعي باعتباره قطاعا ذا أولوية وتأمين مراكز تخزين آمنة لموسم الحبوب الحالي والاهتمام بزراعة البطاطا والشوندر السكري.

 

وقال الحلقي إن الحكومة اتخذت قرارا بنقل مراكز الإنتاج للقطاع العام والخاص الى مناطق آمنة من أجل دفع العملية الإنتاجية للأفضل وكذلك دعمها للشركات والمؤسسات الحكومية التي ستساهم في مرحلة الإعمار المستقبلية وإن تعاون الحكومة مع المنظمات الدولية يأتي في إطار تعاون فني وتقني وليس ماليا.

 

وشدد رئيس مجلس الوزراء على "أن إعمار سورية لن يكون إلا بأياد وخبرات وشركات وطنية" من خلال عملية نوعية متكاملة تبدأ ببناء الإنسان بدءاً من الأسرة والمدرسة والمنظمات الشعبية وخاصة أن بناء الوطن يحتاج لعملية تكاملية بين جميع أبنائه معربا عن ثقته بإعادة جيشنا الباسل الأمن والاستقرار إلى كل المناطق التي عبث بها الإرهابيون.

 

من جانبهم دعا رؤساء وأعضاء الاتحادات والنقابات العمالية في المحافظات إلى تشكيل لجان وزارية لتحليل الواقع الاقتصادي والاجتماعي ورسم خطط إسعافية تستجيب للمتطلبات وفق اولويات الأماكن والقطاعات الأكثر تأثرا من الأزمة مطالبين بالتشدد في "محاسبة الفاسدين وتجار الأزمة والمتهربين ضريبيا وجمركيا".

 

وأشاروا الى أن معامل الشركة العامة للأسمدة تعاني من صعوبات في توفر الكهرباء بشكل دائم وتأمين قطع الصيانة إضافة لنقص اليد العاملة وتراجع استجرار المصرف الزراعي التعاوني للسماد المنتج ووصول الكميات المخزنة من اليوريا في المستودعات الى مستويات مرتفعة داعين لتشميل العاملين في الشركة العامة للمخابز بالتأمين الصحي وتوحيد شركات التأمين الصحي بمرجعية واحدة تضمن تقديم الخدمة بشكل دائم وتخصيص المناطق التي تشهد استقبال اعداد كبيرة من المهجرين بمشاف.

 

وطالب الأعضاء بتخصيص أرض لبناء السكن العمالي في محافظة اللاذقية واعتماد آلية لبيع القطع الأجنبي من المصارف العامة الى المواطن بشكل مباشر وإعادة النظر في شروط صرف العاملين من الخدمة وزيادة الرقابة على الأسواق والأسعار ومضاعفة أعداد المراقبين التموينيين وزيادة الاهتمام بالقطاع الصناعي ونقل المنشآت والمعامل إلى أماكن تتيح متابعة الإنتاج.

 

وأشار المهندس عمر غلاونجي نائب رئيس مجلس الوزراء لشؤون الخدمات وزير الإدارة المحلية الى تركيز استراتيجيات الحكومة في هذه المرحلة على أربع أساسيات تتعلق باستمرار توفير المواد المعيشية الأساسية ودعمها وتقديم خدمات المياه والكهرباء والصحة والنظافة وغيرها وإعادة المهجرين الى بيئاتهم الاجتماعية إضافة لتقديم المساعدات الإنسانية الإغاثية لهم موضحا أن جهود الحكومة أثمرت في "إعادة مليون مهجر الى أماكن استقرارهم وإعادة تأهيل البنى الأساسية والخدمات فيها ومتابعة أوضاع المهجرين بشكل دائم".

 

وأكد غلاونجي أن لجنة إعادة الإعمار تتابع عملها في بناء قاعدة بيانات متكاملة لتحليلها ووضع خطة استجابة تحدد أولويات الحلول على ثلاث مراحل إسعافية ومتوسطة وطويلة الأمد تتيح معالجة آثار الأزمة بشكل تفاضلي من خلال التركيز على الفئات والمجتمعات والقطاعات الأكثر تضررا.

 

بدوره لفت وزير الصحة الدكتور سعد النايف إلى الجهود المبذولة في هذه المرحلة لتأمين الدواء والتجهيزات الطبية بما يتناسب مع زيادة الطلب على الخدمات الصحية في بعض المناطق.

 

وبين وزير العمل الدكتور حسن حجازي أن الوزارة تعد دراسة لتثبيت العمال المتعاقدين و"النظر في صرف رواتب من أقرت المحكمة المسلكية براءته في قضايا كف اليد والسعي مع الجهات المعنية وأرباب العمل لزيادة الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص".

 

وأوضح وزير الصناعة كمال الدين طعمة أن "معمل السماد الفوسفاتي سيقلع قريبا بعد توفير التسهيلات الكافية للإنتاج" بينما يعمل معمل إنتاج أسمدة اليوريا ونترات الأمونيا "بطاقة كافية" ومستودعاته تحوي مخزونا ضمن الحدود الطبيعية والكميات الموجودة وشروط السلامة تمنع حدوث أي خلل يهدد المعمل والمناطق المجاورة مشيرا الى توقف الإنتاج في بعض المراحل نتيجة الظروف الاستثنائية وعدم توفر الكهرباء والغاز وتعطل قطارات نقل الفوسفات.

 

وأكد وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية الدكتور خضر الأورفلي أن المرحلة المقبلة تتطلب تعاون جميع الجهات لإعادة الإعمار و"محاربة الفساد الاداري والمالي" مشيرا الى أهمية زيادة فاعلية عمل المصارف للقيام بدور أساسي في تجاوز الأزمة.

 

ولفت وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك سمير قاضي أمين إلى دور مؤسسات التدخل الإيجابي في خفض الأسعار الى جانب زيادة عدد منافذ البيع فيها وتخصيص بعضها ضمن الوزارات مؤكدا ضرورة التشدد في رقابة الأسواق من حيث المواصفات والأسعار ومحاسبة المخالفين.

التعليقات