أشارت مصادر نقابية حول أسباب تراجع عدد السياح إلى لبنان وضعف الأداء السياحي : «يبدو أن خطة المجلس تعمل عكسيا، إذ يتبين أن النشاط السياحي انحدر نحو الأسوأ». وإذ تؤكد أن «الاستقرار الأمني والسياسي هو الأساس لاستمرار أي نشاط سياحي»، لا تخفي أن «المشكلة مركبة ومعقدة، فهناك السجال السياسي الحاد على كل شيء، حتى على لون السماء، والاهتزاز الأمني محلياً بين الحين والآخر، ما دفع دول الخليج في منتصف العام الماضي، أي قبل بدء موسم الصيف، إلى الطلب من مواطنيها عدم المجيء إلى لبنان، وهناك الاضطرابات السياسية والأمنية التي تشهدها المنطقة، خصوصا الوضع السوري، الذي يزداد تفاقما يوما بعد يوم، ما أدى إلى خسارة لبنان السيّاح الذين يأتون إليه عبر البر بنسبة تفوق 90 في المئة». وتتقاطع معلومات نقابية معـنية بالقـطاع أن «خـطة الترويج لدعـم القطاع السـياحي التي بـدأت في الـثامن من كانـون الثـاني المـاضـي، وانتـهت في 28 شباط الجاري، فشلت فشلا ذريعا»، وأن «عدد من جاء وفق السلّة المحددة للبرنامج، يعدون على الأصابع». وحول الموضوع ، يتنهد مدير فندق في الجبل، قائلا: «لو أطلقنا مئة برنامج لتعزيز النشاط السياحي وتفعليه، لن يفكر سائح واحد بالمجيء إلى لبنان، عندما يسمع أن طفلا خطف من أمام منزله، أو مجموعة من الناس قطعت الطريق لسبب أو آخر، أو يسمع الخطابات النارية لبعض المسؤولين». تختزل تنهيدة مدير الفندق المشهد السياحي، الذي تدنو قطاعات فيه في بيروت والمناطق من الافلاس، في ظل التراجع المضطرد في الحركة منذ بدايات العام 2011، وآخرها تراجع عدد السياح العرب بنسبة 30,51 في المئة في كانون الثاني 2013، بعدما بلغ عددهم 30 ألفا و166 زائرا مقابل 43 ألفا و416 زائرا في الشهر نفسه من العام الماضي، وذلك على الرغم من خطة «المجلس اللبناني للترويج»: «حسم 50 في المئة لخمسين يوما» التي أطلقتها وزارة السياحة بالتعاون مع «طيران الشرق الأوسط»، والقطاعات السياحية. «الوزارة فعلت ما بوسعها» لكن، تؤكد مصادر السياحة لـ«السفير»، أن «الوزارة فعلت ما بوسعها لإنجاح الخطة، والترويج لها، إنما الصدى جاء متواضعا مقابل ما كنا نتوقعه، بسبب تأثير الوضع الاقليمي وبعض الأمور الداخلية، وخوف الكثير من السياح العرب من المجيء إلى لبنان»، وتستدرك قائلة: «لكن يؤمل أن تكون احصاءات شهر شباط، أفضل من شهر كانون الثاني، حيث لوحظ مجيء العديد من الوفود العربية، لاسيما من الكويت». وعلى الرغم من ذلك، يعتبر رئيس «اتحاد نقابات المؤسسات السياحية» بيار الأشقر أن «خطة الترويج، لم تدرس جيداً، وجاءت سريعة، كما افتقدت إلى التسويق». ولا يبتعد رأي نقيب «أصحاب المطاعم والمقاهي والباتيسري» بول عريس عن هذا الرأي، إذ يؤكد لـ«السفير» أن «خطة الترويج على الرغم من أنها كانت خطوة ايجابية، لم تكن مجدية، ولم تحقق ما كنا نتوقعه، بسبب تأزم أوضاع المنطقة والمقاطعة العربية للبنان». صرف موظفين للحدّ من الخسائر وفيما يبدو أن قطـاع المطاعـم والملاهي ما زال قـادرا على التأقلم برغم الوضع السياسي والأمـني المتوتر داخليا وعلى صعيد المنطقة، علمت «السفير» أن «أزمة قطاعي مكاتب السياحة والسفر ووكالات تأجير السيارات السياحية والخصوصية، تتفاقم، ليس لتراجع الأعمال وحسب، بل مع إقدام العديد من أصحاب الوكالات إلى صرف