مرة أخرى تعود إلى الواجهة ظاهرة جوازات السفر ولكن من باب جديد وغريب بل وخطير إلى درجة لا يمكن السكوت عليها أو التغاضي عنها، فبعد أن طال الحديث عن طول طوابير المراجعين من عراقيل ومصاعب في سعيهم لاستخراج وثائق سفرهم فإننا اليوم أمام مشهد غريب وخطير يتمثل في قيام بعض الوسطاء باستخراج قيود نفوس لمواطنين متوفين واستخراج وتزوير وثائق سفر على أسماء هؤلاء المتوفين لصالح أقرباء لهم على قيد الحياة وبصور شخصية لهؤلاء الأقارب ودون حضورهم إلى دوائر الهجرة أو وضع (البصمة) على الجوازات الجديدة وسط غياب الرقابة اللازمة والضرورية لمثل هذه التجاوزات، وتخاذل بعض الموظفين وتقاعسهم وفسادهم وبالتأكيد تعاونهم في انتشار هذه الظاهرة وتسهيل وتمرير الإجراءات اللازمة لهذه التجاوزات.
فبغض النظر عن عدم مشروعية وجواز ما يحدث، فإن تساؤلات كثيرة تفرض حضورها في مساحة التحليل والاستنتاج لخطوات ونتائج هذه التجاوزات إذ أن استخراج جواز السفر يتطلب كما هو معروف للجميع أوراقاً ثبوتية يتم استخراجها من أكثر من دائرة حكومية كإخراج القيد أو موافقة شعبة التجنيد للذكور دون 42 سنة، وعلى ذلك فإن امتداد الآثار الجانبية الضارة والخطيرة لهذه الظاهرة يتعدى حدود دوائر الهجرة والجوازات مما يؤشر بوجود شبكة من العاملين في هذه الدائرة والدوائر الحكومية ذات الصلة ممن هانت عليهم أمانة العمل الوظيفي مقابل حصولهم على الرشاوى التي هي بالتأكيد المقابل الحتمي والوحيد لتمرير استصدار الأوراق الثبوتية في جميع الدوائر المعنية وذات الصلة وبغض النظر عن أشكال هذه الرشاوى العينية والمادية، كما أن لهذه الظاهرة انعكاسات أخرى لا تقل خطورة عن تقاعس هؤلاء العاملين وبيع ذممهم لأن استحصال أحد الأفراد على وثقة سفر باسم متوفى قريب له وبتبديل الصور الشخصية فقط، قد يؤدي إلى نتائج كارثية ربما حيث التأملات والمتعلقات المادية أو الشخصية التي تتبع لهذا المتوفى هذا مع التركيز بالتأكيد على الأسباب والدوافع التي تحدو بأي فرد لاستخراج وثيقة سفر بغير اسمه الشخصي وذلك من النواحي القضائية أو حتى الأمنية في هذه الظروف الصعبة التي تعيشها البلاد حالياً.
إذن يمكننا القول بأننا أمام ظاهرة فساد خطيرة جداً بل ومن العيار الثقيل الذي يتطلب سرعة التدخل والحزم الكبيرين وعلى أعلى درجة من درجات الشعور بالمسؤولية من قبل الجهات المختصة في وزارة الداخلية لمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة وما يتبعها من آثار وما ينعكس منها مستقبلياً من نتائج حتى لا نصل إلى ما وصلت إليه عمليات التزوير في بعض الدول ومنها دول الجوار التي مرت بأحداث أمنية مشابهة للحدث في سورية ولبتر تلك الأيادي التي تتقاضى الرشاوي والهدايا غير عابئة بحرمة الأموات ومصالحهم ومتعلقاتهم وفي المقام الأول هي تشارك مشاركة حقيقية وفعالة في انتشار الفساد، لذلك فإننا نضع تفاصيل ما ورد برسم السيد وزير الداخلية لفتح تحقق شامل وموسع بهذا الشأن ومتابعة وكشف هذه الحالات من التجاوزات والتزوير واستئصال جذور هذه الظاهرة من العاملين ومحاسبتهم بحزم وشدة لأننا نؤمن بأن هذه المرحلة العصيبة تستوجب منا أن نكون أكثر حذراً بل وحزماً للخروج بسورية معافاة من أسباب الفساد الذي كان أحد الأسباب الحقيقية لهذه الأزمة.

 

سيريا ديلي نيوز - خالد الغندور


التعليقات