بالتأكيد أننا كسوريين نتطلع دوماً للتميز على كافة المستويات والسبل، ومما لا شك فيه أننا وخصوصا في دمشق نعتز كثيراً بإنجازاتنا العمرانية التي تجعل من دمشق الجميلة جميلة أكثر، لكن أعتقد أننا اليوم أمام تطور خطير جداً في مجال المشاريع العمرانية والذي من حسناته المرئية أنه سيضفي جمالية وتطوراً لهيكل دمشق العمراني لكنه في المقابل سيفتح الباب لتطور وتفشي ظاهرة خطيرة جداً على جسد دمشق من خلال ما تم ويتم الآن بناءه من أبنية مخالفة للأنظمة والقوانين في قلب العاصمة دون وجود رقيب أو حسيب يتصدى لهذا العبث الهمجي بجسد دمشق عاصمتنا.

ليس خفياً على كل من يقطن في الزاهرة القديمة أو يمر بها مروراً ولو عن بعد أنه يشاهد يوماً بعد يوماً علواً طابقياً يزداد ارتفاعاً في بعض الأبنية التي تم ويتم تشييدها، وبالتأكيد فإن من ينظر إلى هذه الارتفاعات المستمرة يعتقد للوهلة الأولى أنها ارتفعت بناءً على تراخيص بناء تخضع للرقابة وروعيت في ارتفاعها الأنظمة والقوانين، إلا أن الحقيقة المرة أيها السادة أنها في معظم حالاتها عبارة عن تجاوزات بناء لا تستند لأي مستند قانوني أو تشريعي أو ربما أنها لا تستند إلا على ثقل ووزن نفوذ المتعهد أو صاحب البناء والذي أسفاً أصبح هو المستند الأقوى والفعال في التجاوز على الأنظمة والقوانين علماً بأن هذا الحي وأقصد بالطبع الزاهرة القديمة هو في قلب العاصمة دمشق وبالتالي فإنه يخضع إدارياً لمحافظة دمشق التي لا نعلم سبباً منطقياً يبرر سكوتها على الخطأ أو صمتها في تفسيره أو غض النظر عنه وهي المكلفة من قبل القيادة والسوريين بالمحافظة أولاً على جمالية دمشق وتنظيمها العمراني وكبح جماح العابثين بجماليتها وردعهم، فهل من المنطقي أن تغض المحافظة نظرها عن هذه الظاهرة الخطيرة وهي على مرأى نظر القاصي والداني دون أن تكلف أجهزة الرقابة بالتصدي لها؟... وهل هذه الظاهرة هي بناء طابقي مؤلف من طابق واحد وفي زاوية من حارة صغيرة حتى يستعصي على المراقبين رؤيته ومعاقبة المخالفين؟!... هل تضع محافظة دمشق بالحسبان أن إزالة أي بناء بعد أن يرتفع بهذه الطريقة الجنونية لعدة طوابق قد يصبح عمليه مستحيلة خصوصاً إذا ما تم إشغاله بالسكان؟!... هل أصبح جسد دمشق سلعةً رخيصة تباع وتشترى من قبل بعض ضعاف النفوس من الموظفين؟!... هل أصبح النفوذ هو القانون الذي ترضخ أمامه ولأجله القوانين التشريعية والأنظمة؟!... هل تغفل محافظة دمشق عن الآثار المستقبلية الناتجة عن هكذا ظاهرة من ضرر للمواطنين الذين سيبتاعون الشقق السكنية في هذه الأبنية المخالفة؟!... وهل يستلزم ردع المخالفين والعابثين بدمشق من تجار الأزمة هؤلاء تذكيراً حتى ولو من قبلنا نحن كسلطة رابعة وعلى الرغم من أن هذا الدور مناط بنا؟!

هذه التساؤلات المشروعة ليس دافعها سوى الحرص منا كمواطنين أولاً وقبل أي دافع آخر على أن يبقى السوري وخصوصاً في هذه الأزمة يرى بأم عينه كيف أن الأنظمة والقوانين ما زالت هي الحكم والفيصل في دفع الضرر عنه وعن دمشق وعن سورية وطنه بالمجمل وأعتقد أن رؤيته لقانون يطبق بحذافيره على الجميع هي الرؤية الصحية والمفترضة وأجمل بكثير من أن يرى أبراجاً سكنية وتجارية تمتد في السماء وكأنها تسابق علو أبراج سنغافورة لأنه وببساطة شديدة لا مجال للمقارنة بين الحالة السورية في الزاهرة والحالة في سنغافورة لأن الحالة هناك لا يمكن أن يتخللها تجاوزات على القانون وبالتأكيد لا يمكن أن تخضع عملية ردعها لنفوس ضعيفة من الممكن أن تتاجر بجسد عاصمتها في أزمة تمر بها تلك العاصمة وكالتي تمر بها سورية ودمشق.

خالد غندور - Syriadailynews


التعليقات


عرفان
رغم هل الازمة ماعاد يتعلمووو ... ؟؟ شو بدنا نساوي مع هيك عالم ؟؟

أحمد
كل الشكر لك أستاذ خالد على هذا التحقيق ....