موظفيهم أو بيع سياراتهم للحد من الخسائر، ودفع ما تيسر من التزاماتهم تجاه المصارف». أما على صعيد الفنادق فالصورة تتباين بين منطقة وأخرى، لكن إجمالا، «هناك تراجع عام في نسبة الإشغال، وفي متوّسط تعرفة الغرفة، وتقلّص الإيرادات المحقّقة عن كلّ غرفة متوافرة». فندق 5 نجوم يستعد للإقفال وعلـمت «السفـير» في هذا الإطـار، عن استـعداد فنـدق 5 نجـوم في جونـيه، لإقفـال أبوابـه نتيجة تراكم خسائره، ويضم حوالي 100 موظف». ويأتي إقفـال هـذا الفـندق في حال حدوثه، بعـد إقـفال فندقـين فـي المنطقـة نفسـها فـي الأيـام الأولى من العام 2013، لعدم الانتاجـية، وكانا يوفـران حـوالي 80 فرصة عمل. عـلما أن الـكثير من الفنادق والمؤسسات السياحية، أقفلت أقساما من أجنحتها، بأمل أن تعاود افتتاحها مـع عودة النـشاط إلى طبيعته. ويوضح الأشقر لـ«السفير» أن «هناك العديد من المؤسسات أصبحت شبه مقفلة، لكن لا تريد إعلان ذلك، خوفا من خسارة زبائنها»، كاشفا أن هناك «فندقا في برمانا صرف 70 موظفاً أخيرا». ويؤكد أن نسبة الاشغال لا تزال «متدنية» مقارنة مع السنوات الماضية، إذ بلغت في الشهرين الأولين في قطاع الفنادق 38 في المئة مقابل 45 في المئة في الفترة نفسها من العام الماضي. وهذا ما يؤكده أمين عام «اتحادات النقابات السياحية» جان بيروتي أيضا، موضحا لـ«السفير» أن هناك «تراجعا حادا في اقبال السياح عموما، خصوصا من دول الخليج والأردن وإيران». وإذ يؤكد الأشقر أن «نسبة الحجوزات لفصل الربيع شبه معدومة، فالقطاع يعيش كل يوم بيومه»، يقول: «العين الآن على فصل الصيف»، آملا ألا يتكرر ما حدث عشية موسم الصيف الماضي، عندما طلبت الدول الخليجية من مواطنيها عدم السفر إلى لبنان. مضاربة غير مشروعة ويكشف بيروتي أن «الخوف هو من استمرار انعدام الحجوزات لفصل الربيع»، مشيرا إلى أن «نسبة الاشغال في كانون الثاني الماضي، تراوحت في بيروت والمناطق بين 30 و40 في المئة»، وبعدما يفيد بأن هذه النسبة مشابهة لنسبة الفترة نفسها من العام الماضي»، يوضح «لكن هناك في المقابل، تراجعا في الأسعار حوالي 20 في المئة عن السنة الماضية، لقلة الطلب». علما أن «العديد من المؤسسات السياحية تقدم حسومات تفوق 50 في المئة، ولا تجد زبائن فيها، فضلا عن اقدام العديد من فنادق 5 نجوم على تقديم غرف لزبائنها بأسعار 3 نجوم، ما يعد مضاربة غير مشروعة». ويصف الأشقر ما يحدث في القطاع الفندقي بـ«العجيبة»، إذ «في بعض الأماكن هناك ارتفاع في نسبة الإشغال لكن في الوقت نفسه، الأسعار إلى مزيد من التراجع، بل هناك كسر في الأسعار من 150 دولارا للغرفة مثلا إلى 70 و50 دولارا، أي تصل أحيانا إلى حسم 70 في المئة من سعر الغرفة بهدف جذب السائح، وقد أدى هذا الوضع إلى تراجع المداخيل حوالي 40 في المئة مقارنة مع السنوات الماضية». ويلفت الأشقر وبيروتي الانتباه إلى أن «ما عزز النشاط أخيرا، هو عقد رجال أعمال سوريين اجتماعاتهم مع عملائهم العرب والأجانب في بيروت، إضافة إلى اقامة العديد من الشركات الكبرى في المنطقة مؤتمراتها السنوية في العاصمة، من دون نسيان الاقبال الملحوظ من السياح العراقيين». «لا أزمة حادة في المطاعم» وعلى الرغم من «تراجع أعمال قطاع المطاعم حوالي 30 في المئة في مقارنة مع الفترة نفسها من العام 2010»، لكن، ما يعد «ظاهرة