سيريا ديلي نيوز – علي حسون

قد يكون "التشهير" أو ما اتفق على تسميته بالقوائم السوداء حقّق نتائج إيجابية وفعالة في بعض البلدان وساهم في الارتقاء بجودة المنتجات، إلا أن هذا السلاح الذي حاولت الحكومة تبنيه وأخذ حيّزاً واسعاً من الجدل لم يأخذ طريقه إلى التطبيق على الأقل إلى الآن باعتراف وزارة التجارة الداخلية، بعدما باءت جميع الإجراءات والمحاولات بالفشل في حماية المستهلك ولجم ارتفاع الأسعار التي طالت كافة السلع والمواد الغذائية والاستهلاكية.

 

ولمن لايعرف فإن هذا الإجراء شبه مطبّق ولكن بأسلوب غير معلن قوامه الصحيفة الرسمية التي طالما استهلت أعدادها التي تصدرها وزارة المالية بحجز احتياطي على أموال المتهربين ضريبياً أو المخالفين أو الملاحقين قضائياً لتحصيل حقوق وأموال عامة، وهذا الأمر لا يتعلّق بأشخاص فقط بل بشركات حيث يتمّ حرمانها من التعامل، وهذا ما يعتبره البعض أسلوباً من أساليب التشهير التي حاولت الحكومة التوسع بها ليشمل المخالفين وإدراج أسمائهم في الصحف الرسمية ووسائل الإعلام، إلا أنه بحاجة لتعديل القوانين حسب رأي معاون وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك محمود المبيض الذي أوضح أن قانون ضبط الأسواق كفيل بضبط أسعار السلع والمنتجات والخدمات، ويتضمّن فرض عقوبات رادعة وغرامات مالية بحق المتلاعبين بالأسعار.

 

على حساب آخر

 رئيس جمعية حماية المستهلك عدنان دخاخني اعتبر أن الخاسر الوحيد هو المستهلك كون مخالفة التاجر وعقوبته لن تعود بالفائدة عليه، معتبراً أن تطبيق قانون نشر القوائم السوداء بحاجة لدقة متناهية وتكليف أشخاص ذوي سوية عالية من الأخلاق والدراية بهذا الموضوع كي لا ينعكس سلباً على المنتج الوطني. وأشار دخاخني إلى أن وزارة التجارة كانت تنشر سابقاً أسماء التجار المخالفين دون التثبّت من حقيقة المخالفات الجسيمة، وهو أمر تمّ تداركه في هذه القوائم عبر وضع ضوابط شديدة تمنع اتهام التجار والصناعيين دون إثبات إدانتهم بموجب القانون، الذي يؤدي غيابه فعلياً إلى إفساح المجال أمام المزاجية والكيدية ومحاربة منتج معيّن على حساب منتج آخر.

 

ولفت دخاخني إلى أن بعض الدول المعادية استغلت الموضوع وبدأت تنشر على صحفها اليومية عناوين عريضة تقول بعدم صلاحية المنتج السوري للاستهلاك البشري مما أضرّ بسمعة المنتجات الوطنية.

 

طرف ثالث

وشدّد دخاخني على ضرورة وجود طرف ثالث مستقل مشهود له بالنزاهة والاستقامة يحكم بين الجهات الحكومية وأصحاب الفعاليات الاقتصادية، بغية إبعاد الفساد عن هذه القوائم. فقد يفعل التاجر المخالف المستحيل من أجل منع نشر اسمه ضمن القائمة السوداء خوفاً من تشويه سمعته التجارية، ما يفقد هذه القوائم أهميتها في حماية المستهلك وكبح ممارسات التاجر الخاطئة، علماً أن هذه القوائم غايتها مساعدة المستهلك على التمييز بين المنتجات الضارة والمنتجات السليمة، ولا تهدف إلى التشهير، وبالتالي الإساءة للأشخاص أو الشركات المصنّعة أو المستوردة للمادة، ولاسيما أن كلمة واحدة قد تفسر بأكثر من معنى.

 

خطوات دقيقة

دخاخني اعتبر عدم وجود ثقافة استهلاكية حقيقية عند المواطن مشكلة رئيسية وخاصة خلال هذه الأزمة، ويتمثّل ذلك بتجنبه الشكوى للجهات المختصة جراء تعرّضه للغش بالأسعار والمواصفات، مضيفاً: إن هذه الثقافة ساهمت في إحداث حالة فوضى بالأسواق أثرت عليه قبل أي طرف آخر.

 

وأبدى دخاخني تخوّفه من سلبيات القوائم أكثر من إيجابياتها، ما يفترض اتخاذ خطوات دقيقة ووضع ضوابط حقيقيّة ملزمة للطرفين: التاجر، والحكومة صاحبة السلطة في اتخاذ القرار الذي قد يسيء للتاجر وتتضرر سمعته من نشر اسمه في الإعلام. وأخيراً لابد من التأكيد على أنه مهما بلغت قوة القوانين أو القرارات الصادرة وتمّت صياغة تعليماتها وفق أرقى القوانين العالمية سيبقى أثرها محدوداً في حال غياب الأخلاق وحسّ المسؤولية لاسيما في الأزمات، ولهذا تبرز أهمية القوائم البيضاء والسوداء الرامية إلى تأمين احتياجات المستهلك وفق المواصفات المطلوبة وبالتالي تدعيم المنتج الوطني والحفاظ عليه.

Syriadailynews


التعليقات


فايز البواب
اعتقد بان الذي ينشر اسمه بالقوائم السوداء بعد المحاكمة .. لايحق لنا اخذ عين الرأفة والشغقة عليه لانه اخذ فرصته من الدفاع عن نفسه وعن منتجه .. اتمنى ان تكون مؤسسة القضاء هي الفصل بين التاجر والمواطن . وان لاتكون الاتهامات والاشاعات هي الجهة التي يعتمد عليها .