غريبة وغير مفهومة»، وفق تعبير عريس، أن «قطاع المطاعم، لا يشهد أزمة حادة، كما في قطاعي الفنادق والسيارات السياحية»، و«الظاهرة الثانية» هي «افتتاح مطاعم جديدة في العديد من المناطق مقابل مطاعم أخرى تقفل أبوابها». ويرى أن «أصحاب المطاعم تمكنوا حتى الآن، من التكيف مع الأوضاع الطارئة، عبر تقليل المصاريف من جهة، وخفض الأسعار من جهة ثانية». وعلى صعيد حركة الاستثمار في القطاع، يعتبر عريس أنها «ما زالت مقبولة»، مشيرا إلى أن «هناك مؤسسات جديدة فتحت أبوابها في مار مخايل، والحمرا، وجونية، والأشرفية التي شهدت اقفال مطعمين، بسبب عدم قدرتهما على تحمل المزيد من الخسائر». وينفي عريس توجه القطاع السياحي قريبا، اطلاق أي تحرك احتجاجي، معلقا «التحرك ضد من، ولمن في ظل هذا الوضع؟». ويضيف «كل ما نطالب به هو الاستقرار الأمني، وعودة السياح العرب إلى لبنان، وطمأنة المغتربين اللبنانيين لقضاء إجازاتهم في بلدهم». تراجع عدد السياح 15,40% في المقابل، وبعدما انتهى العام 2012 بتراجع عدد السيّاح بنسبة 17,47 في المئة (مليون و365 ألفا و845 سائحا، مقارنة مع مليون و655 ألفا و51 سائحا خلال العام 2011)، انتهى الشهر الأول من العام 2013 بتراجع عدد السياح بنسبة 15,40 في المئة، إذ بلغ العدد الإجمالي للوافدين 81 ألفا و60 زائرا، مقابل 95 ألفا و816 زائرا في كانون الثاني من العام 2012. وإذ تلحظ احصاءات وزارة السياحية، ارتفاعا طفيفا في عدد الوافدين من دول أميركا (3,962 في المئة) وأوروبا (0,43 في المئة) في كانون الثاني 2013، تسجل في المقابل، تراجعا في عدد الوافدين من دول آسيا (-13,439 في المئة) وأفريقيا (-16,88 في المئة). وتعليقا على هذه النسب، يوضح بيروتي أن هناك «تراجعا حادا في اقبال السياح عموما، خصوصا من دول الخليج والأردن وإيران». وإذ يؤكد أن «فصل الشتاء ليس للسياح الأوروبيـين، الذين يأتون عـادة في الربيـع والخريف»، يرجح أن «الارتفاع الطفيف في الوافدين من أوروبا إلى لبنان سببه حركة قوات الطوارئ الدولية». العرب أولاً والأوروبيون ثانياً ووفق القراءة الرقمية لـ«مصلحة الأبحاث والدراسات والتوثيق» في وزارة السياحة، لشهر كانون الثاني 2013، حلّ الوافدون العرب في المرتبة الأولى، وعددهم 30 ألفاً و166 زائرا (27 في المئة من مجمل الزوار)، وهم: أولا: العراقيون 7 آلاف و727 زائرا (26 في المئة من مجمل الزوار العرب) ثانيا: الأردنيون 6 آلاف و520 زائرا (22 في المئة) ثالثا: السعوديون 5 آلاف و146 زائرا (17 في المئة) وأتى الوافدون من الدول الأوروبية في المرتبة الثانية، وعددهم 25 ألفاً و536 زائرا، أي 32 في المئة من مجمل الزوار، وهم: أولا: الفرنسيون 6 آلاف و555 زائرا (26 في المئة من مجمل الزوار الأوروبيين) ثانيا: البريطانيون ألفان و998 زائرا (12 في المئة) ثالثا: الألمان ألفان و895 زائرا (11 في المئة) وحـلّ الوافـدون من قارة أمـيركا فـي المرتبـة الـثالثة، وعددهم 11 ألفاً و492 زائراً، أي بنسبة 14 في المئة من مجمل الزوار، وهم: أولا: الولايات المتحدة 5 آلاف و588 زائرا (49 في المئة من مجمل الزوار من قارة أميركا). ثانيا: الكنديون 3 آلاف و960 زائرا (35 في المئة.) واحتل المرتبة الرابعة، الوافدون من قارة آسيا، وعددهم 7 آلاف و832 زائرا، منهم ألف و58 إيرانياً.

التعليقات